الخميس , مارس 28 2024

صلاة الجماعة وإمامة الصلاة| فقه السنة

هذه المادة المختصرة من كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق تتناول صلاة الجماعة والتعرض لعدد من المسائل في صلاة الجماعة، وتوضيح أعذار التخلف عن الجماعة، مع الإشارة إلى إمامة الصلاة، وموقف الإمام والمأموم.

صلاة الجماعة

صلاة الجماعة سنة مؤكدة ورد في فضلها أحاديث كثيرة نذكر بعضها فيما يلي:

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة” متفق عليه.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وسوقه خمسا وعشرين ضعفا، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت لها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم يحدث: اللهم صل عليه اللهم ارحمه. ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة” متفق عليه وهذا لفظ البخاري.

وعنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه فقال له: “هل تسمع النداء في الصلاة ؟” قال: نعم. قال: “فأجب” رواه مسلم.

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: “من سره أن يلقى الله تعالى غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف”. رواه مسلم. وفي رواية له قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى: الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه.

مسائل في صلاة الجماعة:

يجوز للنساء الخروج إلى المساجد وشهود الجماعة بشرط أن يتجنبن ما يثير الشهوة ويدعو إلى الفتنة من الزينة والطيب، فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تمنعوا النساء أن يخرجن إلى المساجد، وبيوتهن خير لهن”.

يستحب الصلاة في المسجد الأكثر عدداً، عن أبي بن كعب قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده. وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى” رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان وصححه ابن السكن والعقيلي والحاكم.

يندب المشي إلى المسجد مع السكينة والوقار ويكره الإسراع والسعي.

وجوب متابعة الإمام وحرمة مسابقته: اتفق العلماء على أن السبق في تكبيرة الإحرام أو السلام يبطل الصلاة، واختلفوا في السبق في غيرهما، أما المساواة فمكروهة. عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنما جعل الإمام ليؤتم به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا أجمعون” رواه الشيخان.

تنعقد الجماعة بواحد مع الإمام ولو كان أحدهما صبياً أو امرأة.

من أدرك الإمام متأخراً، كبر تكبيرة الإحرام قائما ودخل معه على الحالة التي هو عليها، وبعدما يسلم الإمام يستكمل ما فاته، فعن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئا ومن أدرك الركعة “أي الركوع” فقد أدرك الصلاة” رواه أبو داود وابن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك، وقال صحيح.

يجوز لمن دخل الصلاة مع الإمام أن يخرج منها بنية المفارقة ويتمها وحده إذا أطال الإمام الصلاة، ويلحق بهذه الصورة حدوث مرض أو خوف ضياع مال أو تلفه أو فوات رفقة أو حصول غلبة نوم، ونحو ذلك.

إذا صلى منفرداً ثم أدرك الجماعة يستحب إعادة الصلاة وتكون الإعادة نافلة.

يجوز اقتداء المأموم بالإمام وبينهما حائل إذا علم انتقالاته برؤية أو سماع. قال البخاري، قال الحسن: لا بأس أن تصلي وبينك وبينه نهر. لكن أفتى العلماء بعدم الصحة خلف الراديو.

تصح صلاة المأمومين خلف إمام أخل بشرط أو ركن إذا كانوا لا يعلمون، وعلى الإمام إعادة الصلاة وليس على المأمومين إعادة.

أعذار التخلف عن الجماعة:

  • البرد أو المطر، فعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة ينادي: “صلوا في رحالكم، في الليلة الباردة المطيرة في السفر” رواه الشيخان. وعن جابر قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فمطرنا فقال: “ليصل من شاء منكم في رحله” “أي في منزله” رواه أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي.

ومثل البرد الحر الشديد والظلمة والخوف من ظالم. قال ابن بطال: أجمع العلماء على أن التخلف عن الجماعة في شدة المطر والظلمة والريح وما أشبه ذلك، مباح.

  • حضور الطعام، لحديث ابن عمر قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم “إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضي حاجته منه وإن أقيمت الصلاة” رواه البخاري.
  • مدافعة الأخبثين: فعن عائشة قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافع الأخبثين” رواه أحمد ومسلم وأبو داود. “وهو يدافع الأخبثين: أي البول والغائط”

وعن أبي الدرداء قال: “من فقه الرجل إقباله على حاجته، حتى يقبل على صلاته وقلبه فارغ”. رواه البخاري.

إمامة الصلاة:

عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم، بالسنة، فإن كانوا في السنة سواء، فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواء، فأقدمهم سنا ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه. وفي لفظ: “لا يؤمن الرجل الرجل في أهله ولا سلطانه” رواه أحمد ومسلم

استحباب تخفيف الإمام: عن حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير فإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء” رواه الجماعة.

يشرع للإمام أن يطول الركعة الأولى انتظارا للداخل ليدرك فضيلة الجماعة.

يجوز للإمام أن ينتقل مأموماً إذا استخلف فحضر الإمام الراتب.

تصح إمامة الصبي المميز، والأعمى، والقائم بالقاعد، والقاعد بالقائم، والمفترض بالمتنفل، والمتنفل بالمفترض والمتوضئ بالمتيمم، والمتيمم بالمتوضئ والمسافر بالمقيم، والمقيم بالمسافر، والمفضول.

لا تصح إمامة معذور “كمن به انطلاق البطن أو سلس البول أو انفلات الريح عند جمهور العلماء، وقالت المالكية تصح إمامته للصحيح مع الكراهة.

يستحب إمامة المرأة للنساء، ويجوز إمامة الرجل النساء فقط، ويكره إمامة الفاسق والمبتدع.

يكره أن يقف الإمام أعلى من المأموم.

إذا كان الإمام في الصلاة وحدث له عذر أو تذكر عذرا (كنقض الطهارة أو الإصابة بجرح أو مرض) فله أن يستخلف غيره ليكمل الصلاة بالمأمومين.

جاءت الأحاديث تحظر أن يؤم رجل جماعة وهم له كارهون، والعبرة بالكراهة الكراهة الدينية التي لها سبب شرعي.

موقف الإمام والمأموم:

  • استحباب وقوف الواحد عن يمين الامام، أما الإثنين فصاعدا خلفه.
  • استحباب وقوف الإمام مقابلا لوسط الصف، وقرب أولي الاحلام والنهي منه.
  • كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجعل الرجال قدام الغلمان، والنساء خلف الغلمان، وإذا كان صبي واحد دخل مع الرجال في الصف.
  • من كبر للصلاة خلف الصف ثم دخله وأدرك فيه الركوع مع الإمام صحت صلاته، وأما من صلى منفردا عن الصف فإن الجمهور يري صحة صلاته مع الكراهة.
  • يستحب للإمام أن يأمر بتسوية الصفوف وسد الخلل قبل الدخول في الصلاة.
  • الترغيب في الصف الأول، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليهما لاستهموا” الحديث.
  • يستحب التبليغ خلف الإمام عند الحاجة إليه.

 

انظر أيضاً:

مختصر كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *