موقع اسكتشات فنون سمعية وبصرية
نقدم لكم الربيع الأول في السيرة النبوية الحلقة 5 جولة في يثرب، مع ملخص مكتوب للحلقة.
قد يهمك:
الربيع الأول في السيرة النبوية
الموسم الثاني
الحلقة 5 جولة في يثرب
جولة في يثرب:
يثرب مدينة مهمة واختيار النبي صلى الله عليه وسلم كان عقلانياً، كيف؟
يثرب في عام 622م قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من يتجول فيها يجد بعض الأشياء خاصة وإن كان من مكة:
1- يثرب مدينة منبسطة كثيرة الماء وكثيرة الزرع، أما مكة كانت مقفرة فهي وادي غير زرع.
2- ليس هناك كيان واحد اسمه يثرب بل هناك مجموعة من الكيانات على الأقل 5 قرى صغيرة ذات تجمعات سكانية وكل قرية لها عقليتها الخاصة وحسابتها الخاصة.
هناك 5 قبائل كبرى وحوالي 20 بطن أخرى صغرى، الكبرى اثنان منها أولاد عم من العرب اليمنيين هاجروا في بداية القرن الثالث الميلادي بعد انهيار سد مأرب وهم الأوس والخزرج جاؤوا معاً وسكنوا في هذه المدينة.
من قبلهم اليهود، واستوطن منهم قبيلتان بنو قريظة وبنو النضير في الأماكن العالية الحصينة واستوطن بنو قينقاع وكانوا أهل زراعة في المنطقة السهلية المنبسطة ولم تكن قوية ولا منيعة ولا حصينة مثل المناطق العالية.
الخزرج سكنوا قريباً من بنو قينقاع والأوس سكنوا قريباً من بنو قريظة وبنو النضير، في المستقبل سيكون هناك حلف من حزبين حزب فيه بنو قينقاع والخزرج وحزب فيه بنو النضير وبنو قريظة والأوس.
عما قريب سينشأ صدام بين الخزرج والأوس بسبب الخلاف على الأراضي والمياة وعلى من يسكن هذه وتلك وبسبب غياب أي آلية لفض النزاع كالتي موجودة في مكة كدار الندوة، فلم يكن بيثرب دار ندوة ولا مؤسسة حكم وإنما كان لكل قبيلة من الخمس قادتها وزعمائها ومصالحها وأحياناً يتحالفون وأحياناً يتخاصمون.
هذه الحالة أي غياب السلطة المركزية في يثرب هي التي أدت إلى حروب مستمرة بين الأوس والخزرج على مدار 100 أو 150 سنة وفي هذه الحروب كان الإجماع اليثربي تدمر.
أخر حرب كانت حرب بعاث 8 سنوات قبل الهجرة النبوية، وكانت حرب ليس بين مكونات المدينة فقط بل وبين مجاورات المدينة فدخلت فيه مزينة وجهينة وغطفان وغيرها فأصبحت مشكلة يثرب مشكلة إقليمية.
3- قتل في تلك الحرب معظم الكبار قتل سيد الأوس وقتل سيد الخزرج وقتلت الطبقة القيادية الكبرى فمن الذي قاد يثرب بعدها مباشرة؟
الشباب هم من قادوا يثرب، أسيد بن حضير من الأوس ومعه سعد بن معاذ و سعد بن عبادة من الخزرج، وبقي شيخ واحد من طبقة الشيوخ الكبار هو عبد الله بن أبي بن سلول، لماذا لم يقتل؟
لأنه لم يحارب في بعاث وكان من الخزرج وأخذ موقفاً مخالفاً لقومه ووقف على الحياد ولم يحارب، وقدم نفسه زعيماً للإجماع الجديد وبدأ يروج لنفسه بمادة إعلامية جديدة ويقدم بها نفسه ليصبح ملكاً ليثرب، لكن الشباب ليسوا مقتنعين بعبد الله بن سلول لأنه امتداد للماضي القديم الذي جر عليهم الوبال والدمار والحروب.
إذا يثرب في غياب اجماع سياسي وفيها قيادة شابة ومتطلعة نحو المستقبل
4- فيها تسامح ديني:
ففيها اليهود لهم دينهم وطقوسهم وشعائرهم وفيها القبائل العربية التي تعبد مجموعة من الآلهة، فقضية الدين ليست قضية إجماع عنصري قبلي كما هو الحال في مكة، فكل شرعيات النظام المكي السيادية والاقتصادية في جزيرة العرب قامت على البيت الحرام.
البيت الحرام أصبح ديناً لهم وظفوه لخدمة مصالحهم وبالتالي أي معارضة لدين قريش هو معارضة للبنية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وسوف تعارض بشكل قاسي جداً من سادة قريش وهذا ما حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم، أما في المدينة إن كنت مسلماً أو يهودياً أو غير ذلك لا مشكلة.
أخيراً:
إذا أنت أمام كيان منفتح شاب فتي متطلع نحو المستقبل وليس له علاقة بالأديان فيه قدر من المساواة الاقتصادية عكس مكة فيها طبقية لأن اقتصادها قائم على التجارة الدولية، أما في يثرب فمجتمع زراعي في معظمه وفيها أيضاً قدر من التجارة مثل عبد الله بن سلول وتجار اليهود وفيها طبقة صناعية.
إذاً هناك حياة اقتصادية متكاملة داخل يثرب وليست حكراًَ على الأغنياء وبالتالي المجتمع أكثر ليناً، وأكثر انفتاحاً، أكثر قرباً من بعضه لبعض، وطبائع الناس في يثرب أكثر تسامحاً من مكة.
كل ذلك جعل النبي صلى الله عليه وسلم ينظر ليثرب بعين الاحتمال الأكبر لكي تتكون مركزاً للهجرة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يبحث عن مكان ليهرب به فهو محمي من قبيلته، ولا يريد فقط أن يرسل الناس لكي يحتموا من بطش قريش كما الحبشة.
الأن يريد النبي صلى الله عليه وسلم أن يطلق دعوة، ويبحث عن وطن، ويبحث عن عاصمة لهذا الوطن، إذاً النبي قائد يبحث عن وطن لدعوته ويثرب تبحث عن قائد لها.
صلى الله عليه وسلم