الخميس , أبريل 18 2024

قصّة يونس عليه السلام | مختصر ابن كثير

نبي الله يونس بن متى عليه السلام والملقب بذي النون، أرسله الله إلى أهل “نينوى” من أرض “الموصل”، وكانوا مائة ألف أو يزيدون، فدعاهم إلى الله عز وجل، فكذبوه وتمردوا على كفرهم وعنادهم، فلما طال ذلك عليه من أمرهم، خرج غاضباً من بين أظهرهم ووعدهم حلول العذاب بهم بعد ثلاث.

فلما خرج من بين ظهرانيهم وتحققوا نزول العذاب بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم إلى نبيهم، فلبسوا المسوح وفرقوا بين كل بهيمة وولدها ثم عجوا إلى الله عز وجل وصرخوا وتضرعوا إليه وتمسكنوا لديه، وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والأمهات، وجأرت الأنعام والدواب والمواشي، فَرَغَت الأبلُ وفصلانُها، وخارت البقر وأولادها، وثغت الغنم وحملانها، وكانت ساعة عظيمة هائلة.

فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذي كان قد اتصل بهم سببه، ودار على رؤوسهم كقطع الليل المظلم.

أما يونس فقد خرج من القرية من دون أن يأذن له ربه، فلما خرج ركب مركباً في البحر، فلجَّت بهم، واضطربت وماجت بهم وثقلت بما فيها، وكادوا يغرقون، فاشتوروا فيما بينهم، على أن يقترعوا، فمن وقعت عليه القرعة ألقوه من السفينة ليتخففوا منه.

فلما اقترعوا وقعت القرعة على نبي الله يونس، فلم يسمحوا به، فأعادوها ثانية فوقعت عليه أيضاً، فشمّر ليخلع ثيابه ويلقي بنفسه فأبوا عليه ذلك، ثم أعادوا القرعة ثالثة فوقعت عليه أيضاً لما يريده الله به من الأمر العظيم.

ولما وقعت عليه القرعة ألقي في البحر، وبعث الله عز وجل حوتاً عظيماً من البحر الأخضر فالتقمه، وأمره الله تعالى ألا يأكل له لحما، ولا يهشم له عظماً، فليس لك برزق، فأخذه فطاف به البحار كلها، وظن يونس أنه قد مات، فقد كان داخل ظلمات الحوت وظلمات البحر وظلمات الليل، فحرّك جوارحه فتحركت، فإذا هو حي، فخر لله ساجداً، وقال: يا رب اتخذت لك مسجداً في موضع لم يعبدك أحداً في مثله. وشعر يونس بأنه أذنب وعوقب بذنبه، فكان مغموماً بما وقع فيه، وراح يردد: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

ظل يونس يستغفر ويسبح الله ويتوب من ذنبه، فاستجاب الله دعاءه، وأمر الله الحوت أن يقذف بيونس إلى البر، ولولا أن يونس كان من عباد الله المسبحين لظل في بطن الحوت إلى يوم القيامة.

كانت الأرض التي خرج إليها يونس أرض عراء وهي مكان قفر ليس فيها أشجار، وكانت حالة يونس سيئة، فقد كان ضعيف البدن سقيم، فأنبت الله له في هذه الأرض شجرة من يقطين (القرع) التي لها أوراق ناعمة وكثيرة ولا يقربها الذباب، والتي يؤكل ثمرها نياً ومطبوخاً، وبقشرها وببزرها، وفيها منافع صحية كبيرة للجسم والعقل.

وهكذ نجى الله يونس لأنه من عباد الله المسبحين، ومنع الهلاك على قوم يونس لأنهم تابوا وآمنوا كلهم عن بكرة أبيهم، فكانت القرية الوحيدة التي يضرب المثل أنها آمنت كلها واستجابت لنبي من أنبياء الله -قبل محمد- فمنع الله عنها العذاب ومتعها إلى حين.

 

 

قصص الأنبياء

تابع أيضاً:

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *