الأربعاء , أبريل 17 2024

من أوراق التاريخ | عمورية .. 17 رمضان

فى سنة 223 هـ وعلى أطراف الدولة الإسلامية، فى عمورية، هجم الروم على المدينة هجوما سافر، وأسروا منها من أسروا، ووقعت امرأة مسلمة فى يد الأسر فاستنجدت ونادت: واامعتصماه .. واامعتصماه، وطار الخبر إلى المعتصم خليفة المسلمين ، فهز النداء نخوته ، وأثار رجولته ، وانتفض عن سريره قائلاً : لبيك .. لبيك.

فتح عمورية

ونهض لتوه ولبس درعه، وتقلد سلاحه، وحمل حقيبته، وركب حصانه، وصاح بالنفير وهو على باب قصره ببغداد، وأقسم ألا يعود إليه إلا شهيدا محمولا على الأعناق، أو ظافرا منتقما للمدينة المنكوبة، والمرأة المسلمة المغصوبة.

وجهز جهازا لم يسبق لخليفة أن جهز مثله، وانطلق إلى عمورية، ولم تغب شمس السابع عشر من رمضان، إلا وكانت المدينة قد فتحت أمام جيوش المسلمين، ودخل المعتصم عمورية فاتحا لها، ومجففا لدموع أهلها.

أحداث المعركة:

وقعت معركة عمورية، بين الخلافة العباسية بقيادة المعتصم بالله، وبين الإمبراطورية البيزنطية بقيادة توفيل بن ميخائيل، في رمضان من عام 223 هـ، 838 م، وكان السبب الرئيسي هو رد كرامة إمرأة عربية تدعى شراة العلوية، بسبب هجوم الإمبراطور البيزنطي توفيل على ثغري ملطية (في تركيا حاليًا) وزبطرة في العام السابق للمعركة وقيامه بتخريبهما وأسر الكثير من النساء فساء هذا المعتصم وقرر الأخذ بالثأر، وتعد عمورية أهم مدن الإمبراطورية البيزنطية، وهي عين النصرانية وبنكها؛ وهي أشرف عندهم من القسطنطينية.

سار المعتصم إلى عمورية في جحافل كثيرة عديدة ، وعند سروج قسم المعتصم جيشه إلى فرقتين: الأولى بقيادة الأفشين، ووجهتها أنقرة، وسار هو بالفرقة الثانية، وبعث المعتصم أشناس بقسم من الفرقة التي يقودها إلى أنقرة ولكن من طريقٍ آخر، على أن يلتقي الجميع عند أنقرة.

ووقعت معركة آيزن أو دزمون في 25 شعبان بين الأفشين وتوفيل وانهزم الجيش البيزنطي وهرب توفيل إلى القسطنطينية، ووصلت أنباء الانتصار للمعتصم فواصل السير حتى التقت جميع أقسام الجيش عند أنقرة فدخلوها وكان أهلها قد هربوا منها بعدما سمعوا بهزيمة ملكهم توفيل.

واصل المعتصم سيره جنوبًا إلى عمورية ووصلت طلائع الجيش بقيادة أشناس في 5 رمضان ووصل المعتصم 6 رمضان، وفي هذه الأثناء انتشرت شائعات في القسطنطينية بأن توفيل قُتل، ولما وصل توفيل إلى القسطنطينية وجد نفسه أمام ثورة فانشغل بها ولم يستطع مساعدة عمورية، فاضطر لإرسال اعتذار للمعتصم عما حصل لملطية ويبين مبرراً أن ما حصل كان خلاف أوامره ويعده بأن يعيد الأسرى ويبني المدينة من جديد، لكن المعتصم رفض هذا العرض.

وحاصر المعتصم عمورية 11 يومًا، حتى اكتشف ثغرة في بناء الحصن، وكان هذا الموضع مبني بناءً ضعيفاً، بلا أساس، فنصب المعتصم المجانيق حول عمورية فكان أول موضع انهدم من سورها ذلك الموضع، وكان هناك خندقاً عميقاً حول عمورية، فقرر المعتصم أن يفرق الأغنام بين الجنود وأن يأكل كل رجل رأسا ويجيء بملء جلده ترابا فيطرحه في الخندق، ففعل الناس ذلك فتساوى الخندق بوجه الأرض وصنع جسراً تمر منه الدبابات، وسقط السور.

ودخل المعتصم وجنده مدينة عمورية في (17 رمضان 223 هـ – 12 أغسطس 838 م)، وتكاثر المسلمون في المدينة وهم يكبرون ويهللون ، وتفرَّقت الروم عن أماكنها ، فجعل المسلمون يقتلونهم في كل مكان، وتمكن الجيش الإسلامي من القبض على مناطس، وسيق أسيرا للمعتصم.

وكتب الشاعر أبو تمام بمناسبة فتح عمورية :

السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ                  في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ

بيضُ الصَّفائحِ لاَ سودُ الصَّحائفِ في              مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ

والعِلْمُ في شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَة                      بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافي السَّبْعَة ِ الشُّهُبِ

أَيْنَ الروايَة ُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا                       صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ

تخرُّصاً وأحاديثاً ملفَّقة                     لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ ولاغَرَبِ

عجائباً زعموا الأيَّامَ مُجْفلة                عَنْهُنَّ في صَفَرِ الأَصْفَار أَوْ رَجَبِ

وخَوَّفُوا الناسَ مِنْ دَهْيَاءَ مُظْلِمَة                       إذا بدا الكوكبُ الغربيُّ ذو الذَّنبِ

وصيَّروا الأبرجَ العُلْيا مُرتَّبة             مَا كَانَ مُنْقَلِباً أَوْ غيْرَ مُنْقَلِبِ

يقضون بالأمر عنها وهي غافلة                      ما دار في فلك منها وفي قُطُبِ

لو بيَّنت قطّ أمراً قبل موقعه               لم تُخْفِ ماحلَّ بالأوثان والصلُبِ

فَتْحُ الفُتوحِ تَعَالَى أَنْ يُحيطَ بِهِ              نَظْمٌ مِن الشعْرِ أَوْ نَثْرٌ مِنَ الخُطَبِ

فتحٌ تفتَّحُ أبوابُ السَّماءِ لهُ                  وتبرزُ الأرضُ في أثوابها القُشُبِ

يَا يَوْمَ وَقْعَة عَمُّوريَّة انْصَرَفَتْ                        منكَ المُنى حُفَّلاً معسولة َ الحلبِ

أبقيْتَ جدَّ بني الإسلامِ في صعدٍ                       والمُشْرِكينَ ودَارَ الشرْكِ في صَبَبِ

2 تعليقات

  1. من أوراق التاريخ | عمورية .. 17 رمضان

    فى سنة 223 هـ وعلى أطراف الدولة الإسلامية، فى عمورية، هجم الروم على المدينة هجوما سافر، وأسروا منها من أسروا، ووقعت امرأة مسلمة فى يد الأسر فاستنجدت ونادت: واامعتصماه .. واامعتصماه، وطار الخبر إلى المعتصم خليفة المسلمين ، فهز النداء نخوته ، وأثار رجولته ، وانتفض عن سريره قائلاً : لبيك .. لبيك.

  2. كنت اظن ان الاسير كان الامبراطور نفسه ميخائيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *