قصيدة عناقيد الضياء للشاعر عبد الرحمن بن صالح العشماوي في مدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتناول شمائله وفضائله.
مطلع القصيدة: هلّ الهلال فكيف ضل الساري، وعلام تبقى حيرة المحتارٍ، ضحك الطريق لسالكيه فقل لمن، يلوي خطاه عن الطريق حذارِ.
قصيدة عناقيد الضياء
للشاعر عبد الرحمن العشماوي
هلّ الهلال فكيف ضل الساري
وعلام تبقى حيرة المحتارٍ
ضحك الطريق لسالكيه فقل لمن
يلوي خطاه عن الطريق حذارِ
وتنفس الصبح الوضيء قلا تسل
عن فرحة الأغصان والأشجارِ
غنّت بواكير الصباح فحرّكت
شجو الطيور ولهفة الأزهارِ
غنّت فمكّة وجهها متألق
أملا ووجه طغاتها متواري
هلّ الهلال فلا العيون ترددت
فيما رأته ولا العقول تماري
والجاهلية قد بنت أسوارها
دون الهدى فانظر إلى الأسوارِ
واقرأ عليها سورة الفتح التي
نزلت ولاتركن إلى الكفّارِ
أو ماترى البطحاء تفتح قلبها
فرحاً بمقدم سيد الأبرارِ
عطشى يلمّضها الحنين ولم تزل
تهفو إلى غيث الهدى المدراري
ماذا ترى الصحراء في جنح الدجى
هي لاترى إلا الضياء الساري
وترى على طيف المسافر هالة
بيضاء تسرق لهفة الأنظارِ
وترى عناقيد الضياء ولوحة
خضراء قد عرضت بغير إطارِ
هي لاترى إلا طلوع البدر في
غسق الدجى وسعادة الأمصارِ
مازلت أسمعها تصوغ سؤالها
بعبارة تخلو من التكرارِ
هل يستطيع الليل ان يبقى إذا
ألقى الصباح قصيدة الأنوارِ
ماذا يقول حراء في الزمن الذي
غلبت عليه شطارة الشطّارِ
ماذا يقول للاتهم ومناتهم
ماذا يقول لطغمة الكفّارِ
ماذا يقول ومايزل متحفّزاَ
متطلعاَ لخبيئة الأقدارِ
طب ياحراء فلليتيم حكاية
نسجت ومنك بداية المشوارِ
أو ماتراه يجيء نحوك عابداً
متبتلاً للواحد القهارِ
أو ماترى في الليل فيض دموعه
أو ماترى نجواه بالأسحارِ
أسمعت شيئاً ياحراء عن الفتى
أقرأت عنه دفاتر الأخيارِ
طب ياحراء فأنت أول بقعة
في الأرض سوف تفيض بالأسرارِ
طب ياحراء فأنت شاطىء مركب
مازال يرسم لوحة الإبحارِ
ماجت بحار الكفر حين جرى على
أمواجها الرعناء في إصرارِ
وتساءل الكفار حين بدت لهم
في ظلمة الأهواء شمعة ساري
من ذلك الآتي يمد لليلنا
قبساً سيكشف عن خبايا الدارِ
من ذلك الآتي يزلزل ملكنا
ويرى عبيد القوم كالأحرارِ
ماباله يتلوا كلاما ساحراً
يغري ويلقي خطبة إستنفارِ
هذا محمد ياقريش كأنكم
لم تعرفوه بعفة ووقارِ
هذا الأمين أتجهلون نقاؤه
وصفاؤه ووفاؤه للجارِ
هذا الصدوق تطهرت أعماقه
فأتى ليرفعكم عن الأقذارِ
طب ياحراء فأنت أول ساحة
ستلين فيها قسوة الأحجارِ
سترى توهج لحظة الوحي الذي
سيفيض بالتبشير والإنذارِ
إقرأ ألم تسمع أمين الوحي إذ
نادى الرسول فقال لست iiبقاريْ
إقرأ فديتك يامحمد عندما
واجهت هذا الأمر باستفسارِ
وفديت صوتك إذ رددتها
آي من القرآن باسم الباري
وفديت صوتك خائفاً متهدجا
تدعو خديجة أسرعي بدثاري
وفديت صوتك ناطق بالحق لم
يمنعك مالاقيت من إنكارِ
وفديت زهدك في مباهج عيشهم
وخلو قلبك من هوى الدينارِ
يا سيد الأبرار حبك دوحة
في خاطري صدّاحة الأطيارِ
والشوق ماهذا بشوق إنه
في قلبي الولهان جذوة iiنارِ
حاولت إعطاء المشاعر صورة
فتهيبت من وصفها اشعارِ
ماذا يقول الشعر عن بدر الدجى
لمّا يضتيْ مجالس السمارِ
ياسيد الأبرار أمتك التي
حررتها من قبضة الأشرارِ
وغسلت من درن الرذيلة ثوبها
وصرفت عنها قسوة الإعصارِ
ورفعت بالقرآن قدر رجالها
وسقيتها بالحب والإيثارِ
ياسيد الأبرار أمتك إلتوت
في عصرنا ومضت مع التيارِ
شربت كؤوس الذل حين تعلقت
بثقافة مسمومة الأفكارِ
إني إراها وهي تسحب ثوبها
مخدوعة في قبضة السمسارِ
إني إراها تستطيب خضوعها
وتلين للرهبان والأحبارِ
إني أرى فيها ملامح خطة
للمعتدين غريبة الأطوارِ
إني أرى بدع الموالد اصبحت
داء يهدد منهج الأخيارِ
وأرى القباب على القبور تطاولت
تغري العيون بفنها المعماري
يتبركون بها تبرك جاهل
أعمى البصيرة فاقد الإبصارِ
فرق مضللة تجسد حبها
للمصطفى بالشطح والمزمارِ
أنا لست أعرف كيف يجمع عاقل
بين إمتداح نبينا والطارِ
كبرت دوائر حزننا وتعاظمت
في عالم أضحى بغير قرارِ
إني أقول لمن يخادع نفسه
ويعيش تحت سنابك الأوزارِ
سل أيها المخدوع طيبة عندما
بلغت مداها ناقة المختارِ
سل صوتها لما تعالى هاتفاً
وشدى بألف قصيدة إستبشارِ
سل عن حنين الجذع في محرابه
وعن الحصى في لحظة إستغفارِ
سل صحبة الصديق وهو أنيسه
في دربه ورفيقه في الغارِ
سل حمزة الأسد الهصور فعنده
خبر عن الجنات والأنهارِ
سل وجه حنظلة الغسيل فربما
أفضى إليك الوجه بالأسرارِ
سل مصعب لما تقاصر ثوبه
عن جسمه ومضى بنصف إزارِ
سل في رياض الجنة إبن رواحة
واسأل جناحي جعفر الطيارِ
سل كل من رفعوا شعار عقيدة
وبها اغتنوا عن رفع كل شعارِ
سلهم عن الحب الصحيح ووصفه
فلسوف تسمع صادق الأخبارِ
حب الرسول تمسك بشريعة
غرّاء في الإعلان والإسرارِ
حب الرسول تعلق بصفاته
وتخلق بخلائق الأطهارِ
حب الرسول حقيقة يحيا بها
قلب التقي عميقة الآثارِ
إحياء سنته إقامة شرعه
في الأرض دفع الشك بالإقرارِ
إحياء سنته حقيقة حبه
في القلب في الكلمات في الأفكارِ
ياسيد الأبرار حبك في دمي
نهر على أرض الصبابة جاري
يامن تركت لنا المحجة نبعها
نبع اليقين وليلها كنهارِ
سُحب من الإيمان تنعش أرضنا
بالغيث حين تخلف الأمطارِ
لك يانبي الله في أعماقنا
قمم من الإجلال والإكبارِ
عهد علينا أن نصون عقولنا
عن وهم مبتدع وظنّ مماري
علمتنا معنى الولاء لربنا
والصبر عند تزاحم الأخطارِ
ورسمت للتوحيد أكمل صورة
نفضت عن الأذهان كل غبارِ
فرجاؤنا ودعاؤنا ويقيننا
وولاؤنا للواحد القهارِ