الخميس , أبريل 25 2024

أبو بكر الصديق (23) فتوحات الشام

سنتناول فيما يلي من سيرة أبو بكر الصديق (23) فتوحات الشام.

قد يهمك:

كتاب أبو بكر الصديق
كتاب قصص ومواقف | أحمد السيد

أبو بكر الصديق (23) فتوحات الشام

تمهيد:

كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم يدعوه للإسلام لكنه لم يسلم بل كان يؤذي المسلمين في المناطق الحدودية مع دولة الإسلام.

أرسل النبي صلى الله عليه وسلم سرايا وبعوث على حدود الروم ومن أشهر معاركها مؤتة وتبوك ثم بعث أسامة وقد حققت أهدافاً كثيرة.


عقد لواء خالد بن سعيد:

بعد إنفاذ جيش أسامة عقد الصديق ألوية الجيوش لحرب المرتدين كما عقد لواء خالد بن سعيد بن العاص إلى مشارف الشام ليكون ردءاً للمسلمين بتيماء (دمشق).

ولما علم هرقل أعد جيشاً لمواجهة خالد فواجههم خالد وانتصر عليهم.

أمر الصديق خالداً أن يواصل الزحف على الروم فزحف خالد والتقى جيش الروم عند القسطل (في طريق البحر الميت) فهزمه وتابع مسيرته.

هاج الروم وحشدوا المزيد لمواجهة المسلمين وطلب خالد المدد من الصديق فأرسل إليه الصديق عكرمة ابن أبي جهل والوليد بن عتبة.

استطاع الروم استدراج المسلمين فهزموا المسلمين واستشهد سعيد بن خالد بن سعيد، فانسحب المسلمون إلى حدود الشام.

استشارة لغزو الروم:

كان أبو بكر يفكر في غزو الروم رغم انشغاله بغزو خالد بن الوليد للعراق ومواجهة الفرس.

جمع الصديق كبار الصحابة وقال فيما قال: وقد أردت أن استنفركم إلى الروم بالشام … وليشر علي كل امرئ بمبلغ رأيه، فأيده عمر وقال: قد والله أردت لقاءك لهذا الرأي الذي ذكرت.

ورأى عبد الرحمن بن عوف عدم الغزو والاقتحام لشدة حدّهم وركنهم واقترح أن يبعث الخيل للإغارة عليهم مراراً حتى يضر الروم ويقوى المسلمون على قتالهم، ثم بعد ذلك يقوم جند اليمن أهل اليمن فتجمعهم إِليك لغزو الروم.

وتطلع عثمان بتأييد رأي الصديق وثقتهم فيه وأيد بقية الحضور ما قاله عثمان.

وسأل الصديق علي بن أبي طالب ما ترى يا أبا الحسن؟

فقال: أرى أنك مبارك الأمر ميمون النقيبة (الرأي).

وعزم الصديق على الغزو وأخذ باقتراح ابن عوف في الاستعانة بجند اليمن.

خطاب الصديق لأهل اليمن:

كتب الصديق إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الجهاد وهذا نص الكتاب:

بسم الله الرحمن الرحيم، من خليفة رسول الله إلى من قرئ عليه كتابي هذا من المؤمنين والمسلمين من أهل اليمن:

سلام عليكم، فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد:

فإن الله تعالى كتب على المؤمنين الجهاد وأمرهم أن ينفروا خفافًا وثقالاً، وقال: جاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله، والجهاد فريضة مفروضة، وثوابه عند الله عظيم، وقد استنفرنا مَن قِبَلَنا من المسلمين إلى جهاد الروم بالشام، وقد سارعوا إلى ذلك، وعسكروا وخرجوا وحسنت بذلك نيتهم وعظمت في الخير حسبتهم، فسارعوا عباد الله إلى ما سارعوا إليه ولتحسن نيتكم فيه؛ فإنكم إلى إحدى الحسنيين إما الشهادة وإما الفتح والغنيمة، فإن الله -تبارك وتعالى- لم يرضَ من عباده بالقول دون العمل، ولا يزال الجهاد لأهل عداوته حتى يدينوا بدين الحق ويقروا لحكم الكتاب. حفظ الله دينكم وهدى قلوبكم وزكَّى أعمالكم، ورزقكم أجر المجاهدين الصابرين.

استجابة اليمن لنداء الصديق:

ما أن وصلت رسالة الخليفة إلى اليمن إلا وقد هبّ أهلها وتركوا من أعمال كل أنحائها استجابة لنداء الصديق وداعي الحق.

وجاءت وفود جند اليمن على المدينة في رجب 12هـ.

وجاء أنس بن مالك من همدان بأكثر من ألفي رجل، ولما دخلوا المسجد النبوي بالمدينة على أبي بكر وسمعوا القرآن اقشعرت جلودهم من خشية الله، وجاشت أنفسهم وجعلوا يبكون خاشعين، فبكى أبو بكر وهو يقول: هكذا كنا ثم قست القلوب.

وجاء ذو الكلاع من حمير وحوله ألف عبد من الفرسان وعلى رأسه التاج وعلى حلته الجواهر المتلألئة، وبردته تسطع بخيوط الذهب المرصع باللآلئ، والياقوت، والمرجان.

ولما دخل ذو الكلاع على الخليفة فوجئ بهيئته البسيطة وقد وجده شيخاً نحيلاً معروق الوجه، وعليه ثوب خشن ولا شيء يسطع من ثيابه، فاستحيا وتأثر بالصديق فانطلق ينزع ثيابه تأثراً بأبي بكر.

ولما رأه قومه فزعوا وقالوا له: فضحتنا بين المهاجرين والأنصار، فقال: فأردتم أن أكون جباراً في الجاهلية جباراً في الإسلام؟ لا والله لا تكون طاعة الرسول إلا بالتواضع والزهد في هذه الدنيا.

وقد صنع ملوك اليمن مثلما صنع ذو الكلاع وأعطوا تبعائهم وحظهم لبيت مال المسلمين.

ألوية الجيوش إلى الشام:

عقد الصديق الألوية لأربعة جيوش نحو الشام وهي:

  1. جيش يزيد بن أبي سفيان: ومهمته فتح دمشق، وقد بدأ يعدد 3 آلاف وبعد الإعدادات صار 7 آلاف.
  2. جيش شرحبيل بن حسنة: ومهمته التحرك نحو تبوك والبلقان (من أعمال دمشق) ثم البصري، وعدد الجيش ما بين 3 و4 آلاف، وقدكانت بعد 3 أيام من تحرك يزيد.
  3. جيش أبي عبيدة بن الجراح، ومهمته حمص وعدد الجيش ما بين 3 و4 آلاف
  4. جيش عمرو بن العاص، ومهمته فلسطين وعدد الجيش ما بين 6 و7 آلاف 

وكانت عادة الصديق أن يشبع كل جيش ويوصيه بالوصايا القرآنية التربوية مع تعليماته العسكرية

كان للروم جيشين عظيمين أحدهما في فلسطين والآخر في أنطاكية، وقد خطط الروم لتصفية جيوش المسلمين بمواجهة القادة الأربعة، ودخولهم حدود الشام ثم مواجهة جيوش المسلمين.

  1. جيش “تذارف” ومعه 90 ألفاً لمواجهة عمرو بن العاص
  2. جيش ” ابن توذر” لمواجهة يزيد بن أبي سفيان
  3. جيش “البقار بن ننوس” ومعه 60 ألفاً لمواجهة أبي عبيدة بن الجراح
  4. جيش “الدارج” لمواجهة شرحبيل بن حسنة

تأزم الموقف:

علم يزيد بن أبي سفيان بخطط الروم فأرسل إلى الصديق يخبره ويطلب مدداً.

وتقدم شرحبيل نحو البلقاء فلم يجد فيها مقاومة ففكر فأوصل فيها حتى بلغ بصري وحاصرها لكنه لم يتمكن من فتحها فيها كانت من المراكز الحصينة

وتقدم أبو عبيدة والتقى بقوة للعبد فقاتلهم ثم صالحوه فكان أول صلح في الشام ثم واصل تقدمه فلما علم بمخطط الروم أرسل للصديق يخبره ويطلب مدداً.

وتقدم عمرو بن العاص نحو فلسطين واصطدم بقوة الروم فهزموهم وأسر منهم أسرى فاستنطقهم وعلم منهم خطة الروم، وعلى ضوئها هاجمهم عمرو وهزمهم وأسقط منهم آلاف القتلى، ولما علم بتجمع جيوش الروم أرسل إلى الصديق يخبره ويطلب المدد.

إرسال المدد:

واصل الصديق استنفار الناس للجهاد وعقد لواءين للمسلمين في الشام

  1. هاشم بن عتبة بن أبي وقاس ومعه ألف مقاتل لإمداد جيش أبي عبيدة.
  2. سعيد بن عامر ومعه 7000 مقاتل لإمداد يزيد بن أبي سفيان.

بلال يطلب الجهاد:

جاء بلال بن رباح إلى الصديق فقال يا خليفة رسول الله إن كنت إنما أعتقتني لأقيم معك وتمنعني مما أرجو لنفسي فيه الخير أقمت معك، وإن كنت إنما أعتقتني لله لأملك نفسي وأضرب فيما ينفعني فخلّ سبيلي حتى أجاهد في سبيل ربي، فإن الجهاد أحب إلىّ من المقام فقال الصديق: أما إذا كان هواك في الجهاد فلم أكن لآمرك بالمقام إنما كنت أريدك للأذان، وإني لأجد فراقك وحشة يا بلال، فما بُدّ من التفرق، فرقة لا لقاء بعدها أبداً حتى يوم البعث، فاعمل عملاً صالحاً يا بلال يكن زادك من الدنيا ويذكرك الله به ما حييت، ويحسن لك به الثواب إذا توفيت.

فقال بلال: جزاك الله من ولى نعمة وأخ في الإسلام خيراً، فوالله ما أمرك لنا بالصبر على طاعة الله والمداومة على الرق والعمل الصالح ببدع، وما أريد أؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والتحق بلال بسعيد بن عمار لينضموا لجيش يزيد.

أزمة تربوية بين المجاهدين:

كانت وفود المجاهدين تتوافد على المدينة، ومن بين هذه الوفود جموع من أهل القرى ممن لم ينال قسطاً كافياً من التربية الإسلامية فكان فيهم بعض الجهل والجفاء وغلظة الطباع مما كان يؤذي رفقاءهم.

وكثرة الشكاوى ضدهم إلى الخليفة وكان الأمر يؤدي إلى تنازع.

صعد الصديق المنبر وقال: نشدتك الله امرءاً مسلماً، سمع نشدي لما كفّ عن هؤلاء القوم، ومن رأي لي عليه حقاً فليحتمل ذرب (حدّة) ألسنتهم، وعجلة يكرهونها منهم ما لم يبلغ ذلك الحد، فإن الله مُهلك بهؤلاء أعدائنا جموع هرقل والروم، وإنما هم إخوانكم، فإن كانت منهم عجلة على أحد منكم فليحتمل ذلك، ألم يكن ذلك أصوب في الرأي وخيراً في المعاد من أن ينتصر منهم؟ قال المسلمون: بلى. قال: فإنهم اخوانكم في الدين، وأنصاركم على الأعداء ولهم عليكم حق، فاحتملوا ذلك لهم.

ونجحت توجيهات الصديق في منع الاختلاف والتفرق داخل الصفوف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *