الأحد , أبريل 28 2024

أبو بكر الصديق (24) فتوحات الشام 2

سنتناول فيما يلي من سيرة أبو بكر الصديق (24) فتوحات الشام 2

قد يهمك:

كتاب أبو بكر الصديق
كتاب قصص ومواقف | أحمد السيد

أبو بكر الصديق (24) فتوحات الشام 2

شعر قادة المسلمين في جيوش الشام بخطورة تحركات جيوش الروم فعقدوا اجتماعاً بالجولان واقترحوا فيه الانسحاب من جميع الأراضي والتجمع كجيش واحد باليرموك.

كتب أبو عبيدة إلى الخليفة يخبره بما اتفقوا عليه، فوافق الصديق على اجتماع كل الجيوش تحت قيادة ابي عبيدة بن الجراح.

واستطاع أبو عبيدة الانسحاب من حمص، وشرحبيل من الأردن، ويزيد من دمشق،

لكن عمرو بن العاص لم يستطع الانسحاب فتوقف عند بئر السبع وظل يناور الروم.

وقد جاء في رسالة الصديق لأبي عبيدة:

وبث خيلك في القرى والسواد وضيق عليهم بقطع الميرة والمادة، ولا تحاصروا المدائن حتى يأتيك أمري،

فإن ناهضوك فأنهض لهم، واستعن بالله عليهم فإنه ليس يأتيهم مدد إلا أمددناك بمثلهم.

كانت الأوضاع في جبهة الشام خطرة وذلك في الوقت الذي حقق فيه المسلمون انتصارات تاريخية في جبهة العراق حتى تم فتحها بالكامل بقيادة خالد بن الوليد.

وقرر الخليفة ارسال خالد بن الوليد إلى الشام وتوليته القيادة العامة لكل الجيوش.

وقد بلغ الصديق أن قادة الروم يقولون: والله لنشغلن أبا بكر عن أن يورد الخيول إلى أرضنا فقال أبو بكر: والله لأشغلنّ النصارى عنكم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد.

خطاب الصديق لخالد بن الوليد:

جاء في خطاب الصديق إلى خالد بن الوليد:

دع العراق واخلف فيه أهله الذين قدمت عليهم، ثم امضي مخففاً في أهل قوة من أصحابنا الذين قدموا معك العراق من اليمامة وصحبوك في الطريق وقدموا عليك من الحجاز

ثم تأتي الشام فتلقى أبا عبيدة بن الجراح ومن معه من المسلمين، وإذا التقيتم فأنت أمير الجماعة والسلام عليك ورحمة الله.

خطاب الصديق إلى أبي عبيدة بن الجراح:

أما بعد، فإني قد واليت خالداً قتال الروم والشام، فلا تخالفه واسمع له وأطع أمره، فإني وليته عليك وأنا أعلم أنك خير منه،

ولكن ظننت أن له فطنة في الحرب ليست لك، أراد الله بنا وبك سبيل الرشاد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

خطاب خالد إلى أبي عبيدة:

لما بلغ خالد كتاب الخليفة كتب كتاباً عاجلاً إلى أبي عبيدة وهذا نصه:

لأبي عبيدة بن الجراح من خالد بن الوليد، سلام عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإني أسأل الله لنا ولك الأمن يوم الخوف والعصمة في دار الدنيا.

فقد أتاني كتاب خليفة رسول الله يأمر فيه بالمسير إلى الشام وبالمقام على جندها والتولّي على أمرها

والله ما طلبت ذلك، ولا أردته، ولا كتبت إليه فيه، وأنت رحمك الله على حالك الذي كنت به لا تعصى في أمرك، ولا يُخالف رأيك،

ولا يقطع أمر دونك، فأنت سيد من سادات المسلمين لا يُنكر فضلك، ولا يُستغني عن رأيك،

تمم الله ما بنا وبك من نعمة الإحسان، ورحمنا وإياك من عذاب النار، والسلام عليك ورحمة الله.

فلما قرأ أبو عبيدة الرسائل قال: بارك الله لخليفة رسول الله فيما رأى، وحيّا الله خالداً بالسلام.

تحرك خالد بن الوليد من العراق للشام:

حشد خالد جنده وأراد أن يعبر إلى الشام عبر الصحراء، فسأل الأدلاء كيف لي بطريق أخرج فيه من وراء جموع الروم؟ فإني إن استقبلتها حبستني عن غياث المسلمين.

قالوا له: لا نعرف إلاّ طريقاً لا يحمل الجيوش، فوالله إن الراكب المفرد يخافه على نفسه،

إنك لن تطيق ذلك الطريق بالخيل والأثقال، إنها لخمس ليالٍ لا يصاب نيلها ماء.

قال خالد: إنه لابد من ذلك لأخرج من وراء جموع الروم، وعزم خالد على سلوك هذا الطريق، رغم مخاطره المهلكة.

عندئذٍ قال دليل الطريق رافع بن عمير لخالد أن يستكثر من الماء حتى يجتاز ذلك الطريق.

فأمر خالد جنوده أن يخزنوا الماء في بطون الإبل العطاش ثم يشدوا مشافرها لكيلا تحثر فتستنزف الماء

وتحرك الجيش في هذا الطريق الوعر لأنه أقصر الطرق ويحقق السرعة والسرية والمباغتة،

وكلما نزل الجيش منزلاً نحروا من الإبل وشرب الناس وتزودوا، وكانوا يسيرون باليل ويستريحون بالنهار،

وكان خالد يصطحب دليلاً للطريق وهو رافع بن عمير ودليلاً آخر لديه خبرة في اتجاهات الطرق عن طريق النجوم وهو محرز المحاربي.

وحرص خالد على ألا يسير أحد من جنده على قدميه وإنما أركبهم الإبل للحفاظ على قدرتهم البدنية.

وظل الأمر كذلك حتى جاء اليوم الخامس وقد نفد الماء ووقع الخطر وخاف خالد على جنوده

ووجد الدليل في حيرة من أمره فقال خالد للدليل رافع: ما عندك؟

فقال رافع: يوجد في هذه المنطقة شجرة عوسج صغيرة ويوجد تحتها ماء.

وأمر خالد الناس أن يبحثوا عن تلك الشجرة حتى وجدوا جزءاً صغيراً من ساقها،

فأمر رافع أن يحفروا هناك فظهرت عين للماء، فحمدوا الله وشرب الناس وتهيأ الجيش لمواصلة المسير ودخول الشام.

وصل خالد إلى أول حدود الشام فأغار على “أراك” وحررها وصالحها ثم حاصر “تدمر” فطالبوا الأمان فصالحهم، وقاتل القريتين وظفر بها

وواصل المسير حتى وصل إلى “بصري” فصالحه صاحبها وسلمها له فكانت أول مدينة فتحت من بلاد الشام.

معركة أجنادين:

بعدما فتح خالد بصري، اجتمع بقادة المسلمين أبي عبيدة وشرحبيل ويزيد،

وتطلع على التفاصيل ودرس الموقف وعلم بموقف عمرو وانحساره عند بئر السبع بفلسطين.

قرر خالد التحرك من معسكره (باليرموك) نحو عمرو لينضم إليه وليواجها قوة الروم والذي يبلغ عددهم نحو 70 ألفاً،

فطلب خالد من عمرو أن ينسحب نحو أجنادين ولما وصل خالد إلى عمرو

أصبح جيش المسلمين في حدود 30 ألفاً وقد وصل خالد في اللحظة المناسبة فقد كانت اللحظة التي اشتبك في الروم مع عمرو.

وهجم المسلمون هجمة شديدة على الروم، وتمكنت قوة من جيش المسلمين أن تقتحم صفوف العدو حتى وصلت إلى قائد الروم فقتلته، فانهارت قوة الروم وهربوا في اتجاهات مختلفة.

كان انتصار المسلمين في أجنادين أول المعارك الكبرى في بلاد الشام،

ولما بلغ الانتصار لأبي بكر، حمد الله وقال: الحمد لله الذي نصر المسلمين وأقر عيني بذلك.

ولما بلغ هرقل ملك الروم خبر هزيمة جيشه انزعج وشعر بكارثة كبرى،

وظنت الروم أن خالد بن الوليد هذا معه سر من السماء يحقق به الانتصارات.

وبعدما انتهت المعركة عاد خالد بكل جيشه إلى معسكره باليرموك تنفيذاً لأمر الخليفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *