نقدم لكم كلمات من نور تغريدات بعنوان أصل الحضارة، قبس من نور تغريدات ومواعظ و كلمات قلبية بقلم نور محمد.
قد يهمك:
أصل الحضارة | قبس من نور
أصل الحضارة:
التمايز:
اختلاف الأجيال في أحوالهم إنما هو باختلاف نحلتهم في المعاش، والضروري فيها مقدم على الكمالي والترفيهي.
ولذلك كانت الفلاحة والزراعة مقدمة على غيرها، وهي أول اهتمام البشر منذ سكنوا الأرض.
والبدو يهتمون بالضروري من المعاش، فكان اختصاصهم أمراً ضرورياً، ثم يتسعون بحسب المتاح، والأمر كذلك في أكلهم وملابسهم وبيوتهم، وتكاد تكون الدعة والراحة قليلة جداً في حياتهم.
ولا شك أن الضروري أقدم من الحاجي والكمالي فهو الأصل لهما.
البيئة الناشئة:
من هذا المنطلق كان أهل البدو أقرب إلى الخير بسبب ما استكانت عليها أنفسهم من الفطرة.
وأهل الحضر بسبب كثرة كثرة الترف والإقبال على الدنيا والعكوف على الشهوات تلوثت فطرتهم وكثرت فيهم الآفات.
وأصل الحضارة هو أصل قيمي، ولا قيمة إلا على فطرة سليمة، وإنما تهدم الحضارات إذا اختل ميزان القيم فيها، ولذلك فأفول الغرب اليوم لا بقلة موارد أو عتاد أو ضعف سلطة وإنما بزوال القيم.
فالحداثة الغربية هي مؤشر الأفول، ولتعلمن نبأه بعد حين.
الشجاعة:
وأهل البدو أشجع لأن الدفاع عن أنفسهم موكول لذواتهم لا لغيرهم ليحميهم كشأن أهل الحاضرة فيمن يسوسهم ويحرسهم.
ولتفرد أهل البدو وتوحشهم في الضواحي وطبيعة مساكنهم بأنها بلا أسوار كانوا هم أسوارها وحاميتها من أي عدو طارئ ولا يثقون إلا في أنفسهم وسواعدهم.
وهم لذلك أشجع، وما تربى شبل على الشجاعة بمثل ما يرى بعينه الشجعان فينشأ على تقليدهم، والعكس صحيح في الجبناء.
والشعب الجبان حريص، لا يضحي حتى يتنازل عن كل شئ، فيصير قطيعاً تابعاً ذليلاً، وهؤلاء لا تقوم عليهم حضارة ولا كرامة.
العصبية:
الشر أقرب للإنسان إن هو أهمل عوائده الخيرية، والإنسان ابن عوائده ومألوفه لا ابن طبيعته ومزاجه.
وطبيعة أهل البدو النجدة وهي وليدة العصبية، والعصبية تكون في الإلتحام بالنسب أو ما في معناه، ولهذا كان الولاء والحلف.
ولا يقوم ملك إلا على عصبية متحالفة ذو نجدة سريعة إذا احتدم الأمر، لأن الرياسة لا تكون إلا عن غلبة ولا تكون إلا من عصبة غالبة.
حتى في النظم الديمقراطية تشابهت العصبة البدوية بالتكتل الإنتخابي والحزب الغالب ذو الجمهور الواسع، لكن في شأنها الأمر متغير، وفي البدو الأمر حتمي وقائم وثابت.
والنظر في تاريخنا يجد دولة قامت على عصبة حتى سميت الدولة باسمها.
الدين والملك:
طبيعة التوحش والعصبية والطبع الذاتي في الشجاعة والنجدة والفطرة السليمة:
هي مقومات الملك السببي المباشر التي لا يقوم أي ملك إلا عليها.
ولا تقوم حضارة إلا على ملك، ثم يأتي الدين مجمع وباعث.
ولا دوام لملك إلا على دين أياً كان هذا الدين.
“الله أعلم حيث يجعل رسالته”.
سر اختيار العرب كأمة تحمل الرسالة الخاتمة:
أنهم كانوا أقرب أهل الأرض فطرة ونجدة وعصبة لحملها، ثم كان الدين موجهاً ومنظماً وهادياً ودليلاً.
والنظر حتى في الأمم وصراعاتها يجد أنه ما من حضارة قامت فيها إلا على همجية سابقة وعصبية كانت مقدمة لحضارتهم.
ولا يوجد سجل حضاري إلا وهو سجل للهمجية في الوقت ذاته.
تابع تطور الإنجليز والساكسون والفايكينغ وقبائل الجرمانية في الحضارة الغربية مثالاً، وكذلك المغول والترك فيمن خلف العرب.
والدعوة الدينية تأتي تلم شمل الجميع، كما هو الحال في الحضارة الإسلامية والمسيحية.
ولولا هذه المقومات ما كانت هناك حروباً صليبية، ولا كانت هناك مقاومة لها بداية من السلاجقة إلى المقاومة الآن
المقومات:
الفطرة والنجدة والعصبة.
هي ما كان يبحث عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين القبائل لتكون له قاعدة الإنطلاق والتحرر.
في مسند أحمد عن جابر
{كان رسول الله يعرض نفسه على الناس بالموقف فيقول هل من رجل يحملني إلى قومه فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي}
حتى وجدها في شباب يثرب ولولا الأنصار ومنعتهم ما قامت للإسلام دولة ولا حضارة.
وهي هي من ارتكزت عليها كل دولة قامت على وجه الأرض.
هنا ينتقل العمران إلى التحضر وطبيعة الحاضرة مختلفة في شكلها المعاشي والصناعي والتجاري والثقافي.
ولا منشئ لها إلا على مقومات البادية أولاً، والدين هو الروح الباعثة السارية في المكونات جميعها.
ولمراجعة الأمر بتفصيل أكبر وأدق، فكتاب الموافقات ومقدمة ابن خلدون جناحي الطائر، وعند الصباح يحمد القوم السرى.