نقدم لكم كلمات من نور تغريدات بعنوان الاختلاف | قبس من نور تغريدات ومواعظ و كلمات قلبية، تتضمن:
ايجابية الاختلاف، مدارسنا الفقهية ومذاهبها، اللافت في مسائل الخلاف، أمثلة تطبيقية في الخلاف.
قد يهمك:
الاختلاف | قبس من نور
ايجابية الاختلاف:
ليست كل القضايا قطعية وليست كل العقول في الوصول متساوية وليست كل المفاهيم بينة.
ولذلك كانت السنة الإلهية في الخلق “ولا يزالون مختلفين”.
هناك أمر إيجابي في الاختلاف وهو ما يحوله من عذاب وشقاق إلى رحمة ووفاق.
وهذا لا يتأتى إلا إذا كان الحوار هو سيد الموقف وكان الغاية منه هو التعارف.
والاختلاف المبني على اجتهاد هو الاختلاف المحمود حيث هو في حقيقته تنوع فى تعاطي العقل للقضايا وليس لاتباع الهوى.
وهو يثري الحوار ويؤول إلى التوافق أو التعاذر.
مدارسنا الفقهية ومذاهبها:
قدمت أرقى سمو وصل به النبل البشري في الاختلاف.
والمتتبع لقضايا الخلاف يجد فيها عمقاً فكرياً قل نظيره، وتمحيص معرفي مبهر لكل الناظرين.
ولعل وراء ذلك سببين:
- الأول المنبع والباعث الإيماني والتجرد للحقيقة.
- والثاني الاستقلالية العلمية والقريحة الذهنية التي تميز بها أصحابها.
اللافت في مسائل الخلاف:
لا أتطرق لمسائل الخلاف، وإنما اللافت فيها هو ما ورائها من آلة توصلت لهذه النتيجة.
وهذه النظرة في ذاتها حرية بأن تكون قبلة القاصد لتكوين عقلية فذة فى التعامل مع جميع الأفكار.
ومن عرف أسباب الاختلاف هانت عليه معالجتها.
ومثارات الغلط ترجع إلى:
- إما في اللفظ باحتمال اشتراكه أو مجازه أو إضماره أو نقله أو تخصيصه.
- وإما في التركيب كفصله أو وصله.
- أو كان الغلط في السند بقبوله أو رفضه أو عدم بلوغه.
- أو كان في إسقاط النصوص وقرينة الحال أو فساد القياس.
أمثلة تطبيقية في الخلاف:
من تمعن فيما ورائها تبين له غاية مقصدي في هذا التمهيد آنفاً
وخرج بحصيلة تقيمية في التعرف على كيف يفكر المجتهد ويكف يقيم ويحكم.
من خلال اجتهادات الشافعي وأبي حنيفة رضي الله عنهما:
1- الطهارة والنجاسة عند الشافعية غير معللة وعند الأحناف شرعها الله معللة.
وعلى إثر هذا فالماء متعين عند الشافعية وعند الأحناف يلحق به كل مائع طاهر.
وجلد الكلب لا يطهر بالدباغ عند الشافعية ويطهر به عند الأحناف.
2- حرف (الواو) للترتيب عند الشافعية وعند الحنفية للإشتراك.
فالترتيب في الوضوء مستحق عند الشافعية، ولا يستحق عند الأحناف.
ولو قال مثلاً في مرض موته سالم حر وغانم وكان مقدار سالم ثلث التركة اقتصر العتق عليه عند الشافعية دون غانم.
3- خبر الواحد فيما تعم به البلوى مقبول عند الشافعي، ولا يقبل عن أبي حنيفة.
لأن ما تعم به البلوى يكثر وقوعه، فيكثر السؤال عنه، وما يكثر السؤال عنه يكثر الجواب عنه، فيقع التحدث به كثيراً وينقل نقلاً مستفيضاً ذائعاً فإذا لم ينقل مثله دل على فساد أصله.
4- كلمة (من) عند الشافعي للتبعيض، وعند أبي حنيفة لابتداء الغاية.
وعليه فالمتيمم يجب عليه نقل الصعيد إلى وجهه ويديه عند الشافعي.
وعند أبي حنيفة لا يجب النقل بل يبتدئ المسح من الأرض حتى لو مسح على صخرة أو حجر لا غبار عليه كفاه.
وفي حديث ثم أتبعه بست من شوال عند الشافعية لابد أن تكون الستة من الشهر، وعند الأحناف يجزئ أن يكون يوماً منها ويكملها في باقي الشهور.
5- فعل الناسي والغافل لا يدخل تحت التكليف عند الشافعي لأن إتيان التكليف تقرب إلى الله والتقرب يقتضي القصد وهو متضمن العلم به.
وعند الأحناف عليهما تكليفاً واحتجوا باستقرار العبادات في ذمتهما حال الذهول والغفلة وكذلك لزوم الغرامات والدية لو اقترفوا جناية حال الذهول والغفلة.
6- الشافعي ألحق فساد الوصف بفساد الأصل، وأبو حنيفة فرق بينهما.
فالبيع وقت نداء الجمعة عند الشافعي فاسد لا ينعقد ولا يفيد الملك.
وعند أبي حنيفة ينعقد ويفيد الملك إذا اتصل به القبض.
7- عند الشافعي الطهارة شرط في بيع الأعيان لأن النجس يجب اجتنابه والبيع وسيلة الاقتراب.
وعند أبي حنيفة البيع يتبع الانتفاع وكل ما هو منتفع به جاز بيعه والأعيان خلقت لمنافع الآدمي.
وعلى هذا فلا يجوز بيع الكلب ولا الروث عند الشافعية ويجوز عند الأحناف.
8- عند الأحناف الحكم على الشئ يدور مع أثره وجودا وعدما وعند الشافعي منع ذلك محتجاً بحقية الأصل والآثار تابعة للحقائق حساً وحقيقة.
فالمختلعة مثلاً لا يلحقها صريح الطلاق لزوال النكاح عند الشافعية، وعند الأحناف يلحقها ما دامت في العدة.
9- إذا دار اللفظ بين المعنى الشرعي والمعنى اللغوي ترجح الشرعي عند الشافعية، واللغوي عند الأحناف.
فالزنا لا يوجب حرمة المصاهرة عند الشافعية، وعند الأحناف يوجبها.
لأن معنى النكاح عند الشافعي حقيقة العقد، وعند الأحناف حقيقة الوطء.
10- اختلاف الدارين أي دار الإسلام ودار الحرب لا يوجب تباين الأحكام عند الشافعية، وعند أبي حنيفة يوجب تباينها،
فلو أسلم الحربي وخرج إلينا وترك ماله وداره في دار الحرب، ثم ظهر المسلمون على داره وماله فلا يملك منهما شيئاً عند الشافعية، ويملك ماله وداره عند الحنفية لأنها من جملة الغنائم.
في الختام:
نحن نمتلك ثروة معرفية لم تسبق أمة إليها من قبل ومن بعد.
وعلينا البناء عليها لا هدمها.
وتطويرها لا تحجيرها.
وهي للسالك منارة.
ومن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين.
بمعنى يعطيه آلية الفهم والإدراك لأقدس مفهوم وعبارة خوطب بها الإنسان.
بارك الله فيكم