نقدم لكم فيما يلي قصة جديدة كتاب قصص ومواقف لأحمد السيد بعنوان الاختبار المدهش | قصص ومواقف.
قد يهمك:
الاختبار المدهش
سمع أهل بغداد أن شاباً صغيراً يحفظ سبعين ألف حديث نبوي وقد ذاع صيته في البلدان، ولما علموا أنه قادم إلى بغداد لطلب العلم، قرر أصحاب الحديث أن يختبروه أمام الجماهير.
جهز علماء الحديث مائة حديث وتعمّدوا قلب متونها (نص الحديث) وأسانيدها (سلسلة الرواة) بطريقة يصعب اكتشافها وحان الموعد واحتشدت الجماهير وجاء الشاب محمد بن إسماعيل البخاري.
تقدم الرجل الأول وسأل البخاري عن الحديث الأول، فقال البخاري: لا أعرفه.
ثم أتبع ذلك بالحديث الثاني ثم الثالث حتى العاشر، والبخاري لا يزيد عن قوله: لا أعرفه ثم تقدم الرجل الثاني بعشرة أحاديث وهكذا حتى كانوا عشر رجال بمائة حديث والناس تظن في البخاري العجز وقلة العلم.
لما تأكد البخاري أنهم قد فرغوا من أحاديثهم المائة، التفت للرجل الأول وقال له: أما حديثك الأول الذي هو كذا (وذكر الحديث) فهو خطأ وصوابه كذا، وأما الحديث الثاني الذي هو كذا فصوابه كذا، وأكمل البخاري العشرة أحاديث بنفس الطريقة.
ثم التف إلى الرجل الثاني وفعل كما فعل مع الأول، ثم واصل مع بقية الرجال وذكر لهم أحاديثهم الخاطئة مع تصحيحها وبذات الترتيب.
انتاب الناس الذهول، لم يصدقوا ما تراه أعينهم من قدرات غير عادية لهذا الشاب الأسطوري.
يقول النووي: ليس العجب من تصويبه الخطأ وإنما العجب من حفظه للخطأ على الترتيب ومن سماعه مرة واحدة.
*فوائد وعبر:
1- البخاري عالم رباني ورائد موسوعي قلما أخرجت الدنيا مثله، فهو أحد عظماء العالم وقد خلّد ذكره إلى آخر الزمان.
- يقول الإمام مسلم: أشهد أنه ليس في الدنيا مثله.
- يقول ابن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحفظ من هذا الرجل.
- يقول د. مصطفى السباعي: أمتنا أغنى الأمم بالعظماء وما عرف تاريخ أمة من الأمم قدراً من العظماء يملئون التاريخ بمآثرهم وآثارهم كما عرف ذلك تاريخ أمتنا.
2- من المفارقات المؤسفة أن تجد من يعرف سير الفنانين والرياضيين والعظماء الأوروبيين ولا يعرف شيئاً عن هذا الرجل الموسوعي.
3- كانت قدرات البخاري فائقة في الحفظ والفهم والتوثيق والتحليل والمقارنة والإنسان يستطيع أن يصل إلى مستوى النبوغ والتفرد في القدرات إذا امتلك حماسة ملتهبة وعقلاً ذكياً وقلباً نقياً وواصل العلم والعمل بنشاط دؤوب، وآثر الجد على اللعب وتجنب المفاسد التي تضر بالعقل والقلب والجسد.
إن الإيمان الخالص لله يحقق ذلك ويصنع المعجزات.
للمزيد: