نقدم لكم فيما يلي قصة جديدة كتاب قصص ومواقف للكاتب أحمد السيد بعنوان عروس النيل.
قد يهمك:
عروس النيل
كان المصريون القدماء يعمدون في كل عام لاختيار جارية بكر من أجمل الفتيات ويرضون أبويها ويجعلون عليها من الحلي والثياب أفضل ما يكون ثم يلقون بها في النيل اعتقاداً منهم أن ذلك هو الذي يأتي بمياه النيل وفيضانه.
لما فتح المسلمون مصر أخبر المصريون عمرو بن العاص بذلك فقال: إن هذا مما لا يكون في الإسلام، إن الإسلام يهدم ما قبله (أي الخرافات) وأمر عمرو بإبطال هذه العادة، فأقاموا فترة والنيل لا يجري حتى هم الناس بالخلاء والارتحال، وكتب عمرو إلى الخليفة عمر بن الخطاب يخبره بذلك.
فكتب عمر إلى عمرو يقول: إنك قد أصبت بالذي فعلت وإني قد بعثت إليك ببطاقة داخل كتابي فألقها في النيل.
فلما قدم كتابه أخذ عمرو البطاقة فإذا فيها:
“من عبد الله أمير المؤمنين إلى نيل مصر، أما بعد.. فإن كنت إنما تجري من قِبَلك ومن أمرك فلا تجر فلا حاجة لنا فيك، وإن كنت إنما تجري بأمر الله الواحد القهار وهو الذي يجريك فنسأل الله تعالى أن يجريك”.
فألقى عمرو البطاقة في النيل فأصبحوا يوم السبت وقد أجرى الله النيل 16 ذراعاً في ليلة واحدة.
وانقطعت هذه الخرافة نهائياً عن مصر.
فوائد وعبر:
1- جاء الفاتحون المسلمون بعقيدة صحيحة وإدراك سليم لحقائق الغيب والشهادة وعلموا أن الله هو الذي ينزل الماء من السماء
فَرَأَيْتُمُ المَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ. أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ المُزْنِ أَمْ نَحْنُ المُنزِلُونَ” (الواقعة)
2- الإسلام يحرر العقل من الخرافات وقد نهضت مصر حينما انتشرت العقيدة الصحيحة المعتمدة على العلم (علم الدنيا وعلم الآخرة) وضعفت مصر حين عادت الخرافات للانتشار كأعمال الدجل والكهانة والتفسير الجني للأمراض العصبية والاعتقاد بلعنة الفراعنة والتوسل للموتى والتمسح بالأضرحة وأعمال التنجيم وادعاء معرفة الغيب وأوهام “برجك اليوم”.
3- أنقذ الإسلام الفتيات ومنع قتلهن سواء بطريقة العرب الجاهلية أوبطريقة المصريين الفرعونية، ودافع عن المرأة وأكرمها بعدما كانوا يحتقرونها ويستخدمونها كسلعة أو متاع أو قرباناً لمعتقداتهم المزيفة.
4- تشير القصة لذكاء عمر بن الخطاب الذي اغتنم الأزمة لتصحيح عقيدة المصريين وإثبات أن النيل مخلوق وأن الأمر بيد الله، وتأكيد أنه واحد خلافاً لتصورات المصريين، فكان لموقفه آثاراً طيبة ساهمت في إقبال الناس على الدين الصحيح وإدراك أن التوجه لله بالدعاء وصلاة الاستسقاء عند حدوث الجفاف.
5- الغريب أن مصر بعدما انتقلت من الخرافة إلى العلم، ومن العقائد الخاطئة إلى الصحيحة، يظهر دعاة في القرن 21 يطالبون بالعودة إلى الفرعونية الوثنية وإحياء عقائدهم الجاهلية التي تسيء إلى العقل والإنسان والمرأة.
قصة جميلة فعلا سبحان مالك الملك مسير النيل بأمره