موقع اسكتشات فنون سمعية وبصرية
نتناول هنا الرسالة السابعة من رسائل الأب لابنه الشاب بعنوان تنمية بشرية بقلم أحمد السيد.
قد يهمك:
رسائل إلى ابني الشاب 7 | تنمية بشرية
ابني الحبيب..
تطورت بعض العلوم الإنسانية المتعلقة بدراسة علم النفس والاجتماع والإدارة وظهر فرع لها يسمى بالتنمية البشرية أو تطوير الذات أو التنمية الإنسانية.
وهذه العلوم تهدف إلى تنمية وتطوير الإنسان وإكسابه قناعات وصفات وسمات ومعارف ومهارات تجعله قادراً على النجاح في الحياة بأساليب علمية وخبرات تجريبية.
وتتضمن مواد التنمية البشرية فيما تتضمن:
- كيفية تنمية الدوافع النفسية واستثارة العزائم ومواجهة التحديات والصعوبات.
- طرق التفكير الصحيح والتفكير الإبداعي والتفكير النقدي، وكيفية العصف الذهني وحل المشكلات، والتعامل الصحيح مع مكونات العقل، ومن ثم القدرة على التفوق الدراسي والمهني، وكيفية ترتيب الأفكار وطرق التلخيص والإيجاز والتحدث اللبق والتركيز نحو الهدف.
- كيفية إدارة الوقت وتنظيم الشئون والتخطيط للمستقبل.
- فهم أنماط الشخصيات وطرق التعامل المناسبة مع كل شخص، ومن ثم كيفية تكوين علاقات وكسب أصدقاء وتعلم فنون الحوار.
- كيفية العمل داخل فريق، وتعلم مهارات العمل الجماعي والقيادة وإدارة المشروعات، وتحقيق الإنجاز وزيادة الأرباح وتعظيم الأهداف وتجاوز الأزمات وكيفية التطوير والتغيير.
- مهارات في فنون التسويق وكيفية التأثير والإقناع.
- مهارات في التربية واكتشاف المواهب وأنواع الذكاءات وطرق تنميتها وتوظيفها.
وقد ظهرت هذه العلوم وانتشرت في أواخر القرن الماضي (العشرين الميلادي)، وألفت فيها كتب لاقت رواجاً واسعاً، ونظمت لها دورات تدريبية، وخصصت لها أقسام ووحدات في المؤسسات الكبرى، وأنشئت لها مراكز وبيوت خبرة واستشارة، وقد لجأ الغرب إليها كبديل عن الدين.
وقد أقبل الشباب وطلاب الجامعات على هذه المواد، واهتمت بعض الجامعات الأجنبية بتربية طلابها على هذه العلوم بهدف تأهيلهم للتعامل مع الحياة بطريقة جيدة عند تخرجهم.
ابني الحبيب..
هذه المواد في مجملها علوم نافعة، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها، ولكن ينبغي التنبه إلى بعض الملاحظات والفوائد حتى يحسن بك الانتفاع بها:
1- هذه المواد تشكلت ملامحها في بيئة غربية علمانية، وبنت فلسفتها على المادة، فهي لا تعترف بالغيبيات، ولا تؤمن بأثر الإيمان في الأفراد والمجتمعات، وتؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة حتى لو تعارضت مع الخلق والدين.
2- القرآن والسنة سبقا علوم التنمية البشرية بقرون، وأثمرا أفضل شخصيات ومجتمعات عرفها العالم، وقد عبر القرآن بكلمة “تزكية النفس” كتعبير أدق وأشمل من “التنمية البشرية”، وتعددت آياته التي تصف النموذج المثالي للإنسان، وقدمت السيرة النبوية إثباتاً عملياً على تفوق قيم الوحي، وكيف استطاع محمد صلى الله عليه وسلم أن يحول أمة أمية في ذيل الأمم إلى أمة علم وحضارة تقود الأمم.
3- التنمية البشرية جهد بشري يؤخذ منه ويرد، فهو لم يسلم من الملاحظات ومن ذلك المبالغات في عرض بعض القصص والتكلف في استنباط القواعد مما يخدع البسطاء، وبعض قصص النجاح لأشخاص قد لا تلائم آخرين لاختلاف العوامل الشخصية والبيئية، وبعض المواد لا تتناسب مع كل الناس كمهارات القيادة والتخطيط الاستراتيجي فهي تلائم أشخاصاً ذوي سمات محددة، ومن ذلك أيضاً المبالغة في التفكير النقدي ووجوب نقد كل شيء بما في ذلك الكتب المقدسة، وهذا لا يصح مع القرآن لأنه ليس جهداً بشرياً كما يظن غير المسلمين، فضلاً عن أن النقد العلمي الموضوعي لا يحسنه كل الناس.
4- ليس كل من يحصل على دورات تنمية بشرية ينتفع بها، وقد ذكر خبراء أن نسبة الذين يستفيدون من الدورات التدريبية لا يتجاوز 15%، فالعبرة باستعداد الفرد ومدى عزيمته ومدى ملائمة الدورات لاحتياجاته.
ابني الحبيب..
احرص على الانتفاع بهذه المواد بالاطلاع على الكتب أو بالاشتراك في دورات تدريبية، ولكن اعلم أن الالتزام الحكيم بتعاليم الإسلام يعطى أفضل مما عند “التنمية البشرية” فالدوافع الإسلامية هي أكبر الدوافع بلا منازع، والعقلية الإسلامية الصحيحة عقلية علمية تفكر بطريقة صحيحة وتبنى التصورات على أسس علمية، والأخلاق الإسلامية هي أرقى الأخلاق الإنسانية، والآداب الإسلامية هي الأكثر ذوقاً ولباقة.
والمسلم بحكم إسلامه عليه واجبات عملية فردية ومجتمعية كفيلة بأن تكسبه السمات المتطورة في عالم البشر.
إن أقصر الطرق للتنمية والتطوير هو الالتزام الحكيم بتعاليم الإسلام ثم الاستفادة من العلوم الحديثة والخبرات التجريبية لعلوم التنمية البشرية.
والدك.
الوصايا:
استفد من علوم التنمية البشرية جنباً إلى جنب مع تعاليم الإسلام ذات الصلة بها.
