موقع اسكتشات فنون سمعية وبصرية
الشعر الحَـلَمَنْـتيشي ورواده نتناوله في هذه المادة، فما هو الشعر الحلمنتيشي؟ وما الفرق بينه وبين شعر الفصحى؟ ونعرض أيضاً بعضاً من رواده وشعراؤه وأجزاء من شعرهم منذ بدايته وحتى وقتنا المعاصر.
يعرف الشعر الحَـلَمَنْـتيشي بأنه الشعر المتحرر والمتمرد، أو شعر الكاركاتير، وهو أيضاً شعر الزجل أو المنولوج (الفكاهي الهزلي) الذي يجمع بين اللغة العامية الدارجة واللغة الفصحى، وبين الهزل والجد، ليصل إلى قلب القارئ والمستمع بسهولة ويسر، ومنه أيضاً ما يتم فيه الدمج والخلط بين اللغة العربية واللغات الأجنبية الأخرى.
وهو شعر يصف حال المجتمع أو سلوكه الاجتماعي والمشاعر الخاصة بشكل هادف ساخر.
اشتهر في منطقة حوض البحر المتوسط وتحديداً في السودان ومصر ومنه انتشر لباقي الدول العربية.
قد يهمك:
الشعر الحَـلَمَنْـتيشي ورواده
وسبب تسمية الشعر الحلمنتيشي بهذا الاسم تقول بعض الأراء أنه نسبة إلى فرقة تسمى (حلمنتيش) كانت تعرض هذا الشعر، ويقال أيضاً أن كلمة “الحلمنتيشي” مشتقة من “حلا” أي حلاوة الشئ و “منتيشي” من نتش أي جذب، وكلمة النتاش في اللغة الدراجة المصرية هو الفشّار (الذي يسرح بخياله ويحكي قصص ومواقف غير واقعية) أو الكذاب. وبهذا تكون الحلمنتيشي تعني النتش الحلو أو الفشر اللذيذ وهذا هو الرأي الأصح.
ومن شعراء الفصحى الكبار من استهوته اللغة العامية وكتب بها مثل:
أمير الشعراء أحمد شوقي عندما كتب يسخر من نفسه عندما رزق بابنه البكر:
صار شوقي أبا علي * في زمان التَّرَللي
وجناها جناية * ليس فيها بأول
وكان من المواقف الطريفة بين الشعراء أيضاً ما كان بين أحمد شوقي وحافظ إبراهيم:
يقول شوقي:
مال واحتجب * وادّعى الغضب
ليت هاجري * يشرح السبب
ليرد عليه حافظ :
شال وانخبط * وادعى الغلط
ليت هاجري * يبلع الزلط
ولمزيد من طرائف حافظ إبراهيم انقرهنا
رواد وشعراء الشعر الحلمنتيشي:
الشعر الحَـلَمَنْـتيشي ورواده في مصر والعالم العربي لهم متابعين كثر، نعرض هنا بعض من هؤلاء الشعراء وجزء من قصائدهم.
حسين شفيق:
بدأ الشعر “الحلمنتيشي” في مصر الشاعر المصري من أصول تركية حسين شفيق خلال عشرينيات القرن الماضي، وأطلق علي شفيق الشاعر الضاحك أو أبو نوّاس الجديد لخفة ظله.
كان شعر شفيق يصف في بعض الأحيان المشاعر الخاصة، والحالة الاجتماعية والسياسية ومنه ما هو مداعبات هزْلية، بهدف السخرية والفكاهة وإصلاح الواقع.
دمج شفيق بين اللغة العربية والإنجليزية في بعض قصائده، وبدأه بمحاكاة “المعلقات” السبع في العصر الجاهلي، بطريقة ساخرة وسماها “المشعلقات”، ثم تطور في الشعر الحلمنتيشي وحاك أمهات القصائد، وسماها “المشهورات”.
كتب مسرحيات فكاهية باللغة العامية، ويقال أن الشاعر شفيق هو من أطلق على الشعر الساخر اسم الشعر الحلمنتيشي.
ومن أشعاره:
الحب أخرج مقلتي بصباعه * وأذاب قلبي باللهيب بتاعه
سار الوبور إلى بلاد أحبتي * يا ليتني متشعبـط بذراعـه
وقال أيضاً ليكشف فساد المحسوبية والوسطة في زمانه:
أفتش في الديوان عن واحد له * نفوذ لتوظيفي وفكري موزع
يقولون لي هل من وسيط تجيبه * شفاعته عند الرئيس بتنفع
فهل كانت الليسنس لما أخذتها * شهادة تطعيم.. بها أتسكع
إذا كنت ذا عقل فكن ذا صناعة * أو اسرح بفجل حين يمضع يبلع
ومن المشعلقات التي سخر فيها شفيق من المعلقات محاكاته معلقة عمرو بن كلثوم فقال:
ألا هبي بصحنك فأطعمينا ولا تبقي فراخاً أو طجينا
محمرة يتوه الرز فيها إذا ما السمن خالطها سخينا
فهاتي ما استطعت من الصواني ولا تنسي السلطة والطحينة
إذا ما اللحم جاء أمام عيني فلن أعرف سعاداً من أمينة
وحاك قصيدة أبي العتاهية أيضاً فقال:
ألا ما لسيدتي مالها؟ أدلا فأحمل إدلالها
أظن الوليّة زعلانة وما كنت أقصد إزعالها
أتى رمضان فقالت هاتولي زكيبة نُقل فجبنا لها
ومن قمر الدين جبت ثلاث لفائف تتعب شيّالها
وجبت صفيحة سمن وجبت حوائج ما غيرها طالها
فقل لي على إيه بنت الذين بتشكي إلى أهلها حالها؟
ومن مشعلقاته انتقد تحكم الأجانب بالاقتصاد المصري في عصره فقال:
وم الخواجات تأخذ كل شيء بأسعار تجننا جنونا
فآبوا بالفلوس وبالهنايا وأبنا بالشقاء مكضمينا
كبائعة مصاغا أو نحاسا يرن غطاء حلتها رنينا
ولولا أن أوروبا علينا لكنا قد مشينا عريانينا
محمود بيرم التونسي:
واحد من أبرز رموز الشعر الحلمنتيشي في القرن العشرين وهو شاعر مصري من أصل تونسي لقب بأمير الشعر العامي أو أمير الزجل، كتب العديد من الأغاني لكبار المغنين في زمانه التي ما زالت لها أثر في زماننا المعاصر.
وقدم التونسي مجموعة من القصائد من الشعر الحلمنتيشي عارض فيها كبار الشعراء.
ومن أشهر قصائده التي عارض فيها الشاعر عمر بن الفارض قال:
أنتم فروضي ونفلي أنتم حديثي وشغلي
أهل«الكلوب» ومالي عن «الكلوب» تخلي
قضيت فيه حياتي على سبيل التسلي
الناس تلعب يوماً وكان لعبي «تملي»
كفى بجسمي دليلاً وشعري المتدلي
و«بدلة» ليس فيها من النظافة “ملي“
وجزمة بنت كلب منها ترى الناس رجلي
والأكل خبز وفجل لا .. بل، ومن غير.. فجل
وعارض بيرم التونسي قصيدة الشاعر الشريف الرضي فقال:
حطوا الغفير على الدكان يحرسه * فباعه «جملة» لا،، بيع «قطاعي»
جاء «الحرامي» له ليلاً وقاوله * على الذي فيه من مال.. و«أبضاع».
.. والصبح جاء إلى الدكان صاحبه * فلم يجد فيه غير السقف والقاع
قال «المعاون» شغل ليس نعرفه * فاللص لا يسرق المستيقظ الواعي
ومن أشعاره أيضاً:
قال: إيه مراد ابن آدم؟
قلت له: طقه
قال: إيه يكفي منامه؟
قلت له: شقّه
قال: إيه يعجّل بموته؟
قلت له: زقه
قال: حـد فيها مخلّد؟
قلت له: لأه
وأيضاً:
الجهل قال للصنايعي : إخلف المواعيد
و قول لهم بعد بكره , و بعد بكره.. عيد
واحلف لهم بالطلاق , إن القديم دا جديد
تفوت عليه السنه , يقعد يِنِشّ و حيد
و يبتدي الفقر , و الأمراض , و التشريد
سيد حجاب:
هو شاعر عامية مصري، من أشهر قصائده قصيدة يعارض بها كبير شعراء أمير الشعراء “أحمد شوقي” في قصيدته سلو قلبي فقال حجاب:
سلوا قلبي وقولوا لي الجوابا .. لماذا حالنا أضحي هبابا
لقد ساد الفساد وساد فينا .. فلم ينفع بوليس أو نيابة
وشاع الجهل حتي أن بعضا .. من العلماء لم يفتح كتابا
وكنا خير خلق الله صرنا .. في ديل القائمة وفي غاية الخيابة
ونهدي مصر حبا بالأغاني .. فتملؤنا أغانينا اغترابا
زمان يطحن الناس الغلابة .. ويحيا اللص محترما مهابا
أمير الشعر عفوا واعتذارا .. لشعرك فيه أجريت انقلابا
وما نيل المطالب بالطيابة .. دي مش دنيا ياشوقي بيه دي غابة
مصطفى رجب:
شاعر عامية مصري، عارض القصيدة الشهيرة أراك عصى الدمع للشاعر أبي فراس الحمداني فقال:
أراك خلي الجيب شيمتك الفقر * أما للغنى سعى لديك ولا ذكر
بلي أنا مبسوط وعندي فكةُ * ولكن دخلي لا يعاش به شهر
ياسر قطامش:
من أبرز شعراء الشعر الحلمنتيشي المصري والقصص الساخرة في العصر المعاصر، ومن قصائده فقال:
يا فؤادي لا تسل أين الجنيه
إنَّه مات فقف وابكي عليه
قهوة من أدمعي أو نسكافيه
وقال أيضاً “قطامش” فى قصيدته الشهيرة “تخاريف أول أبريل”،
ولسة بحلم بيوم الشمس تبقى رغيف
ياكله الفقير الجعان رغيف ملظلظ ظريف
و لسة بحلم بيوم ألاقى فيه الشريف
مبسوط ومش محتاج..و كل شارع نضيف
أتارينى من غير غطا و الحلم كان كذبة
و الكذب فى أبريل ألذ م التخاريف!!
وقال أيضاً ساخراً من الأوضاع الاقتصادية:
قال لي صاحبٌ فقير ولخمه * لم يذق من عشرين عامًا لحمه!!
قد أتتني هدية”نص كيلو” * من لحوم الكندوز حمراء فخمه
لعن الله زوجتي حرقتها * و بفرن “البوتاجاز” صارت فحمه
يا صديقي: قل لي بربك ماذا * أفعل الآن في مراتي الرخمه”؟
قلتُ: طلِّقها إنها وشُّ نحسٍ * و أراها لا تستحق الرحمه
وقال أيضاً:
إذا الشعـبُ يـومـًا أراد اللـحـومَ * فـلابـدَّ أن يستجـيـبَ الـبـقــــرْ
ومن لـم يعانقـه شـوقُ اللحـوم * تشـابـه عيـشـتـه للـغـجـــرْ
فليـس كمثـل ِاللـحـوم فــراخ ٌ * وليـس كمـثـل ِاللـحــــوم زفــــرْ
وقالـوا”ده سعـر اللحـوم كبيـرٌ * يضــــرالمـرتـّب كــل الـضـــــررْ
فقلـت وليـس أمـامـى سبـيـلٌ * سآخـذ ُواللحـم َبعـض َالـصـورْ
وأيضاً:
زيديني خبزًا زيديني * يا أشطر طباخ صيني
زيديني مرقًا يا سيدتي * إن الجوع سيطويني
زيديني خبزًا علَّ الخبز * إذا آكلـــه يكفيني
عمرو قطامش:
من شعراء العامية الشباب المصريين، قدم قصيدة بعنوان “المرحوم جنيه” فقال:
لقد غرق الجنيه فادركوه.. وهيا الآن يا قوم الحقوه
فهب الناس وانتفضوا جميعا.. بأطواق النجاة لينقذوه
وقال عن ثورة يناير:
قالوا عني شابٌ سيس * لا أعرفُ غير التهييس
وثقافةُ عمري تتلخصُ * في شاتِ الياهو والفيس
بنطالي يسقطُ عن وسطي * شبرين كشابٍ خنفيس
فبصرخة شابٌ سيس * سقط نظام ورئيس
شعراء الشعر الحَـلَمَنْـتيشي ورواده في السودان الشاعر محمد علي عبد المجيد، والشاعر محمد الصراف ومحمد المكي إبراهيم، ويعتبر الشعر الحلمنتيشي السوداني أقرب إلى كوميديا الموقف منه إلى كوميديا الكلمة بخلاف الشعر الحلمنتيشي المصري.
ومن شعراء الشعر الحَـلَمَنْـتيشي ورواده في السعودية هو الشاعر أحمد القنديل وله العديد من القصائد من هذا النمط والمعروفة بالـ (قنديليات) أو الحلمنتيشات.
المزيد من الطرائف:
ههههههههههههه
حلمنتيشي يا حلمنتيشي 🙂