الأربعاء , ديسمبر 4 2024

الدرع المسروق

نقدم لكم فيما يلي قصة جديدة كتاب قصص ومواقف للكاتب أحمد السيد بعنوان الدرع المسروق.

قد يهمك:

كتاب قصص ومواقف | أحمد السيد

الدرع المسروق

كان الأنصاري قتادة بن النعمان وعمه رفاعة قد غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواته، فسرق درع رفاعة فحامت الشبهات حول رجل من الأنصار يدعى طعمة (أو بشير) بن أبيرق، فاشتكى قتادة إلي النبي صلى الله عليه وسلم واتهم بن أبيرق.

خاف طعمة من انكشاف أمره فألقى الدرع في بيت يهودي يدعى زيد بن السمين، ثم عمد إلى نفر من عشيرته وأخبرهم بما فعله وأمرهم أن يذهبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدافعوا عنه ويتهموا اليهودي.

انطلق القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا نبي الله إن قتادة بن النعمان وعمه عمدا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا تثبت، وإن صاحبنا برئ وإن الذي سرق الدرع زيد بن السمين اليهودي، وقد أحطنا بذلك علماً، فاعذر صاحبنا على رؤوس الناس وجادل عنه فإنه إن لم يعصمه بك يهلك.

فانطلقوا فوجدوا الدرع عند اليهودي، فبرأ النبي صلى الله عليه وسلم طعمة ودافع عنه.

وعاتب النبي صلى الله عليه وسلم قتادة وقال له: عمدت إلى أهل بيت يذكر منهم إسلام وصلاح وترميهم بالسرقة على غير تثبت ولا بينة؟

يقول قتادة: فرجعت وودت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله في ذلك.

وجاء رفاعة يسأل قتادة: يا ابن أخي ما صنعت؟

فأخبره بما حدث فقال: الله المستعان.

فما لبث أن نزل الوحي يكشف الحقيقة بقوله:

“إنا أنزلنا إليك الكتاإِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا واستغفر الله إن الله كان غفوراً رحيماً”. النساء 105-113

وهكذا نزلت الآيات تعاتب النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان خصيماً للخائنين (مدافعاً عنهم) أي بني أبيرق، وأمره أن يستغفر الله مما قاله لقتادة وبرأت الآيات اليهودي من السرقة.

فوائد وعبر:

1- هذه الحادثة وقعت في فترة كان اليهود فيها يطلقون سهامهم المسمومة على النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين وينشرون الأكاذيب ويؤلبون المشركين ويطعنون في النبي صلى الله عليه وسلم ويشككون في الوحي ويؤججون الفتن بين المسلمين، ورغم ذلك نزلت الآيات لتنصف يهودياً وتدين أهل بيت من الأنصار الذين هم عدة النبي صلى الله عليه وسلم وجنده.

2- لم يكن الأمر مجرد تبرئة برئ وإنما إقامة الميزان الذي لا يميل مع الهوى ولا ينحاز مع العصبية ولا يتأرجح مع المودة والشنئان

“وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى”. المائدة 8

3- دين الإسلام هو دين العدالة المطلقة، فلا عجب أن تجد في القرآن 9 آيات تنتصر ليهودي على مسلم، وتجد القضاة المسلمين يحكمون لصاحب الحق ولو كان غير مسلم، هذا هو حكم الله.

“وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ”. المائدة 50

يقول سيد قطب: المجتمع المسلم يقوم على الأمانة في المعاملة والعدل في الحكم.

تعليق واحد

  1. يارب ائذن لعدل دينك ان يسود في الارض

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *