الإثنين , أبريل 29 2024

أبو بكر الصديق (21) فتوحات العراق

في محرم عام 40 هجرية (وقيل رجب) بدأت تحركات الصديق نحو العراق والتي تخضع وتنازح سلطة الفرس، وسنتناول فيما يلي أبو بكر الصديق (21) فتوحات العراق.

قد يهمك:

كتاب أبو بكر الصديق
كتاب قصص ومواقف | أحمد السيد

أبو بكر الصديق (21) فتوحات العراق

خطة الصديق:

خطط الصديق لفتح العراق بجيشين أحدهما من الجنوب الغربي بقيادة خالد بن الوليد والآخر من الشمال الشرقي بقيادة عياض بن غنم.
كتب الصديق إلى خالد بن الوليد وكان يومئذ باليمامة بعدما قضى على الردة، واليمامة قريبة من جنوب العراق، فأمره الصديق أن يسير إلى العراق من جنوبه الغربي إلى أن يأتيهما من أعاليها، وأمره أن يتألف الناس ويدعوهم إلى الله فإذا أجابوا فيها وإلا أخذ منهم الجزية فإن امتنعوا قاتلهم وأمره ألا يجبر أحداً على المسير معه ولا يستعين بمن ارتد عن الإسلام، وأنه يصطحب معه من مرّ به من المسلمين.

وكتب الصديق إلى عياض بن غنم وكان يومئذ بقرية قرب البصرة، فأمره بأن يغزو العراق من شمالها الشرقي ويدخلها حتى يلتقي بخالد بن الوليد.

وكتب الصديق لخالد وعياض بأن من يسبق منكما إلى الحيرة فهو أمير على صاحبة، ثم ليكن أحدكما درعاً للمسلمين ولصاحبة بالحيرة، وليقتحم الآخر ديار فارس ويستقر عندهم “المدائن”.

وقد تلقى الصديق قبل ذلك رسالة من المثني بن حارثة يستأذن أن يخرج لغزو قومه بالعراق فأذن له الصديق، ثم أرسل المثني يطلب من الصديق مدداً، وكتب الصديق إلى المثني يخبره أنه قد بعث خالداً وأمر الصديق المثني أن يساعد خالداً ويـؤازره ويطيع أمره ولا يخالف رأيه، وأخبره بأن خالداً هو الأمير ما دام مقيماً مع المثني فإذا رحل خالد يكون المثني كما كان عليه، وكتب مذعور بن عدي (من قوم المثني من بني عجل وخرج عليه ينازعه الإمارة) يطلب من الصديق أن يؤمره على قومه ويجاهد بهم في العراق، وكتب المثنى للصديق يخبره بأمر مذعور.

فأمر الصديق مذعور أن يلحق بجيش خالد ويطيعه، وكتب إلى المثني يقول: إن صاحبك العجلي كتب إلى يسألني أموراً فكتبت إليه بلزوم خالد حتى أرى رأيي، وهذا كتابي إليك أمرك ألا تبرح العراق حتى يخرج منه خالد بن الوليد فإذا خرج فالزم مكانك الذي كنت به، وأنت أهل لكل زيادة وجدير بكل فضل.

ولقد كان المثني رضى الله عنه طائعاً للصديق وسارع بالاستجابة ولحق وجيشه بخالد وخضع لإمارته فكان مثالاً لنكران الذات وتقدير المسئولية.


حركات الجيش:

انطلق خالد بن الوليد إلى العراق ومعه 2000 رجل، وانضم إليه من قبائل ربيعة 8000 رجل، وكتب إلى ثلاثة أمراء في العراق (مذعور بن عدي العجلي – سلمى بن اليقين التميمي – حرملة بن مريطة التميمي) بالإضافة لجيش المثني فانضم 8000 رجل، فأصبح جيش خالد 18 ألف مقاتل.
وكان خالد قد أرسل إلى الصديق يستمده (أثناء سير إلى العراق) فأرسل الصديق رجلاً واحداً هو القعقاع بن عمرو التميمي، فقيل للصديق: أتمد الجيش برجل واحد؟ فقال الصديق لا يهزم جيش فيه مثل هذا.

1- معركة ذات السلاسل

كتب خالد إلى هرمز صاحب ثغر الأبلة كتاب إنذار إما الإسلام أو الجزية أو الموت وقال: فقد جئتكم بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة.
لم يأب هرمز إلاَ القتال والتقى بجيش خالد وأعدّ مكيدة للغدر بخالد حيث اتفق مع رجاله على أن يبارز خالد وأثناء ذلك يغدروا به ويهجموا عليه ويقتلونه.

دعا هرمز لمبارزة خالد، فالتقيا واستطاع خالد أن يحتضن هرمز فأقبل رجال هرمز لقتل خالد وتخليص هرمز، لكنهم لم يستطيعوا تخليص هرمز فقد ظل خالد يجالدهم إلى أن وصل إليه القعقاع الذي تحرك سريعاً بمجرد أن لمح تحرك رجال هرمز للغدر.

أقبل القعقاع بجماعة من الفرسان وحمل المسلمون من وراء القعقاع حتى هزموا الفرس شر هزيمة وقتلوا قائد الفرس وغنم المسلمون حمل ألف بعير، وبعث خالد السرايا تفتح ما حول الحيرة(1) فغنموا أموالاً كثيرة، وقد أحسن خالد إلى من لم يقاتلوا من الفلاحين التزاماً بوصية الصديق وأبقاهم في الأرض يفلحونها، فأدى ذلك لترحيب الفلاحين بالإسلام ودخل منهم من دخل في الإسلام وحدد لهم خالد نصيب الزكاة ومن بقي منهم على دينه حدد لهم نصيب الجزية وهو أقل بكثير مما كان ينهبه الفرس.

أرسل خالد خمس الغنائم للصديق وفيها قلنسوة هرمز الثمينة، فأهداها الصديق إلى خالد على حسن بلاءه.

2- معركة المذار (المثني):

كان كسرى ملك الفرس قد أرسل جيشاً لدعم هرمز لكن هرمز تعجل فانهزم وفر باقي الجيش، والتقي الفارون بالجيش المدد فعسكروا في مكان يسمى المذار لمواجهة المسلمين، تقدم إليهم خالد بجيشه ودارت معركة عنيفة وانتصر المسلمون بعدما تمكنوا من قتل قادة الفرس، وفر بقيتهم إلى السفن وهربوا عليها وبلغ عدد قتلى الفرس 30 ألف، وارسل خالد خمس الغنائم للصديق.

3- معركة الولجة:

لما علم كسرى بالهزيمة أرسل جيشين عظيمين والتخطيط لمهاجمة المسلمين من جهتين وقد تجمع جيش الفرس في مكان يسمى الولجة وكانت حشودهم كبيرة.
جمع خالد المعلومات ورأى أن يهاجم الفرس من ثلاث جهات حتى يباغتهم ويفرق جموعهم ووصل خالد إلى الولجة وبعث بفرقتين من خلف وجانبي الفرس وينتظران الأوامر، ثم تقدم خالد من جهة مقدمة الفرس وشدد القتال، وفي الوقت المناسب انقضى الكمينان في مؤخرة جيش الفرس فانهزموا وفرّوا.

4- معركة ألّيس وفتح أمغيشيا:

بلغ خالد تجمع نصارى العرب لدعم الفرس، فتحرك خالد لقتالهم وفوجئ بوجود جيش آخر للفرس لكن الفرس استخفّوا بخالد وتداعوا إلى الطعام فلم يمهلهم خالد ولم يدعهم يهنئون بطعامهم فاقتتلوا حتى انهزم الفرس وفرّوا، ووقف خالد على الطعام فقال: قد نفلتكموه فهو لكم وتناول المسلمون الطعام، ثم تحرك خالد إلى (أمغيشيا) وفتحها وغنموا منها ما لم يغنموا من قبل.

إشادة الصديق بخالد:

وصل رسول خالد إلى الصديق بالغنائم وبشريات النصر وبطولات المسلمين فقال الصديق: يا معشر قريش، عدا أسدكم (يقصد خالد) على الأسد فغلبه على خراذيله (قطع اللحم)، أعجزت النساء أن ينسلن مثل خالد؟ ثم أهدى الصديق لرسول خالد بجارية مكافأة له على هذه البشري.

 (1) تمهيداً لدخولها

تعليق واحد

  1. رضي الله عنه وأرضاه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *