الجمعة , أبريل 19 2024

من هنا يأتي النصر

نقدم لكم فيما يلي قصة جديدة كتاب قصص ومواقف للكاتب أحمد السيد بعنوان من هنا يأتي النصر.

قد يهمك:

كتاب قصص ومواقف | أحمد السيد

من هنا يأتي النصر

اعتدى أمير الكرك الصليبي أرناط على قافلة تجارية للمسلمين ناقضاً للهدنة الموقعة بين هذه الإمارة وبين صلاح الدين الأيوبي.

قال أرناط للأسرى المسلمين: إن كنتم تعتقدون في محمد فادعوه الآن يفك أسركم ويخلصكم من شر ما وقعتم فيه.

علم صلاح الدين فأقسم لئن أسره ليقتلنه بيده، وراح يعد العدة ويجمع الجيوش لمواجهة كان صلاح الدين مغتما عزوفا عن الطعام لا يتناول إلا اليسير، فسئل عن ذلك فقال: كيف يطيب لي الفرح والطعام ولذة المنام وبيت المقدس بيد الصليبيين؟

وراح يتجول ليلاً بين معسكره، فمر بخيمة بها جنود يقيمون الليل ويستجلبون عون الله ونصره، فقال: من هنا يأتي النصر.

ومر بخيمة أخرى أهلها نائمون فقال أخشى أن نؤتى من هنا.

احتشد الصليبيون والتقى الجمعان في حطين عام 583هـ ووقعت معارك ضاربة عنيفة انتهت بانتصار صلاح الدين الذي قتل من الصليبين 10 آلاف ومن بينهم أسقف عكا، كما أسر ملك بيت المقدس وكذلك أسر أرناط أمير الكرك.

جيء بالأسيرين إلى خيمة صلاح الدين، فطلب ملك بين المقدس الصليبي شربة ماء، فأحضر له ماء ثلوج فشرب منه ثم ناوله لأخيه أرناط، فقال صلاح الدين: إنا لم نعطه هذا الماء حتى يكون آمناً على نفسه.

ثم أنب أرناط على تطاوله على مقام النبوة وقال: نعم أنا أنوب عن رسول الله في الانتصار لأمته.

فضرب عنقه وفاءً لوعده.

ثم واصل صلاح الدين زحفه وحاصر بيت المقدس حتى تمكن من الاستيلاء عليه بالقوة فطلب الفرنج الصلح وخرجوا خلال 40 يوماً، ونظف المسلمون المسجد الأقصى من الصلبان والرهبان والخنازير.

وفي أول صلاة جمعة بالأقصى بعد التحرير، قال الخطيب: طوبى لكم من جيوش ظهرت على أيديكم المعجزات النبوية والوقعات البدرية والعزمات الصديقية والفتوحات العمرية، جددتم للإسلام أيام القادسية والوقعات اليرموكية والمنازلات الخيبرية والهجمات الخالدية فجزاكم الله عن نبيكم خير جزاء.

فوائد وعبر:

1- كانت الدولة العباسية – وريثة الدولة الزنكية – دولة فتح وجهاد، وكانت من أهم عقبات أمام تغلب أوروبا على الشرق أو تأخير ذلك أكثر من 600 عام.

2- تميز صلاح الدين بصدق الإيمان وكثرة الذكر وسماع القرآن، وكان رقيق القلب يجمع من ذكر الله، كما كان معظّماً لشعائر الله ولمقام رسول الله.

3- كانت خطة صلاح الدين ومن قبله عماد الدين ونور الدين الزنكي تقوم على محاور ثلاثة: 1-الإيمان.     2-الوحدة.    3-القوة.

يقول د.على الصلابي (بتصرف): للتمكين من أسباب معنوية ومادية، فالمعنوية هي وجود أفراد وقيادة ربانيين، التمسك بأصول الوحدة والاتحاد ونبذ الفرقة، والمادية بامتلاك أسباب القوة بأنواعها من عدة وعتاد واقتصاد وإعلام وإدارة وتخطيط وغيرها.

4- المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين والأرض المباركة.

  • عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد الأقصى” متفق عليه.

  • يقول عمر بن الخطاب: وما القدس إلا كمكة
  • قال عز الدين القسام ليست القدس مدينة إنما القدس عقيدة.
  • يقول يوسف العظم: ليس الأقصى مجرد بقعة من الأرض فيها نسجد، ولا بناء من الحجارة في أقبانه نصلى، ولكنه مرتكز عقيدة وموئل فكرة ومهوى أفئدة مؤمنة بالله مصدقة بما جاء به خاتم الأنبياء محمد.

5- من جميل تحرير بيت المقدس على يد صلاح الدين أن أستاذه نور الدين محمود الذي أكمل مسيرة الجهاد بعد أبيه عماد الدين، قد صنع منبراً في حلب ليقيمه في الأقصى عند تحريره، ومات نور الدين قبل تحقيق أمنيته ولما حرر صلاح الدين بيت المقدس جاء بمنبر نور الدين وأقامه في الأقصى بعد 20 عاما من صنعه.

إنهم يسيرون على طريق واحد من الإيمان والجهاد، ويكمل بعضهم أدوار بعض بصبر ومثابرة دون يأس أو كسل.

هذا المنبر اشتهر بمنبر صلاح الدين، وقد حرقه اليهود علم 1969م.

ذات صلة:

– تعاطفاً مع غزة (20)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *