هذه المادة المختصرة من كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق تتناول ما يتعلق بتجهيز الميت، وصفة الغسل، والتيمم للميت عند العجز عن الماء، وغسل أحد الزوجين الآخر، وغسل المرأة الصبي، والكفن.
تجهيز الميت
يجب تجهيز الميت فيغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن، وتفصيل ذلك فيما يلي:
غسل الميت: يرى جمهور العلماء أن غسل الميت المسلم فرض كفاية.
الشهيد لا يغسل: الشهيد الذي قتل بأيدي الكفرة في المعركة لا يغسل ولو كان جنبا، ويكفن في ثيابه الصالحة للكفن، ويكمل ما نقص منها، وينقص منها ما زاد على كفن السنة، ويدفن في دمائه، ولا يغسل شئ منها. روى أحمد: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” لا تغسلوهم فإن كل جرح، أو كل دم يفوح مسكا يوم القيامة “.
الشهداء الذين يغسلون ويصلى عليهم: أما القتلى الذين لم يقتلوا في المعركة بأيدي الكفار، فقد أطلق الشارع عليهم لفظ الشهداء، وهؤلاء يغسلون، ويصلى عليهم، فقد غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات منهم في حياته. وغسل المسلمون بعده عمر وعثمان وعليا، وهم جميعا شهداء، ونحن نذكر هؤلاء الشهداء فيما يلي:
عن جابر بن عتيك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون “أي من مات بالطاعون” شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب “أي القروح تصيب جانب الإنسان” شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحرق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع “أي ولادة” شهيدة “. رواه أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح.
صفة الغسل
الواجب في غسل الميت أن يعمم بدنه بالماء مرة واحدة ولو كان جنبا أو حائضا، والمستحب في ذلك أن يوضع الميت فوق مكان مرتفع ويجرد من ثيابه ويوضع عليه ساتر يستر عورته ما لم يكن صبيا، ولا يحضر عند غسله إلا من تدعوا الحاجة إلى حضوره.
وينبغي أن يكون الغاسل ثقة أمينا صالحا، لينشر ما يراه من الخير، ويستر ما يظهر له من الشر.
وتجب النية عليه، لأنه هو المخاطب بالغسل، ثم يبدأ فيعصر بطن الميت عصرا رفيقا، لإخراج ما عسى أن يكون بها، ويزيل ما على بدنه من نجاسة، على أن يلف على يده خرقة يمسح بها عورته فإن لمس العورة حرام، ثم يوضئه وضوء الصلاة، ثم يغسله ثلاثا بالماء والصابون، أو الماء القراح، مبتدئا باليمين، فإن رأى الزيادة على الثلاث بعدم حصول الانقاء بها أو لشئ آخر غسله خمسا، أو سبعا.
قال ابن المنذر: فإذا كان الميت امرأة ندب نقض شعرها وغسل وأعيد تضفيره وأرسل خلفها
فإذا فرغ من غسل الميت جفف بدنه بثوب نظيف، لئلا تبتل أكفانه، ووضع عليه الطيب
وجمهور العلماء على كراهة تقليم أظفار الميت وأخذ شئ من شعر شاربه، أو إبطه أو عانته، وجوز ذلك ابن حزم.
واتفقوا فيما إذا خرج من بطنه حدث بعد الغسل وقبل التكفين، على أنه يجب غسل ما أصابه من نجاسة، واختلفوا في إعادة طهارته فقيل: لا يجب، وقيل: يجب الوضوء، وقيل: يجب إعادة الغسل.
وحكمة وضع الكافور ما ذكره العلماء من كونه طيب الرائحة، وذلك وقت تحضر فيه الملائكة. وفيه أيضا تبريد، وقوة نفود، وخاصة في تصلب بدن الميت، وطرد الهوام عنه ومنع إسراع الفساد إليه، وإذا عدم قام غيره مقامه مما فيه هذه الخواص أو بعضها.
التيمم للميت عند العجز عن الماء
إن عدم الماء يمم الميت، لقوله تعالى: “فإن لم تجدوا ماء فتيمموا”.
وكذلك المرأة تموت بين الرجال الاجانب عنها، والرجل يموت بين النساء الاجنبيات عنه. روى أبو داود في مراسيله والبيهقي عن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” إذا ماتت المرأة مع الرجال، ليس معهم امرأة غيرها، والرجل مع النساء، ليس معهن رجل غيره، فإنهما ييممان ويدفنان، وهما بمنزلة من لم يجد الماء”.
وييمم المرأة ذو رحم محرم منها بيده، فإن لم يوجد يممها أجنبي بخرقة يلفها على يده. هذا مذهب أبي حنيفة وأحمد، وعند مالك والشافعي: إن كان بين الرجال ذو رحم محرم منها غسلها، لأنها كالرجل بالنسبة إليه في العورة والخلوة.
غسل أحد الزوجين الآخر
اتفق الفقهاء على جواز غسل المرأة زوجها، واختلفوا في جواز غسل الزوج امرأته فأجازه الجمهور.
غسل المرأة الصبي
قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة تغسل الصبي الصغير.
الكفن
تكفين الميت بما يستره ولو كان ثوبا واحدا فرض كفاية، ويستحب أن يكون حسنا، نظيفا، ساترا للبدن، وأن يكون أبيض، وأن يجمر، ويبخر، ويطيب، وأن يكون ثلاث لفائف للرجل، وخمس لفائف للمرأة، مع كراهة المغالاة في ثمنه.
تكفين المحرم: إذا مات المحرم غسل كما يغسل غيره ممن ليس محرما وكفن في ثياب إحرامه، ولا تغطى رأسه ولا يطيب لبقاء حكم الاحرام، وذهبت الحنفية والمالكية إلى أن المحرم إذا مات انقطع إحرامه، وبانقطاع إحرامه يكفن كالحلال.
انظر أيضاً: