الإثنين , أبريل 29 2024

تأملات في سورة السجدة | نور من القرآن

نقدم لكم كلمات من نور تغريدات ولمحات وتأملات في سورة السجدة، نور من القرآن تغريدات ومواعظ و كلمات قلبية.

قد يهمك:

تأملات في سورة السجدة

نور من القرآن

سورة السجدة:

سجدة اليقين والحياة.

أقرب ما يكون العبد من الله وهو ساجد.

والقرب يستدعي المعرفة اليقينية والمحبة الصادقة والهداية الراشدة.

وهو ما دلت عليه السورة من أولها لآخرها.

تعرف على ربك:

بدأت السورة بأصل المعرفة اليقينية:

“تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ”.

ثم أخذت تعرفك على رب العالمين:

“اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ …”.

“يدبر الأمر …”.

“ذَٰلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ …”.

“الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ …”.

في هذه المعالم المعرفية، الأصل فيها أن يخبت قلب الإنسان، والسجود عنوان هذا الإخبات.

تعرف على نفسك:

قديماً قالوا من عرف نفسه فقد عرف ربه.

ومعرفة الإنسان بنفسه تجعله يعرف قدره وقدرته وأنه لا غنى له عن ربه.

وهذا هو أصل التعبد.

والسجود إظهار لضعف العبد بين يدي ربه.

وذكرت السورة أصل النشأة الأولى والنشأة الأخرى.

“…وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ“.

هذه الآيات كفيلة بخضوع الإنسان لخالقه.

فعلام كان التكبر ؟

لأن وسائل الإدراك قد تعطلت، ومن ثم فلا شكر ولا عرفان.

“وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ”.

“قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ”.

وقد صدق إبليس ظنه عليهم فقال:

“وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ”.

لكن صورة أخرى تظهر مآل هؤلاء:

إنه إخبات وخشوع لكن في غير أوانه.

إنه صورة المجرم المتكبر الذي نسي فاقته وأبى السجود.

“وَلَوْ تَرَى إذِ المُجْرِمونَ ناكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدِ رَبَّهِمْ …”

وانظر ماذا قالوا:

“أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ”.

إنه تقابل عجيب بين شك هنا، ويقين هناك، وسمع وبصر معطل هنا مفعل هناك.

وهذه من الحسرات.

صفة الساجدين:

  • قد اهتدوا.
  • على يقين وبصيرة من أمرهم.
  • أشد حبا لله فآثروه على رغباتهم.
  • لا يستكبرون.

ولما كانت هذه الصفات مكنونة لا تظهر، جازاهم الله بقرة عين لا يعلمها أحد.

“فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”.

فنحن هنا أمام طريقان ومنهجان ومصيران مختلفان:

فريق لهم جنة المأوى، وفريق مأواهم النار.

ويا لسعة الفجوة بين المأويين.

وحقيقة الأمر:

أن كل واحد قد آوى إلى ما كان يأوي إليه.

فمن كان يأوي إلى الله ويسجد ويقترب فإن الجنة هي المأوى.

ومن كان يأوي لدنياه وهواه فإن الجحيم هي المأوى.

“أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا ۚ لَّا يَسْتَوُونَ”.

الإمامة في الدين:

وهي ما ختمت السورة ببيانه، وهي لا تكون إلا لعباد الله الصالحين الذين آمنوا واهتدوا وصبروا وأيقنوا، وهذه هي شروط إمامتهم.

وقد ألمحت السورة لموسى:

“وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا …”

وفي ملاقاة ما لاقاه سنة لا تتبدل:

“فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ”.

فاصبر ولا تكن في شك.

“إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ …”.

وتختم السورة بنظرة تاريخية ونظرة كونية:

“أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِنَ القُرُون ….”.

“أوَلَمْ يَرَوْا أنَّا نَسوقُ الماءَ إلى الأرْضِ الجُرُزِ ..”.

إنها حالة إماتة وإحياء، كما هو حال المخبت المنيب، وحال المعرض المريب.

إن التأمل التاريخي والواقعي ينشئ فكراً حياً وقلباً حياً، لا يستطيع المرء معه إلا أن يخر ساجداً لله.

وهذه الحالة هي التي تجعله يواصل الطريق حتى يلقاه.

“فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانتَظِرْ إِنَّهُم مُّنتَظِرُونَ”.

ختاماً:

السورة تأخذ بيدك إلى اليقين والهداية والمعرفة وإلى المأوى الذي تقر به عينك.

وشكر هذه النعمة سجدة قلب لا يقوم منها حتى تقوم القيامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *