الخميس , أبريل 25 2024

أين صاحب النقب

نقدم لكم فيما يلي قصة جديدة كتاب قصص ومواقف للكاتب أحمد السيد بعنوان أين صاحب النقب.

قد يهمك:

كتاب قصص ومواقف | أحمد السيد

أين صاحب النقب

في عهد الدولة الأموية، حاصر جيش المسلمين بقيادة مسلمة بن عبد الملك حصناً عظيماً للروم وهي قلعة عالية الأسوار ولها باب مغلق، والمسلمون لا يجدون حيلة لاقتحامه.

لما استعصى فتح الحصن وقف مسلمة يخطب في الجيش: أما فيكم أحد يقوم فيحدث لنا نقباً في هذا الحصن؟

تخفى أحد الجنود وخرج ملثماً بمفرده ومخاطراً بحياته متقدماً نحو القلعة وظل ينقب حتى تمكن من فتح ثغرة (نقب) ثم دخل من هذا النقب إلى داخل القلعة حتى تمكن من فتح بابها.

عندئذ تدافع المسلمون ودخلوا القلعة وتسلقوا أسوارها، وفوجئ الروم بأصوات هتافات التكبير” الله أكبر” على أسوار الحصن وداخل ساحاته، وتحقق للمسلمين النصر والفتح.

عقب الفتح نادى القائد مسلمة: أين صاحب النقب؟ فلم يجبه أحد فقال: عزمت على صاحب النقب أن يأتي للقائي، وقد أمرت الآذن (الحارس) بإدخاله على ساعة مجيئه وبعد حين..

أقبل رجل ملثم نحو الحارس يقول: استأذن لي على الأمير.

فقال: أنت صاحب النقب؟

فقال: أنا أخبركم عنه وأدلكم عليه.

فأدخله على مسلمة ثم قال الرجل: إن صاحب النقب يشترط عليكم أموراً ثلاثة: ألا تبعثوا باسمه في صحيفة إلى الخليفة، وألا تأمروا له بشيء جزاء ما صنع، وألا تسألوه من هو؟

فقال مسلمة: له ذلك فأين هو؟

قال: أنا صاحب النقب.

ثم سارع بالخروج حتى غاب واختفى.

فكان من دعاء مسلمة: اللهم اجعلني مع صاحب النقب يوم القيامة.

فوائد وعبر:

1- الإخلاص أن يبتغي المسلم بقوله وعمله وجه الله من غير نظر إلى المغانم أو مغرم أو تقدم أو تأخر.

  • “ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور” لقمان 22
  • وعن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “طوبى للمخلصين أولئك مصابيح الهدى تنجلي عنهم كل فتنة ظلماء” رواه البيهقي.
  • وروى ابن ماجة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن الله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإذا حضروا لم يدعوا ولم يعرفوا وقلوبهم مصابيح الهدى يخرجون من كل غبراء مظلمة” رواه ابن ماجة بإسناد ضعيف.
  • يقول الشاعر أحمد الرفيق المهداوي:

فإذا أحب الله باطن عبده  ***  ظهرت عليه مواهب الفتاح

وإذا صفت لله نية مصلح  *** مال العباد عليه بالأرواح

2- إن من الناس من يفعل المعروف ويحب إشهاره جلباً للمدح والثناء، وقد يحبط عمله بسبب العجب.

يقول بشر بن الحارث: ما اتقى الله من أحب الشهرة.

وإن من الناس من يترك المعروف بسبب كلام الناس.

يقول الفضيل بن عياض: ترك العمل من أجل الناس رياء، والعمل من أجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما.

3- للإخلاص آثار طيبة في المجتمع فهو يدفع كل فرد للعمل للناس دون انتظار مقابل أو منفعة أو جائزة أو شكر منهم وتصبح إرادة الخير ووجه الله روحاً عامة بين الناس.

“ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً، إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً” الإنسان

4- من صفات المخلص:

  1. لا ينتظر المدح على عمله ولا يدفعه الذم إلى ترك ما يجب عمله.
  2. يستوي عنده العمل في السر والعلانية.
  3. يستوي عنده العمل إن كان رئيسياً أو مرؤساً.
  4. يذكر لأهل الفضل فضلهم ويثني على من يحسن، ويعذر المخطئ ولا يتهم الآخرين في نواياهم.
  5. لا يكثر الكلام عن نفسه ويعظمها.

ذات صلة:

بائعة اللبن والفاروق (19)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *