نقدم لكم الربيع الأول في السيرة النبوية، الموسم الثاني، الحلقة 8 مكتوبة، بدر الكبرى.
قد يهمك:
الربيع الأول في السيرة النبوية
الموسم الثاني | الحلقة 8 مكتوبة
بدر الكبرى
كل فعل قام به النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤدي إلى الفعل الذي يليه، فكل السرايا الثمانية السابقة كانت تقود إلى بدر.
لم تكن بدر مفاجأة بل كانت حلقة في سلسلة قامت منذ 7 أشهر قضاه النبي في المدينة.
لم يرسل النبي في السرايا السابقة لبدر إلا المهاجرين، لأن صحيفة المدينة وبيعة العقبة الثانية لم تنص على مقاتلة الناس خارج المدينة، وكانت تنص على إن هاجم أحد على المدينة وعلى النبي فهم ينصرونه.
لما خرج الصحابة لبدر وكان أكثرهم من الأوس والخزرج، وشعر النبي صلى الله عليه وسلم أن قتلاً سوف يحدث جمع الصحابة وقال أشيروا على أيها الناس.
وقف الكثير من المهاجرين وتكلموا وقالوا له أنهم سيقاتلون معه، لكنه صلى الله عليه وسلم استمر يقول:
أشيروا على أيها الناس، ففهم الصحابة من الأنصار أنه يريدهم.
فوقف سعد بن معاذ وكان من زعماء الأوس وقال:
يارسول الله وكأنك تقصدنا؟
قال: نعم.
قال: يارسول الله نحن بايعناك على السمع والطاعة وصدقنا بك وأمنا بك ولو خضت بنا البحر لخضناه معك.
فبدأ يتكلم باسم الأنصار، فانفرجت أسارير النبي صلى الله عليه وسلم، وعرف أن الأنصار قد دخلوا معه في حلف قتال في هذه المعركة وما يليها.
الاستعداد لغزوة بدر:
استعداد النبي صلى الله عليه وسلم للمعركة كان يتم عملياً، وكان النبي صلى الله عليه وسم دائماً مبادراً.
1- حدد مكان المعركة، وغور كل الآبار دون بدر حتى تعطش قريش، وبنى حوضاً على الآبار الكبرى ليشرب منه المسلمين.
2- صفهم صفوفاً ووزع المهام وأعطى الرايات.
3- كان يستشير أصحابه، كان دائماً النبي صلى الله عليه وسلم في كل غزواته يقول أن الأمر هو الرأى والحرب والمشورى ولم يقل وحياً.
4- كان النبي صلى الله عليه وسلم رقيقاً رفيقاً بأصحابه حتى في ميدان المعركة الذي يقتضي قدراً من الحزم، على النقيض زعماء قريش.
5- لم تأخذ المعركة وقتاً طويل وقد أرسل الله المطر وأنزل عليهم السكينة واحتاط النبي أن جعل الشمس من خلفه في عيون الكفار.
6- العنصر الحاسم في المعركة هي بسالة المسلمين، ودافعهم عن الرسالة الجديدة، كلهم يداً واحداً مهاجرين وأنصار، بينما الكفار متفككين.
تفكك الكفار:
كانت جبهة قريش مفككة ولما قامت المعركة لم تكن طويلة وأدت المعركة خسائر فادحة في أوساط المكيين.
بني زهرة:
أخوال النبي صلى الله عليه وسلم كان معهم تقريباً 130 مقاتل، لما صار الأمر إلى قتال جاءهم الأخنس بن شريق زعيمهم فقال لهم :
يا بني زهرة من الذي تقاتلون؟ فهل ستفرحون أن تقولوا قتلنا ابن أختنا؟
قالوا: والله ليس لنا في ذلك حاجة.
فقال: ارجعوا.
قالوا: كيف نرجع وقد جاء العرب جميعاً.
قال دعوها بي، سأركب جملاً وأقع وعندما أقع تقولوا لدغ سيدنا، ولم تفارقوني، فظلوا ليلة ثم انسلوا راجعين إلى مكة.
بني عدى:
أيضاً لم يحاربوا وعادوا إلى الطريق.
ففي طريق عودتهم التقوا بأبي سفيان، فقال لهم لا أنتم في العير ولا في النفير ؟
فقالوا له: نحن ليس لنا في قتال محمد من شأن.
نهاية غزوة بدر:
الطبقة القيادية الكبرى في قريش أبيدت في ذلك اليوم.
قتل 70 من المشركين، وكان أول من قتل عتبة وشقيقه شيبة والسبب أنهم تقدموا للمبارزة.
عتبة لم يكن يريد حرباً لكنه تقدم الصفوف ليبارز حمزة لأن أبو جهل اتهمه بالجبن.
وأسر 70 منهم سهيل بن عمرو، عقبة بن أبي معيط لكن بسبب حربه الشرسة ضد الإسلام أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله.
هناك أشخاص نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلهم، فكان النبي يميز بين عدو ينبغي أن يقتل الأن، وعدو أخر ممكن أن يتعامل معه.
نهي النبي عن قتل أبو البختري وقد كان من الذين ساروا في نقض الصحيفة، لكنه قتل خطأ.
ونهى عن قتل حكيم بن حزام بن أخت السيدة خديجة، وكان رجلاً عاقلاً وكان صديق للنبي في الجاهلية، وهو الذي قاد التحرك في مكة لإلغاء صحيفة المقاطعة.
ونهى عن قتل العباس، وكان فيه جدال فقال بعضهم لماذا لا نقتله ألأنه عم النبي صلى الله عليه وسلم؟
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يفرق بين أحد للقرابة، فقد قتل أخو السيدة خديخة نوفل بن خويلد ولم يقتلوا حكيم بن حزام لأن به قدر من العقلانية، فكان النبي يعرف قدر الرجال.
فعندما يستثنى النبي صلى الله عليه وسلم أحداً أن يقتل فقد يعلم خفايا نفوسهم ومعظمهم أسلموا بعد ذلك.
بعد غزوة بدر:
لما انتهت غزوة بدر كان بعدها فتحاً مبيناً.
سورة الأنفال نزلت دفعة واحدة لكي تفصل واقعة هي الأهم في تاريخ الإسلام وهي بدر الكبرى.
عاد المسلمون للمدينة وتغيرت موازين القوى في الجزيرة، اليوم هزمت قريش فخبرها سينتشر سريعاً، فمن لم يعرف بالإسلام سيعرف بعد بدر، ومن كان يستصغر شأن المسلمين سيأخذه محمل الجد لا سيما القبائل الكبرى المحيطة بالمدينة مثل:
*غطفان باتجاه الشرق.
*وفي الغرب جهينة وغفار وضمرة ودوس وخزاعة.
*بني كنانة قريش ومن حالفها، الكتلة الجريحة التي ستثأر لنفسها في أحد.
المشهد اليوم جديد، إنقلاب إستراتيجي عميق نقل الإسلام من كونه دعوة فقط إلى قوة حقيقة مزودة بكل دواعي الإنتصار والتقدم لبناء مشروع بعيد الأفق.