الجمعة , ديسمبر 13 2024

سورة الشمس | تفسير وشرح ودروس

فيما يلي تفسير وشرح ودروس سورة الشمس ضمن سلسلة تدبر القرآن الكريم التي كتبها أحمد السيد، والتي تتضمن دروساً وفوائد من الآيات مع واجبات ووصايا نهاية السورة.

قد يهمك:

سورة الشمس | تفسير وشرح ودروس

معاني كلمات سورة الشمس:

جلاهاأظهرها
طحاهابسطها
سواهاجعلها مستوية الخلقة سالمة الأعضاء
دساهادنسها
يغشاهايغطيها
زكاهاطهرها أو نماها
فدمدمفأطبق عليهم
طغواهاقمة عصيانها

*مختصر قصة ثمود:

طلب قوم ثمود من نبي الله صالح أن يخرج لهم من بين الصخور ناقة معجزة، فحقق الله له ذلك، وخرجت ناقة ضخمة وخصص لها يوم تشرب فيه من عين القوم، ويوم مخصص للقوم، على ألا يمسوها بسوء، لكنهم كانوا قوم سوء، نفوسهم مدنسة بالإثم والعصيان والطغيان، فتقدم أشقى رجل منهم فذبح الناقة فأهلكهم الله وسوى بهم الأرض ونجى صالحاً والذين معه.

*شرح سورة الشمس:

الآيات 1 : 10

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)

أقسم بالشمس وإشراقها وقت الضحى، وبالقمر إذا تلاها وعكس ضوءها، وبالنهار إذا أظهر الشمس ونشر نورها، وبالليل إذا أظلم وغطى ضوءها، وبالسماء وما رفع بناءها، وبالأرض وما مد بساطها، وبنفس الإنسان وما جعلها مستوية الخلقة سالمة في حواسها، ثم ألهمها وأرشدها لإدراك ماهية النفس الفاجرة من تقييها.

أقسم بهذا كله أنه قد أفلح من زكاها وطهرها وقد خاب من دساها ودنسها.

فطبيعة النفس أنها مهيأة للطاعة والمعصية وللخير وللشر، ولذا فهي بحاجة مستمرة لعملية التزكية والتطهير.

ولقد أفلح من زكى نفسه وطهرها، وقد خاب من دس نفسه ودنسها في وحل المعاصي والآثام وتركها بلا تطهير.

الآيات 11 : 15

كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا (12) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا (14) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا (15)

إن الذي يدنس نفسه يفتقد الصواب، ويصاب بالتفكير المعوج ويتهور بأفعال آثمة يتجاوز بها الحدود، وهذا مثال على أمثال هؤلاء.

فقد كذبت ثمود نبيها ببلوغها غاية العصيان حين نهض أشقى رجل منهم ليعقر (يذبح) الناقة، فحاول نبي الله صالح منعهم وقد حذرهم أنها ناقة الله وآيته فاتركوها وسقياها، لكن نفوسهم كانت مدنسة فكذبوه فعقروها فأطبق عليهم ربهم العقوبة بسبب ذنبهم وجرمهم، فسوى بهم الأرض ولم يفلت منهم أحد.

هذه هي العاقبة التي أصابت أصحاب النفوس المدنسة، فهل هذا الأشقى كان يخاف هذه العاقبة؟

إنه غافل لا يدرك ما فعل ولا يخاف عقباها.

ملحوظة: اختلف المفسرون في الآية الأخيرة، فقيل إن المقصود أن الله لا يخاف عقبى ما حدث، وقيل أن المقصود أن الأشقى هو الذي لم يخف عقباها.

*دروس وفوائد:

1- تزكية النفس:

التزكية: هي التطهير من الإثم، وقيل هي التنمية بالطاعات.

  • يقول الشيخ محمد الغزالي: التزكية هي التربية، وكل أمة لا تربى لا خير فيها.
  • ويقول أبو حامد الغزالي: علي المسلم أن يتعلم أمراض القلوب وكيفية تطهيرها.
  • وقد أقسم الله في القرآن قسماً على فلاح من زكى نفسه وخسران من أهملها “قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)”.

  • عن أبي هريرة (عند أبي حاتم) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ: { فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا } قال: ” اللهم آت نفسي تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها”.

*التخلية والتحلية:

النفس في حاجة مستمرة إلى التخلية من الأخلاق الرذيلة، وإلى التحلية بالأخلاق الفاضلة.

التخليةمن: الشرك والرياء – والعجب والكبر – والبغض والحسد – والشح والبخل – والغضب – وحب الدنيا على الآخرة.

التحلية بـ: أداء الشعائر والعبادات – الإخلاص – الصبر – التوكل – الإثابة – التوبة – الشكر – الخوف – الرجاء – حسن الخلق – الرحمة – نفع الغير – الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

*من وسائل التزكية:

1- الوضوء: الماء يغسل الذنوب.

2- الصلاة: كفارة لما بينهن، وتنهى عن الفحشاء والمنكر.

3- القرآن: القلوب تصدأ وجلاؤها القرآن.

4- الصيام: الصوم جُنّة أي وقاية.

5- الحج: كان بلا ذنوب كيوم ولدته أمه.

6- الصدقة: داووا مرضاكم (مرضي القلوب) بالصدقة.

7- التوبة والاستغفار: “ومن يعمل سوءً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً”.

8- ذكر الموت والآخرة: بأنها ترق القلب و تدمع العين.

9- ترويض النفس بعدم تلبية كل رغباتها.

10- محاسبة نفس ومعاقبتها.

*محاسبة النفس:

  • “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖوَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ”.

سورة الحشر 18

  • عَنْ أبي يَعْلَى شَدَّادِ بْن أَوْسٍ رضي الله عنه عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: الكَيِّس مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِما بَعْدَ الْموْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَه هَواهَا، وتمَنَّى عَلَى اللَّهِ”.

رواه التِّرْمِذيُّ وقالَ: حديثٌ حَسَنٌ.

  • يقول عمر بن الخطاب: حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا ، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا ، أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ، يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ .
  • يقول الحسن البصري: إن العبد لا يزال بخير ما كان له واعظ من نفسه وكانت المحاسبة همته.
  • يقول ميمون بن مهران: لا يكون العبد تقياً حتى يكون لنفسه أشد محاسبة من الشريك لشريكه.
  • قال الحسن: المؤمن قوام على نفسه، يحاسب نفسه لله، وإنما خفّ الحساب يوم القيامة على قوم حاسبوا أنفسهم في الدنيا، وإنما شقّ الحساب يوم القيامة على قوم أخدوا هذا الأمر من غير محسبة.
  • كتب عمر بن الخطاب إلي أحد عماله فقال: حاسب نفسك في الرخاء قبل الشدة، فإن من حاسب نفسه في الرخاء قبل الشدة عاد أمره إلى الرضا والغبطة، ومن ألهته حياته وشغلته أهواؤه عاد أمره إلى الندامة والخسارة.
  • ذكر الإمام أحمد عن وهب قال : «مكتوب في حكمة آل داود: حق على العاقل ألا يغفل عن أربع ساعات:

ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يخلو فيها مع إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه، وساعة يخلي فيها بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجعل، فإن في هذه الساعة عوناً على تلك الساعات وإجماماً للقلوب»

*معاقبة النفس:

  • عن أبي ذر ومعاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن”.

رواه الترمذي وقال: حديث حسن.

  • يقول أبو حامد الغزالي: إذا أكل شبهة بشهوة نفس، ينبغي أن يعاقب البطن بالجوع، وإذا نظر إلى محرم ينبغي أن يعاقب العين بمنع النظر، وكذلك كل الطرق من أطرافه بمنعه من شهواته، هكذا عادة سالكي الطريق.
  • وكان ابن عمر رضي الله عنهما إذا فاتته صلاة العشاء جماعة قام ليلتها حتى الفجر.
  • وعاتب عمر بن الخطاب نفسه على تفويت صلاة العصر في جماعة وتصدق بأرض من أجل ذلك، يقدر ثمنها 200 ألف درهم.
  • قال عبد الله بن وهب القرشي: جعلت على نفسي كلما اغتبت إنساناً صيام يوم، فهان علىّ، فجعلت كلما اغتبت إنساناً صدقة درهم، فثقل علىّ وتركت الغيبة.

2- فوائد أخري:

1- الآيات فيها دعوة للتدبر في الشمس وظواهرها الفلكية.

2- ذبح الناقة، فعلها أشقى رجل من القوم، لكن الكل عوقب لأنهم رضوا.

واجبات:

1- الحفاظ على الوضوء والصلاة والقرآن والصيام والصدقة.

2- محاسبة النفس والتوبة والاستغفار يومياً.

توصيات:

1- اكتشف نفسك، راجع نفسك، واستعن بصديق أمين، لتتعرف أبرز الصفات الإيجابية والسلبية عندك، ثم ضع خطة لتزكية نفسك، وعلاج إحدى الصفات السلبية في مدة محددة.

2- إقرأ كتاب في تزكية النفس وتحسين الأخلاق وعلاج آفات النفس البشرية.

3 تعليقات

  1. مسلسل رائع منتظرين باقي الحلقات

  2. ما فى احلى منه انا احبه كثيرا😀😀

  3. اللهم اجعلنا من اهل القران

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *