السبت , أبريل 20 2024

فتح مكة (1) أسبابها والاستعداد للخروج

نتناول في هذه المقالة فتح مكة (1) أسبابها والاستعداد للخروج من كتاب السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث للدكتور على محمد الصلابي، باختصار وتصرف.

ذات صلة:

banar_group

فتح مكة (1) أسبابها والاستعداد للخروج

1-أسبابها والاستعداد للخروج:

الأسباب:

1-ارتكبت قريش خطأ فادحاً عندما أعانت حلفاءها بني بكر على خزاعة حليفة المسلمين بالخيل والسلاح والرجال، فقد قتلت بنو بكر من خزاعة أكثر من 20 من رجالها، فلما دخلت خزاعة في الحرم قال نوفل لهم: لا إله اليوم يا بني بكر أصيبوا ثأركم.

عندئذ خرج عمرو بن سالم الخزاعي في أربعين من قومه إلى النبي صلى الله عليه وسلم و أخبروه بما كان من قريش وطلبوا النبي صلى الله عليه وسلم بنصرتهم وفقاً للمعاهدة.

فقال صلى الله عليه وسلم: نصرت يا عمرو بن سالم، لا نصرني الله إن لم أنصر بني كعب ولما تأكد النبي صلى الله عليه وسلم من الخبر أرسل إلى قريش يقول: أما بعد فإنكم إن تبرءوا من حلف بني بكر، أتدوا خزاعة (أي تدفعوا دية قتلاهم)، وإلا أوذنكم بحرب.

فقال قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف صهر معاوية: لا نبرأ من حلفهم فلم يبق على ديننا أحد غيرهم ولكن تؤذنه بحرب.

2-أبو سفيان يحاول تلافي حماقة قريش:

بعثت قريش أبا سفيان إلى المدينة لتمكين الصلح وإطالة أمره، فلما كلم النبي صلى الله عليه وسلم أعرض عنه ولم يجبه، فذهب لكبار الصحابة أمثال أبي بكر وعمر وعثمان وعلى حتى يتوسطوا فأبوا جميعاً، ولما دخل على ابنته أم حبيبة أم المؤمنين وأراد أن يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته عنه فقال: يا بنية، ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عني؟ قالت: بل هذا فراش رسول الله وأنت مشرك نجس. قال: والله لقد أصابك بعدي شر.

فعاد أبو سفيان إلى مكة بعد فشله في عقد اتفاق أو عهد.

وقد عزم النبي صلى الله عليه وسلم على فتح مكة فجبهة المسلمين في أوج قوتها بعد تطهيرها من اليهود وإضعاف المنافقين، وقوة المسلمين أقوى قريش الأن عدد وعدة وروح معنوية، وقد انتشر الإسلام حول المدينة، كما أن سبباً قانونياً يلزم غزو مكة وهو نقض العهد، ولم يرغب النبي صلى الله عليه وسلم في تفويت هذه الفرصة.

الاستعداد للخروج في تكتم:

أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بالأسباب ومنها حرصه على كتمان خبر خروجه حتى لا يصل إلى قريش فتتجهز وتصد، ومن هذه الأسباب:

1-كتم أمره عن أقرب الناس إليه كعائشة.

2-إرسال سرية التمويه والخداع: بعث أبا قتادة بن ربعي في 8 أفراد إلى ناحية الشام حتى إذا ما بلغهم خروج النبي لمكة لحقوا به.

3-بعث العيون في الأنحاء لمنع وصول أية معلومة إلى قريش وتولى عمر بن الخطاب مسئولية الطواف على الأنقاب (جمع نقب وهو كالعريف) يقول: لا تدعوا أحداً يمر بكم تنكرونه إلا رددتموه.

4-الدعاء: اللهم خذ على أسماعهم وأبصارهم فلا يرونا إلاّ بغتة ولا يسمعوا بنا إلاّ فجأة.

5-إحباط محاولة تجسس حاطب لصالح قريش: كتب حاطب بن أبي بلتعة كتاباً لأهل مكة يخبرهم بنبأ تحرك النبي إليهم وأرسله مع امرأة مسافرة إلى مكة، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي فأمر علياً والزبير أن يلحقوا بالمرأة وهددوها أن يفتشوها أن لم تخرج الكتاب فسلمته لهم.

واستدعى النبي حاطباً فقال حاطب: يا رسول لا تعجل على، إني كنت امرءاً ملصقاً في قريش. يقول: كنت حليفاً ولم أكن من أنفسها، وكنا معك من المهاجرين من لهم قربات يحمون بها أهليهم وأموالهم فأحسبت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يداً يحمون قرابتي، ولم أفعلت ارتداداً عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام.

فقال صلى الله عليه وسلم: أما أنه قد صدقكم.

قال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق.

فقال صلى الله عليه وسلم: إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله أطلع على من شهد بدراً.

فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.

الشروع في الخروج:

خرج النبي صلى الله عليه وسلم في 10 رمضان 8 هـ في 10 آلاف مقاتل صائمون حتى إذا وصلوا ( الكديد ) أفطر رسول الله وأفطر الناس، وفي ( الجحفة) لقيه العباس مهاجراً بعياله فسرّ النبي صلى الله عليه وسلم به.

إسلام أبي سفيان بن الحارث وعبد الله بن أمية بن المغيرة من مكة فلقيا النبي صلى الله عليه وسلم بثنية العقاب، فالتمسا الدخول للنبي، فكلمته أم سلمة فقالت: يا رسول الله ابن عمك، وابن عمتك، وصهرك. فقال: لا حاجة لي فيهما، أما ابني عمي فهتك عرضي (وقد كان أبو سفيان يهجو النبي بشعره) وأما ابن عمتي وصهري فهو الذي قال لي بمكة ما قال.

فلما خرج النبي خرج الخبر إليهما قال أبو سفيان: والله ليأذن لي رسول الله أو لآخذن بيد ابني هذا ثم لنذهب في الأرض حتى نموت عطشاً أو جوعاً فلما بلغ ذلك رسول الله رق لهما، فدخل أبو سفيان وأنشد شعره يعتني فيه للنبي: فتقبل النبي اعتذارهما وعفا عنهما.

إسلام أبي سفيان:

لما وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى مر الظهران ليلاً أمر الجيش فأوقد النيران فأوقدت 10 آلاف نار، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم على الحرس عمر بن الخطاب.

قال العباس: واصباح قريش والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر.

فأخذ العباس بغلة رسول الله حتى يستطيع التحرك بسهولة حتى وصل إلى موضع به أبو سفيان وحكيم بن حزام وبديل بم ورقاء يشاهدون النيران المشتعلة ولا يدرون لم هذه النيران.

قال أبو سفيان: ما رأيت كالليلة نيراناً قط ولا عسكراً.

فقال بديل: هذه والله خزاعة حمشتها النيران (احرقتها الحرب)

فقال أبو سفيان: خزاعة أذل وأقل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها وسمع العباس أصواتهم وعرفهم فقال: يا أبا حنظلة فقال: أبو الفضل؟ قال: نعم. قال: مالك فداك أبي وأمي.

ففاجأه العباس قائلاً: ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله في الناس، واصباح قريش والله!. قال: فما الحيلة فداك أبي وأمي؟

قال: والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك، فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتى بك رسول الله فأستأمنه لك. قال فركب خلفه ورجع صاحباه وكلما مر العباس وأبو سفيان بنار من نيران المسلمين قالوا: من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله وعليها العباس تركوها، حتى إذا مر بنار عمر بن الخطاب قال: من هذا؟ أبو سفيان عدو الله، الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد.

فأسرع عمر السير نحو رسول الله، والعباس يحاول الإسراع ليسبقه، فلما دخل عمر قال: يا رسول الله هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد فدعني أضرب عنقه. فقال العباس: أني قد أجرته.

فاعترض عمر وأكثر القول في شأن أبي سفيان، فقال العباس: مهلاً يا عمر فوالله لو كان من بني عدى ما قلت هذا، ولكنك عرفت أنه من رجال بني عبد مناف.

فقال عمر: مهلاً يا عباس فوالله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلىّ من إسلام الخطاب لو أسلم، وما بي إلاّ أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب لو أسلم.

فقال صلى الله عليه وسلم: اذهب به يا عباس إلى رحلك فإذا أصبحت فأتني به.

وفي الصباح قال صلى الله عليه وسلم: ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله؟ قال: يا أبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى عني بعد.

قال: ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لكأن تعلم أني رسول الله؟

قال: يا بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، أما هذه والله فإن في النفس منها حتى شيئاً.

فقال العباس: ويحك، أسلم قبل أن يضرب عنقك. فأسلم ثم قال العباس للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً. قال: نعم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن.

ثم قال لعباس: يا عباس، احبسه بمضيق الوادي عند خضم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها. ففعل ورأى القبائل تمر براياتها.

وكان يقول: يا عباس من هذا؟ فيقول: سليم. فيقول: ما لي وما لسليم. ثم تمر الأخرى فيقول: يا عباس من هؤلاء؟ فيقول: مزينة.

فيقول: مالي ولمزينة. حتى إذا مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء وفيها المهاجرين والأنصار لا يرى منهم إلاّ الحدق من الحديد قال: سبحان الله يا عباس، من هؤلاء؟ قال: هذا رسول الله في المهاجرين والأنصار قال: ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة. ثم قال: والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيماً. قال: يا أبا سفيان إنها النبوة. قال: فنعم إذن، قال: ـــــــ إلى قومك.

دروس وفوائد:

1-دعوة النبي لأبي سفيان وإعطاءه ما يفخر به، يدل على حرص النبي على امتصاص الحقد وتثبيت على الإسلام بأن له مكانة لن تنقص بإسلامه.

2-وفي أمر النبي للعباس أن يحبس أبا سفيان عند المضيق يهدف لشن حرب نفسية لإضعاف قريش والقضاء على روح المقاومة.

وكذلك إيقاد 10 آلاف شعلة نار لذات الهدف.

تعليق واحد

  1. كان فتحا عظيما

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *