الثلاثاء , أبريل 30 2024

الربيع الأول في السيرة النبوية | وضاح خنفر | الحلقة 18 غلبت الروم

نقدم لكم الربيع الأول في السيرة النبوية وضاح خنفر الحلقة 18 غلبت الروم الموسم الأول، مع مخلص مكتوب للحلقة.

قد يهمك:

banar_group

الربيع الأول في السيرة النبوية

وضاح خنفر

الحلقة 18 غلبت الروم

في العام الرابع للبعثة النبوية أي عام 614م، كانت الأجواء في مكة مشحونة فمثلاً:

أبو جهل يعذب بعض المسلمين من الضعفاء والعبيد.

أمية بن خلف يأخذ بلال ويعذبه في الصحراء.

بعض شخصيات مكة قامت بسجن أبنائها.

أخذت اللهجة التصعيدية باتجاه النبي صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وبني المطلب مجرى لم يسبق له مثيل.

كان حديث آخر يدور في مكة في هذا العام وهو الصراع الفارسي الرومي من حول جزيرة العرب، فقد دخلت القوات الفارسية إلى مدينة القدس عام 614م.

كان هذا انتصار عظيم بالنسبة للفرس، لأن القدس تمثل رمزية وشرعية النظام البيزنطي في القسطنطينية، ففيها كنيسة القيامة، والدولة البيزنطية تعتبر نفسها حامي حمى الدين المسيحي.

عندما دخل الفرس للقدس دمروا الكثير من الكنائس، وحرقوا كثير من الأبنية، وقتلوا الكثير من الناس، وأخذوا إلى المدائن الصليب الأكثر قداسة عند المسحين في ذلك الوقت ويسمى “ترو كروس” الصليب الحقيقي الذي يعتقد المسيحيون أن عيسى عليه السلام قد صلب عليه، وأخذوا الرمح المقدس وهو الحربة التي قيل بأن الجندي الروماني طعن بها جسد المسيح على الصليب كما يعتقدون.

هذا يعني لمكة ازدهار سفينة قريش الصحراوية وتجارتها والتي كانت تزدهر عندما تكف سفن الروم البحرية عن الإبحار في البحر الأحمر.

إذاً خبر هزيمة الروم في عام 614م كان مفرح لقريش وليس جيداً للمسلمين، لأنهم يعرفون أن استعلاء قريش سيزداد كلما ازدادت قريش ثراء واستقراراً في مكة، وكلما ازداد نفوذ حلفائها المفترضين من الفرس.

هنا نزلت سورة الروم على النبي صلى الله عليه وسلم

بسم الله الرحن الرحيم

الٓمٓ (1) غُلِبَتِ ٱلرُّومُ (2) فِيٓ أَدۡنَى ٱلۡأَرۡضِ وَهُم مِّنۢ بَعۡدِ غَلَبِهِمۡ سَيَغۡلِبُونَ (3) فِي بِضۡعِ سِنِينَۗ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ مِن قَبۡلُ وَمِنۢ بَعۡدُۚ وَيَوۡمَئِذٖ يَفۡرَحُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ (4) بِنَصۡرِ ٱللَّهِۚ يَنصُرُ مَن يَشَآءُۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ (5) وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ (6)

أدني الأرض هي أقرب الأرض إلى مكة وكانت هي الشام وهزم الرومان فيها.

بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين، وبضع بالنسبة للعرب هي الفترة الزمنية الأقل من العقد، أي عشر سنين أو تسع سنوات، يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.

فلماذا سيفرح المسلمون؟

في عام 622 م بدأ هرقل بحملته المضادة ضد الفرس، لكن انتصاره الأول حدث في عام 623م، وبدأ يستعيد بعض الأراضي التي احتلها الفرس، وتقدم ضد الجيش الفارسي، حتى كانت الهزيمة الأهم في عام 624م.

فرح المؤمنون في هذا العام فكانت معركة بدر في شهر رمضان من العام الثاني للهجرة النبوية الموافق ل 16\ 3\ 624م.

وفي تلك المرحلة وصلت الأخبار بأن الفرس بدأوا ينهزمون، والروم قد انتصروا، فكان فرح للمسلمين بالانتصار في بدر وزاد الفرح جمالاً أيضاً أن قريش كانت ستعاني أكثر لأن الروم ستستعيد الشام وربما يطردون الفرس من الشام ومن مصر أيضاً، ولذلك تجارة قريش ستتأثر كثيراً إذا استعاد الروم طريق التجارة عبر البحر الأحمر.

ازداد التفاؤل عند المؤمنين بعدما أغلقت عليهم الطرق، وعذبوا واضطهدوا، فكان الوضع النفسي للمسلمين ليس بالجيد.

كان من ميزات النبي صلى الله عليه وسلم أنه دائماً يبقي الأمل مشتعلاً في الصدور في أشد لحظات الصعوبة، وهي من المبادئ الاستراتيجية الثانية للنبي صلى الله عليه وسلم بعد المبادرة.

لم يكن يبدي لأصحابه حالة من القلق والتوتر، لأن في ذلك إضراراً بالغاً بنفسيتهم، وهذه السورة عندما تليت في مكة أحيت الأمل في النفوس.

الرهان على انتصار الروم:

عمل أبو بكر الصديق صفقة مرهونة مع القريشين وقال لهم: أن الروم سينتصرون في بضع سنين.

فقالوا له: ليس ممكناً.

فراهنهم على مائة من النوق إذا انتصر الروم بعد تسع أو عشر سنين.

وفاز أبو بكر في الرهن عندما انتصر الروم وكذلك المسلمون في بدر في نفس المرحلة.

الحبشة الممر التجاري المهم:

طريق الدعوة في مكة أصبحت صعبة والنبي صلى الله عليه وسلم يفاجئ قريش بالمبادرات فماذا كانت مبادرته في هذه المرحلة؟

كانت الحبشة ومملكة أكسم من أهم مرتكزات الاقتصاد المكي، لأن مكة قريبة من الحبشة، فكانت التجارة تتبادل بينهم عن طريق البحر، وكان لديهم سفير في الحبشة، وهو عمرو بن العاص وكان صديقاً للنجاشي.

أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بعثة استطلاعية مشكلة من 11 من الصحابة، ومعهم 4 من النساء، والرحلة استغرقت 3 أشهر ذهبوا في رجب وعادوا في شوال.

أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤسس قاعدة قوية للمسلمين خارج إطار مكة بعدما اشتد عليهم العذاب.

لم تتشكل البعثة الأولى في العام الخامس للبعثة التي ذهبت إلى بلاد الحبشة من الضعفاء والمساكين عدا عبد الله بن مسعود.

إنما تشكلت من أشراف وأهم الشخصيات في المجتمع المسلم، وكانت برئاسة عثمان بن عفان، ومعه بنت النبي صلى الله عليه وسلم رقية، وعبد الرحمن بن عوف، ومصعب بن الزبير، وابن عتبة بن ربيعة، وابن مظعون، وغيرهم من الصحابة الكبار.

لذلك كانت سفارة أو بعثة لتقصي الحقائق والتعرف على الواقع في بلاد الحبشة، وهل تستوعب الحبشة كماً أكبر من المسلمين، والبحث عن ملجا أخر لكي ينشر النبي صلى الله عليه وسلم دعوته خارج مكة.

كانت عادة الناس في إرسال السفارات أن يرسلوا شخصاً قريب النسب من المرسل، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم زوج ابنته عثمان بن عفان وابنته رقية.

وعادوا بعد ثلاث أشهر، ليرسل النبي الكريم بعدهم البعثة الثانية الرئيسية إلى الحبشة، وكان عدد المسلمين فيها 83 من الرجال، و18 من النساء.

هنا النبي صلى الله عليه وسلم قد بادر، لم يكتفي بالدفاع، ولم يكتفي بالضربات التي تأتيه من قريش، بل أجرى شيئاً سيربك حسابات قريش السياسية والاستراتيجية، وسيدفعها لرد فعل أخر في الحلقة القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *