المجموعة الثالثة عشر من قصائد وأشعار الصحابي حسان بن ثابت، شاعر الرسول، وفي هذه المجموعة نستعرض قصيدة وكنا ملوكَ الناسِ، قبلَ محمدٍ، و قصيدة أتعرِفُ الدّارُ، عَفا رسْمُها، و قصيدة لقدْ لقِيَتْ قُرَيْظةُ ما عظاها، و قصيدة نَصَرُوا نَبيّهُمُ، وشدّوا أزْرَه، و قصيدة يخافُ أُبَيٌّ جَنانَ العَدُوّ، و قصيدة رضيتُ حكومةَ المرقالِ قيسٍ، و قصيدة وقافيةٍ عجتْ بليلٍ، رزينةٍ، و قصيدة ولقدْ بكيتُ، وعزّ مهلكُ جعفرٍ، و قصيدة أقامَ على عهدِ النبيّ وهديهِ، و قصيدة أخلاءُ الرخاءِ همُ كثيرٌ، و قصيدة عَلِمتُكِ، واللَّهُ الحَسيبُ، عَفيفَةً، و قصيدة لقد وَرِثَ الضّلالةَ عن أبيهِ، و قصيدة إذا الثقفيُّ فاخركمْ فقولوا، و قصيدة جاءتْ مُزَينَةُ من عَمْقٍ لتنصَرَهمْ، و قصيدة أبلغْ عبيداً بأنّ الفخرَ منقصةٌ، و قصيدة وما كثرتْ بنو أسدٍ فتخشى، و قصيدة سماهُ معشرهُ أبا حكمٍ.
وشاعر الرسول حسان بن ثابت رضي الله عنه، هو حسان بن ثابت الأنصاري، كان شاعرًا فصيحاً كتب الشعر لملوك آل غسان في الشام قبل إسلامه، وبعد إسلامه أصبح شاعر الرسول، وحارب بشعره لأجل الدعوة الإسلامية.
وكان أكثر شعر حسان بن ثابت في الهجاء،حيث وجه شعره اللاذع لقريش وللكفار ولأولئك الشعراء الذين يهاجمون النبي محمد صلى الله عليه وسلم وراح يحاربهم بشعره وبلسانه، كما كتب حسان بن ثابت مدحاً للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك في كبار الصحابة الذين أبلوا بلاء حسناً وضحوا بأموالهم وأنفسهم لله ولنشر هذه الدعوة.
===========
قصيدة: وكنا ملوكَ الناسِ، قبلَ محمدٍ
وكنا ملوكَ الناسِ، قبلَ محمدٍ ** فلما أتى الإسلامُ، كان لنا الفضْلُ
وأكْرَمَنا اللَّهُ الذي ليسَ غيرُهُ ** إلهٌ، بأيّامٍ مَضَتْ ما لها شَكْلُ
بِنَصْرِ الإلهِ للنَّبيّ ودينِهِ ** وأكرَمَنا باسمٍ مَضَى ما لهُ مِثلُ
أُولئكَ قوْمي خيرُ قوْمٍ بأسرِهمْ ** وليسَ على معروفهمْ أبداً قفلُ
يَرُبّون بالمعرُوفُ معرُوفَ مَن مَضى ** فما عدّ من خيرٍ، فقومي له أهلُ
إذا اختُبِطُوا لم يُفحشوا في نديّهم ** وليسَ على سؤالهمْ عندهمُ بخلُ
وحاملهم وافٍ بكلّ حمالةٍ ** تَحَمَّلَ، لا غُرْمٌ عليه، ولا خَذْلُ
وجارهمُ فيهكْ بعلياءَ بيتهُ ** له ما ثَوَى فينا الكرامةُ والبَذلُ
وقائلهمْ بالحقّ أولُ قائلٍ ** فحكمهمُ عدلٌ، وقولهمُ فصلُ
إذا حارَبوا، أوْ سالموا لم يُشبَّهوا ** فحرْبهمُ خوْفٌ، وسلمهمُ سَهْلُ
ومنا أمينُ المسلمينَ حياتهُ ** ومنْ غسلتهُ من جنابتهِ الرسلُ
===========
قصيدة: أتعرِفُ الدّارُ، عَفا رسْمُها
أتعرِفُ الدّارُ، عَفا رسْمُها ** بعدَكَ، صَوْبَ المُسبل الهاطلِ
بينَ السراديحِ، فأدمانةٍ ** فمدفعِ الروحاء في حائلِ
ساءلتُها عن ذاك، فاستعجمتْ ** لم تدرِ ما مرجوعةُ السائلِ
دعْ عنكَ داراً قد عفا رسمها ** وابكِ على حمزةَ ذي النائلِ
المالئ الشيزى، إذا أعصفتْ ** غبرَاءُ في ذي الشَّبَمِ الماحِلِ
التاركِ القرنِ لدى لبدهِ ** يَعْثُرُ في ذي الخُرُص الذابلِ
واللاّبسِ الخيلَ إذا أحجمَتْ ** كاللّيْثِ في غابتِهِ الباسلِ
أبيضَ في الذروةِ من هاشمٍ ** لمْ يَمرِ دونَ الحقّ بالباطِلِ
ما لشهيدٍ بينَ أرماحكمْ ** شلتْ يدا وحشيِّ من قاتلِ
إنّ امْرَأَ غُودِرَ في ألّةٍ ** مَطرُورَةٍ، مارِنَةِ العامِلِ
أظْلَمَتِ الأرْضُ لفِقْدَانِهِ ** واسودَّ نورُ القمرِ الناصلِ
صلّى عليكَ اللَّهُ في جنّةٍ ** عاليَةٍ، مُكرَمَةِ الدّاخِلِ
كُنّا نرَى حمزَةَ حِرْزاً لنا ** مِنْ كلّ أمرٍ نابَنا نازِلِ
وكانَ في الإسلامِ ذا تدرإٍ ** لمْ يكُ بالوَاني، ولا الخاذلِ
لا تفرَحي يا هنْدُ، واستحلِبي ** دمعاً، وأذري عبرَةَ الثاكلِ
وابكي على عتبةَ، إذْ قطهُ ** بالسَّيْفِ تحتَ الرَّهَجِ الجائلِ
إذْ خَرّ في مَشْيخَةٍ منكُمُ ** من كلّ عاتٍ قلبهُ، جاهلِ
أرْداهُمُ حمزَةُ في أُسْرَةٍ ** يمْشونَ تحتَ الحَلَقِ الذائلِ
غداةَ جبريلُ وزيرٌ لهُ ** نِعْمَ وَزيرُ الفارِس الحامِلِ
===========
قصيدة: لقدْ لقِيَتْ قُرَيْظةُ ما عظاها
لقدْ لقِيَتْ قُرَيْظةُ ما عظاها ** وحلّ بحصنها ذلٌّ ذليلُ
وسعدٌ كان أنذرهمْ نصيحاً ** بأنّ إلههُمْ رَبٌّ جلِيلُ
فمل برحوا بنقضِ العهدِ حتى ** غزاهم في ديارهمِ الرسولُ
أحاطَ بحصنهمْ منا صفوفٌ ** لهُ من حَرّ وَقعتِها صَليلُ
فصارَ المؤمنونَ بدارِ خلدٍ ** أقامَ لها بها ظلٌّ ظليلُ
===========
قصيدة: نَصَرُوا نَبيّهُمُ، وشدّوا أزْرَه
نَصَرُوا نَبيّهُمُ، وشدّوا أزْرَه ** بحُنَينَ، يوْمَ تَواكُلِ الأبْطَالِ
===========
قصيدة: يخافُ أُبَيٌّ جَنانَ العَدُوّ
يخافُ أُبَيٌّ جَنانَ العَدُوّ ** ويعلمُ أني أنا المعقلُ
فلا وأخيكَ الكريمِ الذي ** فَخَرْتَ بهِ لا تُرَى تَعتَلُ
فلا تقنعِ العامَ في دارهمْ ** ولا أُسْتَهَدُّ ولا أُنْكَلُ
أبا لكَ، لا مُستَجافُ الفُؤا ** دِ، يوْمَ الهِياجِ، ولا أعزَلُ
===========
قصيدة: رضيتُ حكومةَ المرقالِ قيسٍ
رضيتُ حكومةَ المرقالِ قيسٍ ** وما أحسَسْتُ إذ حكَّمْتُ خالي
لهُ كفٌّ تفيضُ دماً، وكفٌّ ** يُباري جُودُها سَحَّ الشَّمالِ
ونحنُ الحاكمونَ بكلّ أمرٍ ** قَديماً، نبتَني شَرَفَ المَعالي
ولا ينفكُّ فينا ما بقينا ** منيرُ الوجهِ، أبيضُ كالهلالِ
ألا يا مالِ لا تَزْدَدْ سَفاهاً ** قَضيّةَ ماجِدٍ، ثَبْتِ المَقالِ
===========
قصيدة: وقافيةٍ عجتْ بليلٍ، رزينةٍ
وقافيةٍ عجتْ بليلٍ، رزينةٍ ** تلقيتُ من جوّ السماءِ نزولها
يراها الذي لا ينطقُ الشعرَ عندهُ ** ويعجزُ عن أمثالها أن يقولها
متاريكُ أذنابِ الحقوقِ، إذا التوتْ ** أخذْنا الفُرُوعَ، واجتَنَيْنا أُصُولها
مقاويلُ بالمعروفِ، خرسٌ عن الخنا ** كِرَامٌ، مَعَاطٍ للعَشِيرَةِ سُوْلَها
===========
قصيدة: ولقدْ بكيتُ، وعزّ مهلكُ جعفرٍ
ولقدْ بكيتُ، وعزّ مهلكُ جعفرٍ ** حِبِّ النبيّ، على البريّةِ كلّها
ولقد جزعتُ، وقلتُ حينَ نعيتَ لي: ** منء للجلادِ لدى العقابِ وظلها
بالبِيضِ، حينَ تُسلُّ مِنْ أغمادِها ** يوماً، وإنهالِ الرماحِ وعلها
بعدَ ابنِ فاطمةَ المباركِ جعفرٍ ** خَيْرِ البَرِيّةِ كُلِّها وأجَلّها
رُزءاً، وأكرَمِها جَميعاً مَحْتِداً ** وأعَزِّها مُتَظَلِّماً، وأذَلّها
للحقّ حينَ ينوبُ غيرَ تنحلٍ ** كَذِبَاً، وأغمَرِها نَدىً، وأقَلّها
فُحشاً، وأكثرِها، إذا ما تُجتدَى ** فضلاً، وأبذلها ندى، وأدلها
عَ الخَيرِ بَعدَ مُحَمّدٍ، لا شِبهُهُ ** بَشَرٌ يُعَدُّ من البَرِيّةِ جُلّها
===========
قصيدة: أقامَ على عهدِ النبيّ وهديهِ
أقامَ على عهدِ النبيّ وهديهِ ** حواريهُ والقولُ بالفعلِ يعدلُ
أقامَ على منهاجهِ وطريقهِ ** يُوَالي وَليَّ الحقِّ، والحقُّ أعدَلُ
هُوَ الفارِسُ المشهورُ والبطلُ الذي ** يَصُولُ، إذا ما كانَ يوْمٌ مُحَجَّلُ
إذا كشَفَتْ عن ساقِها الحرْبُ حشّها ** بأبْيَضَ سبّاقٍ إلى المَوْتِ يُرْقِلُ
وإنّ امْرَأ كانَتْ صَفِيّةُ أُمَّهُ ** ومنْ أسدٌ في بيتها لمرفلُ
لَهُ من رَسُولِ اللَّهِ قُرْبَى قَريبَةٌ ** ومن نُصرَةِ الإسلامِ مَجدٌ مؤثَلْ
فكمْ كربةٍ ذبّ الزبيرُ بسيفهِ ** عن المُصْطفى، واللَّهُ يُعطي فيُجزلُ
فما مثلهُ فيهمْ، ولا كانَ قبلهُ ** وليْسَ يَكُونُ الدّهرَ ما دامَ يذْبُلُ
ثناؤكَ خيرٌ من فعالِ معاشرٍ ** وفعلكَ، يا ابن الهاشميةِ، أفضلُ
===========
قصيدة: أخلاءُ الرخاءِ همُ كثيرٌ
أخلاءُ الرخاءِ همُ كثيرٌ ** وَلكنْ في البَلاءِ هُمُ قَلِيلُ
فلا يغرركَ خلةُ من تؤاخي ** فما لك عندَ نائبَةٍ خليلُ
وكُلُّ أخٍ يقولُ: أنا وَفيٌّ ** ولكنْ ليسَ يفعَلُ ما يَقُولُ
سوى خلٍّ لهُ حسبٌ ودينٌ ** فذاكَ لما يقولُ هو الفعولُ
===========
قصيدة: عَلِمتُكِ، واللَّهُ الحَسيبُ، عَفيفَةً
عَلِمتُكِ، واللَّهُ الحَسيبُ، عَفيفَةً ** منَ المؤمناتِ غيرَ ذاتِ غوائلِ
حَصاناً رَزَانَ الرّجلِ يَشبَعُ جارُها ** وتُصبحُ غَرْثَى من لحومِ الغَوافِلِ
وما قُلتُ في مالٍ تُريدينَ أخذَهُ ** بنية مهلاً، إنني غيرُ فاعلِ
===========
قصيدة: لقد وَرِثَ الضّلالةَ عن أبيهِ
لقد وَرِثَ الضّلالةَ عن أبيهِ ** أُبَيٌّ، يوْمَ فَارَقَهُ الرّسُولُ
جئتَ محمداً عظماً رميماً ** لتكذبهُ، وأنتَ بهِ جهولُ
وقد نالتْ بنو النجارِ منكمْ ** أُميّةَ، إذْ يُغَوِّثُ يَا عَقِيلُ
وَتَبَّ ابْنا رَبِيعةَ، إذْ أطَاعَا ** أبا جَهْلٍ، لأمّهما الهُبُولُ
===========
قصيدة: إذا الثقفيُّ فاخركمْ فقولوا
إذا الثقفيُّ فاخركمْ، فقولوا: ** هلمّ، فعدَّ شأنَ أبي رغالِ
أبوُكُمْ الأمُ الآباءِ قِدْماً ** وأنتُمْ مُشْبِهُوهُ على مِثَالِ
مثالِ اللؤمِ، قد علمتْ معدٌّ ** فليسوا بالصّريحِ ولا المَوالي
ثقيفٌ شرُّ من ركبَ المطايا ** وأشباهُ الهجارسِ في القتالِ
ولوْ نَطَقتْ رِحالُ المَيْسِ قالتْ: ** ثقيفٌ شرُّ منْ فوقَ الرحالِ
عَبِيدُ الفِزْرِ أوْرَثَهُمْ بَنيهِ ** وآلى لا يَبيعُهُمُ بمَالِ
وما لكرامةٍ حبسوا، ولكنْ ** أرادَ هوانهمْ أخرى الليالي
===========
قصيدة: جاءتْ مُزَينَةُ من عَمْقٍ لتنصَرَهمْ
جاءتْ مُزَينَةُ من عَمْقٍ لتنصَرَهمْ ** فِرّي، مُزَينَةُ، في أسْتاهكِ الفُتُلُ
فكلُّ شيء، سوَى أن تذكرُوا شرَفاً ** أوْ تبلُغوا حسَباً منْ شأنكُمْ جلَلُ
قومٌ مدانيسُ لا يمشي بعقوتهمْ ** جارٌ، وليسَ لهمْ في موْطنٍ بَطَلُ
===========
قصيدة: أبلغْ عبيداً بأنّ الفخرَ منقصةٌ
أبلغْ عبيداً بأنّ الفخرَ منقصةٌ ** في الصّالحينَ، فلا يذهبْ بكَ الجذَلُ
لما رأيتَ بني عوفٍ وإخوتهمْ ** عوفاً وَجمْعَ بني النجّارِ قد حفَلوا
قومٌ أباحوا حماكم بالسيوفِ، ولمْ ** يفعَلْ بكمْ أحدٌ في الناس ما فعلوا
إذ أنتمُ لا تجيبونَ المضافَ، وإذْ ** تُلقى خِلال الديار الكاعبُ الفُضُلُ
===========
قصيدة: وما كثرتْ بنو أسدٍ فتخشى
وما كثرتْ بنو أسدٍ فتخشى ** لكثرتها، ولا طابَ القليلُ
قبيلةٌ تذبذبُ في معدٍّ ** أنوفهمُ أذلُّ من السبيلِ
تمنى أن تكونَ إلى قريشٍ ** شَبيهَ البَغْلِ شَبَّهَ بالصّهيلِ
===========
قصيدة: سماهُ معشرهُ أبا حكمٍ
سماهُ معشرهُ أبا حكمٍ ** واللهُ سماهُ أبا جهلِ
فما يجيءُ، الدهرَ، معتمراً ** إلا ومرجلُ جهلهِ يغلي
وكأنهُ مما يجيشُ بهِ ** مبدي الفجورِ وسورةِ الجهلِ
يُغْرَى بهِ سُفْعٌ لَعامِظَةٌ ** مثلُ السباع شرَعنَ في الضَّحْلِ
أبْقَتْ رِيَاسَتُهُ لمَعْشَرِهِ ** غَضَبَ الإلهِ وَذِلّةَ الأصْلِ
إن ينتصرْ يدمى الجبينُ، وإنْ ** يلبثْ قليلاً يودَ بالرحلِ
قدْ رامني الشعراءُ، فانقلبوا ** مني بأفوقَ ساقطِ النصلِ
ويصدُّ عني المفحمونَ، كما ** صدّ البكارةُ عن حرى الفحلِ
يخْشُونَ من حسّانَ ذا بَرَدٍ ** هزِمَ العشيّةِ، صادقَ الوَبلِ
تابع أيضاً
أشعار وقصائد حسابن بن ثابت شاعر الرسول | المجموعة كاملة