هذه المادة المختصرة من كتاب فقه السنة للشيخ سيد سابق تتناول ما يتعلق بأمور الدفن، والنهي عن الجلوس على القبر والاستناد إليه والمشي عليه، والنهي عن تجصيص القبر، وما يتعلق بدفن أكثر من واحد في قبر، والميت في سفينة، وتفضيل الدفن في المقابر، وعن قراءة القرآن عند القبر، والتعزية، والجلوس لها.
الدفن
أجمع المسلمون على أن دفن الميت ومواراة بدنه فرض كفاية، ويرى جمهور العلماء أن الدفن بالليل كالدفن بالنهار سواء بسواء.
استحباب إعماق القبر: القصد من الدفن أن يوارى الميت في حفرة تحجب رائحته، وتمنع السباع والطيور عنه، وعلى أي وجه تحقق هذا المقصود تأدى به الفرض وتم به الواجب.
تفضيل اللحد على الشق: اللحد هو الشق في جانب القبر جهة القبلة، ينصب عليه اللبن “أي الطوب النئ” فيكون كالبيت المسقف. والشق حفرة في وسط القبر تبنى جوانبها باللبن يوضع فيه الميت ويسقف عليه بشئ، وكلاهما جائز، إلا أن اللحد أولى.
السنة التي جرى عليها العلم، ان يجعل الميت في قبره على جنبه الأيمن ووجهه تجاه القبلة. ويقول واضعه: ” بسم الله وعلى ملة رسول الله، أو وعلى سنة رسول الله ” ويحل أربطة الكفن.
ويستحب أن يحثو من شهد الدفن ثلاث حثيات بيديه على القبر من جهة رأس الميت، واستحب الأئمة الثلاثة أن يقول في الحثية الاولى: ” منها خلقناكم ” وفي الثانية: ” وفيها نعيدكم ” وفي الثالثة: ” ومنها نخرجكم تارة أخرى، بينما قال أحمد: لا يطلب قراءة شئ عند حثو التراب لضعف الحديث.
يستحب الاستغفار للميت عند الفراغ من دفنه وسؤال التثبيت له، لأنه يسأل في هذه الحالة. فعن عثمان قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: ” استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فانه الآن يسأل ” رواه أبو داود والحاكم وصححه.
استحب بعض أهل العلم والشافعي أن يلقن الميت بعد الدفن، لما رواه سعيد بن منصور عن راشد بن سعد، وضمرة بن حبيب، وحكيم بن عمير قالوا: إذا سوي على الميت قبره، وانصرف الناس عنه كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره: يا فلان قل: لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله ” ثلاث مرات ” يا فلان قل: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم. ثم ينصرف.
النهي عن الجلوس على القبر والاستناد إليه والمشي عليه:
لا يحل القعود على القبر ولا الاستناد إليه، ولا المشي عليه، عن أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر”. رواه أحمد، ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.
والقول بالحرمة مذهب ابن حزم، ومذهب الجمهور: أن ذلك مكروه.
وذهب ابن عمر من الصحابة وأبو حنيفة ومالك إلى جواز القعود على القبر. قال في الموطأ: إنما نهى عن القعود على القبور فيما نرى ” نظن ” للذاهب يقصد لقضاء حاجة الإنسان من البول أو الغائط.
النهي عن تجصيص القبر:
والتجصيص معناه الطلاء بالجص، وهو الجير المعروف، عن جابر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبني عليه. رواه أحمد ومسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وصححه.
وقد حمل الجمهور النهي على الكراهة، وحمله ابن حزم على التحريم
دفن أكثر من واحد في قبر
يكره دفن أكثر من واحد في قبر، إلا إذا تعسر إفراد كل ميت بقبر.
الميت في سفينة:
في المغني: إذا مات في سفينة في البحر، فقال أحمد رحمه الله: ينتظر به إن كانوا يرجون أن يجدوا له موضعا يدفنونه فيه حبسوه يوما أو يومين ما لم يخافوا عليه الفساد. فإن لم يجدوا غسل، وكفن، وحنط، ويصلى عليه، ويثقل بشئ ويلقى في الماء.
تفضيل الدفن في المقابر
قال ابن قدامة: والدفن في مقابر المسلمين أحب إلى أبي عبد الله من الدفن في البيوت، لأنه أقل ضررا على الأحياء من ورثته، وأشبه بمساكن الآخرة وأكثر للدعاء له والترحم عليه، ولم يزل الصحابة والتابعون ومن بعدهم يقبرون في الصحارى.
قراءة القرآن عند القبر
اختلف الفقهاء في حكم قراءة القرآن عند القبر، فذهب إلى استحبابها الشافعي ومحمد بن الحسن لتحصيل للميت بركة المجاورة، ووافقهما القاضي عياض والقرافي من المالكية، ويرى أحمد: أنه لا بأس بها.
وكرهها مالك وأبو حنيفة لأنها لم ترد بها السنة.
التعزية
العزاء: الصبر. والتعزية التصبير والحمل على الصبر بذكر ما يسلي المصاب ويخفف حزنه ويهون عليه مصيبته.
والتعزية مستحبة ولو كان ذميا، لما رواه ابن ماجة والبيهقي بسند حسن عن عمرو بن حزم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ” ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة”
روى البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما. قال: أرسلت ابنة النبي صلى الله عليه وسلم إليه إن ابنا لي قبض فأتنا. فأرسل يقرئ السلام ويقول: ” إن لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكل شئ عنده بأجل مسمى، فلتصبر، ولتحتسب “
الجلوس لها:
السنة أن يعزى أهل الميت وأقاربه ثم ينصرف كل في حوائجه دون أن يجلس أحد، قال الشافعي: يكره الجلوس للتعزية، وذهب المتقدمون من الأحناف إلى أنه لا بأس بالجلوس في غير المسجد ثلاثة أيام للتعزية، من غير ارتكاب محظور.
انظر أيضاً: