الأربعاء , أبريل 24 2024

من المولد النبوي إلى حلف الفضول

نتناول في هذه المقالة الأحداث التي وقعت من المولد النبوي إلى حلف الفضول ، من كتاب السيرة النبوي عرض وقائع وتحليل أحداث للدكتور علي محمد الصلابي باختصار وتصرف.

قد تهمك:

banar_group

من المولد النبوي إلى حلف الفضول

1-نسب النبي (صلي الله عليه وسلم):

إن النبي (صلي الله عليه وسلم) أشرف الناس نسباً، وأكملهم خُلقاً وخلقاً.

روي مسلم أن النبي (صلي الله عليه وسلم) قال: “إن الله عز وجل اصطفي كنانة من ولد إسماعيل، واصطفي قريشاً من كنانة، واصطفي من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم”.

ونسب النبي (صلي الله عليه وسلم) إلى عدنان معلوم الصحة ومتفق عليه بين النسابين، وهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم…..إلى عدنان.

أما نسب (صلي الله عليه وسلم) من عدنان إلى إسماعيل فمختلف فيه.

إن نعدن النبي (صلي الله عليه وسلم) طيب ونفيس، فه من نسل إسماعيل الذبيح، وإبراهيم الخليل، وهو استجابة لدعوة إبراهيم، وبشارة عيسى.

وطيب المعدن والنسل الرفيع يرفع صاحبه عن سفاسف الأمور، ويهتم بمعاليها وفضائلها، فيثق الناس فيه.

2-زواج عبد الله وآمنة:

كان عبد الله بن عبد المطلب من أحب ولد أبيه إليه، ولما نجي من الذبح وفداه عبد المطلب بمائة من الإبل، زوجه من أشرف نساء مكة نسباً، وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف.

وبعدما حملت آمنة بمحمد (صلي الله عليه وسلم) لم يلبث أبوه أن توفي أثناء عودته من التجارة، ودفن بالمدينة عند أخواله بني عدي بن النجار.

وروي أحمد أن رسول الله (صلي الله عليه وسلم) قال: أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشري عيسى، ورأت أمي أنه يخرج منها نور أضاءت منه قصور الشام.

3-ميلاد الحبيب:

ولد النبي (صلي الله عليه وسلم) يوم الإثنين (بلا خلاف)، ويوم 12 ربيع الأول (على قول الأكثرون)، وفي عام الفيل (بالإجماع).

4-مرضعاته:

كانت حاضنته أم أيمن بركة الحبشية أمة أبيه (وقد أعتقها النبي بعدما كبر)، وأول من أرضعته ثويبة أمة عمه أبي لهب.

ثم انتقل إلي بني سعد مع مرضعته حليمة السعدية التي حلت بها وبزوجها وبيتها البركة، ولها قصة روتها، نذكرها هنا باختصار وتصرف، فقالت: خرجت مع نسوة من بني سعد نلتمس رضعاء بمكة، ومعي زوجي الحارث بن عبد العزي، ونركب بعير مريضة ومجروحة، ومعنا ناقة مسنة لا ترشح قطرة لبن، وكنا في سنة مجربة، ومعي ابني لا ينام ولا أجد بصدري لبناً يسكته.

فلما قدمنا لمكة كان يعرض علينا محمد ونرفضه لأنه يتيم، وأخذت كل مرضعة رضيعاً ولم تبق غيري فلم أجد غير هذا اليتيم فأخذته.

فلما أخذته امتلأ ثدياي باللبن، فأطعمته وأطعمت ابني وفوجئ الحارث باللبن في الناقة فحلبها وارتوينا وبتنا شبعاً، ونام ابني.

ولما حان ارتحالنا، أخذت محمد معي على البعير المريضة فإذا هي تسبق الركب، ولما عدنا لبني سعد، كان رعاتنا يذهبون بأغنامهم ويعودون جياعاً، ولكن شياتنا كانت تعود شباعاً كثيرة اللبن.

وكان محمد يشب شباباً ما يشبه أحد، ولما استكمل العامين، ذهبنا لأمه آمنة نرجوها أن تبقيه معنا بحجة الخشية عليه من أمراض مكة.

ولما عدنا به إلي بني سعد، ومر نحو 3 أو 4 أشهر وقع له حادث شق الصدر وتنظيف قلبه، فخشينا عليه ورددناه إلى أمه وأخبرناها بخبره فقالت آمنة: إن لابني شأناً، فقد حملت به فلم أجد أخف وأيسر منه أعناق الإبل ببصري (أو قالت: قصور بصري)، ثم وضعته وهو يضع يديه على الأرض رافعاً رأسه إلى السماء.

دروس:

1-بركة النبي (صلي الله عليه وسلم) علي حليمة وأسرتها.

2-أثر البركة يدفع أهل هذا البيت أن يحسنوا رعايته وحضانته.

3-خيار الله للعبد أفضل وأبوك، فقد اختار الله لحليمة هذا الطفل.

4-أثر البادية في صحة الأبدان وصفاء النفوس وذكاء العقول، فالطبيعة حينما تكون المعهد الأول للطفل، تتسق مداركة مع حقائق الكون فتتم تزكية الفطرة، وإنما الأعضاء والمشاعر وإطلاق الأفكار والعواطف.

5-حادث شق الصدر تطهير القلب من حظ الشيطان، وهو تطهير معنوي في شكل مادي حسي، فهو إرهاص مبكر للنبوة، وتهيئة للنبي (صلي الله عليه وسلم) للعصمة والوحي منذ صغره.

5-وفاة أمه وكفالة جده ثم عمه:

توفيت أم النبي (صلي الله عليه وسلم) وهو ابن ست سنين بالأبواء بين مكة والمدينة، حيث كانت عائدة به من زيارة أخواله من بني عدي بن النجار.

وكفله جده عبد المطلب وكان يؤثره على أبناءه (أي أعمام النبي) ويتركه يجلس على فراش جده الذي لا يجلس عليه أحد سواه، ويقول أنه سيكون له شأن عظيم.

ولما توفي عبد المطلب كان النبي (صلي الله عليه وسلم) عمره 8 سنوات، فكفله عمه أبو طالب، وكان يحنوا عليه ويرعاه، وبذلك انتقل النبي من رعاية جده المدللة إلى عمه ذوي العيال قليل الرزق، وبعدما حرم من الأب والأم والجد مما جعله رقيق القلب، مرهف الشعور، فالأحزان تصهر النفوس، وتخلصها من الكبر والغرور.

6-عمه في الرعي:

عمل النبي (صلي الله عليه وسلم) برعي الغنم مساعدة منه لعمه فكان يرعي الغنم لأهل مكة مقابل قراريط.

وهذا العمل أتاح للنبي الهدوء والتفكر ومناجاة الوجود في هدأة الليل وظلال القمر ونسمات الأشجار.

ورعي الغنم يتيح لصاحبه عدة خصال تربوية:

1-الصبر وقوة التحمل:

فيصل علي الرعي طوال النهار نظراً لبطئها في تناول الأكل، ويعيش الراعي في جو حار وفي خشونة في الطعام وشظف العيش.

2-التواضع:

فالراعي يخدم الغنم ويحرسها، ويصاب من بولها وروثها، وهذا ينمي التواضع ويبعد عن التكبر.

3-الشجاعة:

فالمهنة تتطلب الاصطدام بالوحوش المفترسة.

4-الرحمة والعطف:

الراعي يرعي الغنم ويساعدها خاصة في حال مرضها فيعالجها ويعطف عليها ويخفف من ألمها.

5-حب الكسب من عرق الجبين:

وهي تربية النبي (صلي الله عليه وسلم) وأمته رغم أن الله قادر علي أن يغني نبيه، لكن الاعتماد على الكسب الحلال يكسب الإنسان الحرية التامة والقدرة علي قول كلمة الحق، وفيه أيضاً شهامة وبر من الغلام تجاه عمه.

7-حفظ الله لنبيه قبل البعثة:

إن الله صان نبيه (صلي الله عليه وسلم) عن شرك الجاهلية وعبادة الأصنام، فلم يعبد اللات والعزى أبداً، ولم يأكل ما ذبح على النصب.

وقد حفظه الله من نزعات الشباب والتي لا تتلائم مع وقار المرشدين، فذات مرة أراد أن يحضر سمراً كما يسمر الفيتان، فلما وصل إلى أدني دور مكة سمع غناء وضرب الدفوف ومزامير حفل زواج، فلما لبث أن ضرب الله على عينيه فغلبه النوم فلم يوقظه إلا حر الشمس، وتكرر الأمر مرة أخري وحدث نفس الأمر، فأقسم النبي (صلي الله عليه وسلم) أنه ما هم بعدها بسوء من أمر الجاهلية.

وهذا دليل علي:

1-بشرية النبي (صلي الله عليه وسلم) وأنه يجد في نفسه ما يجده كل شاب من ميول.

2-عصمة الله له من الانحراف وعما يتنافى عن مقتضيات الدعوة.

8-لقاء بحيرا الراهب:

خرج النبي (صلي الله عليه وسلم) مع عمه أبي طالب وشيوخ من قريش إلي الشام، فلما أشرفوا على بحيرا الراهب خرج إليهم ولم يكن يخرج لهم من قبل.

مشي الراهب بينهم حتى وصل إلي النبي (صلي الله عليه وسلم) فأخذ بيده وقال: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، فقال له أشياخ من قريش: ما علمك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبقي شجر ولا حجر إلي خر ساجداً ولا يسجدان إلى لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة.

وصنع بحيرة طعاماً ودعاهم إليه وطلب حضور النبي (صلي الله عليه وسلم)، فجاء النبي وعليه غمامة تظله فلما وصل إلى القوم وجدهم قد سبقوه إلي ظل شجرة، فلما جلس مال ظل الشجرة عليه.

وقال بحيرة لأبي طالب: أنشدكم الله ألا تذهبوا به إلى الروم فإنهم إن عرفوه قتلوه، فرده أبو طالب إلي مكة.

ما يستفاد:

1-الصادقين من رهبان أهل الكتاب يعلمون أو محمداً (صلي الله عليه وسلم) رسول البشرية.

2-إثبات سجود الشجر والحجر وتظليل الغمام وميل ظل الشجرة للنبي (صلي الله عليه وسلم).

3-إستفاد النبي (صلي الله عليه وسلم) من سفره وتجواله مع عمه وأشياخ قريش.

4-كان الرومان علي علم أن هذا زمن بعثة رسول وأن مجيئه سيقضي على نفوذهم الاستعمارية ويعيد المصالح إلى أربابها.

9-حرب الفجار:

اندلعت حرب بين قريش وكنانة من جهة وبين هوازن، وشهد النبي (صلي الله عليه وسلم) بعض أيام الحرب، وكان يجمع النبال ويردها إلى أعمامه، وكان عمره 14 سنة أو 15 سنة (وقيل عشرين سنة).

وسميت يوم الفجار بسبب ما استحل فيه من حرمات مكة.

وتعلم فيها النبي (صلي الله عليه وسلم) الجرأة والشجاعة والإقدام والتمرن على القتال.

10-حلف الفضول:

باع رجل من اليمن بضاعة في مكة لكنه لم يحصل على حقه، فاستغاث بأهل المروءة في أبيات من الشعر، فاجتمعت بنو هاشم، وزهرة، وبنو تيم، وابن مرة، فتحالفوا أن يكونوا يداً واحدة مع المظلوم على الظالم حتى يردوا إليه حقة، ثم انطلقوا وردوا بضاعة اليمني إليه.

وقد حضر النبي (صلي الله عليه وسلم) هذا الحلف وهو من مفاخر العرب، وقال (صلي الله عليه وسلم): “شهدت حلف المطيبين من عمومتي وأنا غلام، فما أحب أن لي من حمر النعم، وأني أنكثه”

وقال في حديث آخر: “… ولو دعيت به في الإسلام لأجبت”.

دروس:

1-العدل قيمة مطلقة، كالقيم الإيجابية تستحق الإشادة بها حتى ولو صدرت من أهل الجاهلية.

2-شيوع الفساد في مجتمع لا يعني خلوه من أي فضيلة، فالمجتمع الجاهلي رغم هيمنة الأوثان والمظالم والأخلاق الذميمة كالظلم والزنا والربا إلى أن فيه رجال أصاحب نخوة ومروءة ولا يقرون بالظلم.

3-الإسلام يحار بالظلم ويقف بجوار المظلوم دون النظر إلى لونه أو دينه أو جنسه أو وطنه.

4-جواز التحالف على فعل الخير، وجواز تعاقد المسلمين مع غيرهم علي دفع الظلم ومواجهة الظالم.

5-علي المسلم أن يكون إيجابياً وفاعلاً في مجتمعه، فالنبي (صلي الله عليه وسلم) كان محط الأنظار ومضرب المثل وتهفوا إليه قلوب الناس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *