“الآن فقط فهمت الإسلام، الآن أوقن بنفسي أهمية الإسلام للإنسان والمجتمع”.
موقع اسكتشات
بدأت القصة حين وافق الممثل الألباني “ميروش قاباشي” على تمثيل دور البطولة في فيلم بعنوان “حب العبادة” الذي يروي قصة حقيقية لشاب ألباني أنهى الدراسة الثانوية الشرعية، وتم تعيينه بوظيفة مؤذن بأحد مساجد مدينة بيرات بجنوب ألبانيا، لكن القدر لم يشأ له أن يستمر طويلا في وظيفته؛ إذ سرعان ما أصدر النظام الشيوعي الألباني عام 1967م أمراً بتجريم الأديان، وحظر كافة المظاهر الدينية؛ مما ترتب عليه تدمير وهدم معظم المساجد ، وكغيره من الأئمة، الذين أصروا على الاستمساك بدينهم عقب هذا القرار، تم وضع هذا الشاب المتخرج حديثا في السجن لمدة 8 سنوات، غير أن تمسكه بأداء فريضة الصلاة، والمداومة على العبادة داخل السجن، دفع بالحزب الشيوعي الحاكم في ألبانيا إلى تمديد فترة سجنه لمدة 8 سنوات أخرى.
بدأ الممثل الألباني يدرس شخصية بطل الفيلم بهدف إتقان الدور التمثيلي ، وانطلق يقرأ في الكتب الإسلامية، والتدرب على أداء الأذان من خلال شرائه شرائط كاسيت بأصوات مختلفة لمؤذنين متعددين، رافضا اقتراح لمخرج الفيلم بأن يذاع الأذان في الفيلم من خلال تسجيل شريط كاسيت، وفضل أن يكون الأذان بصوته.
بحث ” قاباشي ” عن معاني كلمات الأذان، وتسرب نور الله إلى قلبه ، وذهب إلى مسجد “طباق” بالعاصمة تيرانا؛ للتعرف على إمام المسجد والمصلين به، وسؤالهم عن الإسلام، وكيف يقضي المسلم يومه.
واستقبله أهل المسجد، وفي مقدمتهم إمام المسجد “إمام إلفيس” و”بليدار مفتاري” نائب مفتي ألبانيا ، وأجابوه عن تساؤلاته التي ركزت على فهم أصول الإسلام وطبيعة دور المؤذن وقيمة الإيمان والأخلاق بالنسبة للمسلم.
وعلى مدار عام ونصف تردد “قاباشي” على المسجد للاستماع إلى الدروس وخطب الجمعة؛ فازداد دهشة وانبهاراً بالدين الإسلامي، حتى قرر إعلان الشهادة والالتزام بتعاليم الإسلام.
واهتمت وسائل الإعلام الألبانية بالتحول الذي طرأ على حياة الممثل الشهير الذي تربى وترعرع في عهد الشيوعية ثم انتقل إلى الإسلام.
وعبر “قاباشي” عن حزنه لحملات الهجوم على الدين الحنيف وتشويه صورته في وسائل الإعلام المحلية والعالمية، مؤكدا أنه يكفي أي إنسان أن يطلع بشكل سريع على بعض الكتب الإسلامية، أو يقابل بعض ممثلي المسلمين حتى يدرك بنفسه أن الاتهامات الموجهة للإسلام والمسلمين بعيدة كل البعد عن الحقيقة والواقع.
وقال: “يكفي أن نتذكر أن التسامح الديني الذي تعيشه ألبانيا منذ قرون بين أبناء الإسلام والكاثوليكية والأرثوذكسية يعود فضله للدين الإسلامي حيث يشكل المسلمون أكثر من 70% من الشعب الألباني”.
ويضيف: “لا أدعي أنني أعرف الإسلام جيدا، ولكنني أستطيع أن أؤكد أن عصرنا الحالي يحتاج إلى الإسلام كما تحتاج الصحراء إلى الماء”.
وتابع: “الآن فقط فهمت الإسلام، لقد كان فيلم حب العبادة السبب الرئيسي في معرفتي حقيقة الإسلام من الجذور، ومعايشة واقع المسلمين بنفسي، الآن أوقن بنفسي أهمية الإسلام للإنسان والمجتمع”.
وحصل “قاباشي” على جائزة أفضل ممثل من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عام 1997، فضلا عن حصوله على عدة ميداليات وجوائز عالمية أخرى.
يذكر أنه في عام 1943م تسلم الشيوعيون الحكم في ألبانيا بقيادة أنور خوجة الذي طمس الهوية الإسلامية تماما من خلال نظام ستاليني فولاذي، قضى على حرية الشعب وتدينه.
وأقام خوجة ستارا حديديا على ألبانيا جعلها معزولة عن العالم، وحولها من الدولة الإسلامية الوحيدة في أوروبا إلى الدولة الوحيدة الكاملة الإلحاد لا في أوروبا وحسب، بل في العالم أجمع، وحارب الأديان كلها، وأصدر على مدار سنوات حكمه العديد من القرارات التي هدفت إلى تجريم ممارسة الشعائر الدينية وإلى تحويل المساجد إلى متاحف ومخازن ومتاجر ومراقص.
______________________________________________
نقلاً عن إسلام أون لاين – هاني صلاح – 26/10/2004م (بتصرف)