صلاتكم باطلة

نقدم لكم فيما يلي قصة جديدة كتاب قصص ومواقف للكاتب أحمد السيد بعنوان صلاتكم باطلة.

قد يهمك:

صلاتكم باطلة

لما عاد طه حسين من بعثته إلى أوروبا أراد السلطان أن يكرمه فاستقبله في قصره استقبالاً حافلاً.

أراد الشيخ محمد المهدي أحد أشهر الخطباء في وزارة الأوقاف أن يمدح السلطان لتكريمه طه حسين، فخطب الجمعة في مسجد المبدولي القريب من قصر عابدين وقال في خطبته: جاءه الأعمى فما عبس في وجهه وما تولى.

كان من بين الحضور وكيل الأزهر الشيخ محمد شاكر الذي غضب من كلام الخطيب فقام بعد الصلاة مباشرة ونادى في الناس أن صلاتكم باطلة وأن الخطيب قد كفر بما عرض بالمقام النبوي في تملقه للسلطان بإظهار منقبة له فاتت النبي، وأمرهم أن يعيدوا الصلاة فأعادوها.

ثم ذهب من فوره إلى قصر عابدين وقابل رئيس الديوان وأبلغه أن يرفع الأمر للسلطان.

تعرض الشيخ محمد شاكر لهجوم عنيف من الصحفيين وكبار المسئولين ونال منه كل من أراد التقرب للسلطان، ورفع الشيخ محمد المهدي دعوى قضائية ضد محمد شاكر.

أصر الشيخ شاكر على موقفه، فخافت الحكومة من الفتنة فأمرت بإغلاق القضية قبل أن ينظرها القضاء.

وبعد سنين..

علا شأن الشيخ محمد شاكر واختير عضواً في هيئة كبار القضاة العلماء بعد أن ولى منصب قاضي القضاة في السودان، كما اختير عضواً في الجمعية التشريعية التي شكلتها الحكومة المصرية عام 1913م.

وشاءت أقدار الله أن تتهور أحوال الشيخ المهدي، فبعدما كان متعالياً مرتكناً إلى كبراء القوم، شوهد في حالة ذليلة ومهينة يعمل خادماً على باب مسجد يتلقى نعال المصلين في ذلة وصغار.

فوائد وعبر:

1- قد تختلف الآراء حول الطريقة التي سلكها الشيخ محمد شاكر لكنها لا تختلف على جرأته في الحق ومواجهة العبث في آيات الله والذي يخرج علماء السلطان الذين يوظفون الدين لخدمة السلطان ويشوهون الخطاب الديني ويسيئون إلى الإسلام.

ومما لا شك فيه أ، الخطأ المعلن يجب أن يصحح في العلن.

2- في عام 1983م تصدى الشيخ محمد متولي الشعراوي لتجاوزات الأدباء توفيق الحكيم ويوسف إدريس وزكي محمود كتبوا فيها مقالات تخيلوا فيها كلاماً منسوباً إلى الله، ودارت معارك وسجلات ورفعت قضايا ضد الشيخ الشعراوي ثم تدخلت الحكومة وأوقفت القضايا لمنع الفتنة.

3- العلماء هم حراس العقيدة والدين ضد الفساد والإفساد في الأرض، وأفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر.

يقول مصطفى السباعي: ليس عليك أن يقتنع الناس برأيك الحق ولكن عليك أن تقول ما تعتقد أنه حق.

4- نهى الله تعالى عن اتخاذ آيات الله هزواً ولعباً ومما يؤسف له أن بعض الأعمال الفنية من أفلام ومسرحيات تقع في هذا المحظور، ففي مسرحية ” الواد سيد الشغال” بطولة عادل إمام، تتعرض المسرحية لمشهد ساخر عن قضية الطلاق والمحلل وقد نهت الآيات التي تعرضت لهذه القضية عن الاستهزاء بهذه الأحكام “وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا”، وعلى العقلاء أن يحذفوا مثل هذه المشاهد.

5- إن النفاق هو داء الأمم الوبيل، وهو الذي يصنع الطغاة ويدمر الأمم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان” رواه أحمد وصححه الألباني.

ويقول عبد الله بن عباس: اجتنبوا أبواب الملوك فإنكم لا تصيبون من دنياهم شيئاً إلا أصابوا من آخرتكم ما هو أفضل منه.