نقدم لكم كلمات من نور تغريدات ولمحات وتأملات في سورة الروم، نور من القرآن تغريدات ومواعظ و كلمات قلبية.
قد يهمك:
تأملات من سورة الروم
نور من القرآن
سورة الروم:
من اسمها تدرك محاورها ومقاصدها.
الروم تمثل قوى الأرض المهيمنة على الأفكار والسياسات والتاريخ والجغرافي، انهزمت، فهذا إيذان بتحول تاريخي مرتقب.
ثم التنبؤ بنصرها وتحققه هذا مفتاح لتصديق أشمل بكثير من حادث يقع في بضع سنين.
إنه التغير البشري الذي سيحدثه القرآن بإخراج أمة تصنع التاريخ وتهيمن على الجغرافيا.
“ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله”.
تاريخنا مع الروم:
إنه قديم وممتد إلى قيام الساعة.
منذ نزلت السورة ومنذ كنا في بطحاء مكة معذبون مستضعفون والروم تسيطر وتهيمن على جزيرتنا وتستقطب سكان شمالها لخدمتها.
ثم في مؤتة وتبوك واليرموك مسترسلة إلى الحملات الصليبية العشرة.
ثم في تغير استراتيجية الحملات في صورة الاستعمار، ثم في الإلتواء بالإستشراق وصناعة العملاء، ثم في زرع الكيان الغاصب ودعمه بكل قوة.
حتى ينزل المسيح، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير.
إنه تاريخ ممتد طولاً وعرضاً.
وأي جهل بالروم معناه جهل بالماضي والحاضر والمستقبل.
التحولات الدولية:
الإحاطة بالأحداث العالمية، والتأثر بها والإستفادة منها دليل نضج حضاري صنعه القرآن للأمة الرائدة.
“في أدنى الأرض”.
لكن هذا لا يعني تغيبنا عنه، كان للحدث ارتداد محلي في مكة على قريش والنبي صلى الله عليه وسلم رغم بعد المسافات.
وفي هذه عبرة للحصيف في متابعة الأحداث والاستفادة منها، فنواميس الكون غلابة، والمؤمن يستعملها ويسخرها.
العلم في السورة:
في السورة تكرر لفظ العلم والعلماء كثيراً بصورة واضحة للعيان.
“ولكن أكثر الناس لا يعلمون”
“يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون”
“لآيات للعالمين”.
“وقال الذين أوتوا العلم والإيمان”.
“كذلك نطبع على قلوب الذين لا يعلمون”.
والروم سادوا الأرض بالعلم المادي الظاهري وهم كذلك الآن، والله يبغض كل عالم بالدنيا جاهل بالآخرة.
“يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون”.
لم يصنعوا بعلمهم الظاهري حضارة متكاملة، فقد فصل العلم عن الإيمان، والمادة عن الروح، والدنيا عن الآخرة، فخرج الإنسان بحضارتهم مشوها تائهاً.
ورسالتنا وحضارتنا جاءت مهيمنة على كل كتاب ومعرفة وحضارة، وجاءت لتخرج الإنسان الكامل الأتم نضجاً وسلوكاً وحضارياً.
ولذلك كثرت في السورة ضرب الأمثال وذكر الآيات، لتنبه الغافل وتوقظ النائم وترشد التائه، لكنها لقوم يتفكرون يسمعون يعقلون، وهؤلاء من ينتفعون بها.
موازين القوى:
في السورة تبين لنا موازين القوة وكيفية استعمالها:
القوة الإيمانية:
“لله الأمر من قبل ومن بعد ..”.
“يبدؤ الخلق ثم يعيده”.
“وله المثل الأعلى”.
“خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحيكم”.
“فانظر إلى آثار رحمة الله”.
“خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة”.
القوة العلمية والعقلية:
“أولم يتفكروا”.
“فينظروا”.
“لقوم يتفكرون”.
“لقوم يعقلون”.
القوة الإدركية للسنن والآيات:
“أولم يسيروا في الأرض فينظروا”.
“قل سيروا في الأرض فانظروا”.
“ومن آياته …”.
القوة النفسية:
“فاقم وجهك للدين حنيفاً”.
“للدين القيم”.
“فاصبر …ولا يستخفنك”.
القوة الإقتصادية:
“فلا يربوا عند الله”
“يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر”.
“فآت ذا القربى حقه”.
“خلقكم ثم رزقكم ..”.
هذه القوى مجتمعة ترسل إلينا برسالة، وهي:
أن أي تفريط في واحدة منها فلن يتحقق لنا نصر ولا يتحقق لنا استخلاف في الأرض.
وإذا كانت الروم تملك القوة وتهيمن وتنهض بعد هزيمة، فأولى بنا أن نعد ما استطعنا من قوة حتى يتحقق نصر الله لنا.
“وكان حقاً علينا نصر المؤمنين”.
والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وهو أولي منه بالتأييد والإمداد.
القرآن وصناعة الأمة:
أول السورة نبأ قرآني، وفي آخر السورة.
“ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ….”.
تكوين هذه الأمة إنما جاء من رحم القرآن، والفرحة الحقيقية هي فرحة الهداية بالقرآن والريادة به.
إذاً لابد من وقفة:
لماذا انتصرت وسادة أول هذه الأمة ولماذا صارت اليوم غثاء كغثاء السيل؟
السر في كيفية التعامل مع القرآن.
“لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم”.
فيه ذكر نشأتكم ومصيركم، فيه ذكر مفردات حضارتكم ونهضتكم، فيه ذكر خزائن غناكم وعزكم، فيه ذكر رسم خطة سيركم ووجهتكم، فيه ذكر مسارات ومآلات رؤيتكم، فيه ذكر أعدائكم وحلفائكم، فيه ذكر كيف تصنعون أنفسكم وتصنعون العالم.
“أفلا تعقلون”.
جاء القرآن حياة للقلوب كحياة الأرض بالربيع.
وفي السورة تكرر ذكر إثارة الرياح للسحاب وإحياء الأرض بالودق، وهكذا يصنع القرآن إذا ما حل بالقلب، وحياة الإنسانية مرهونة بحياة القلوب بالقرآن.
والقرآن جاء للإنسان وجاء من أجل صناعته وسعادته، وأي فكرة غير القرآن فكرة هابطة بالإنسان هادمة لكيانه.
انظر كيف صنعت أفكار الفلاسفة والمفكرين الغربيين بشعوبهم وبشعوب الأرض، إنها أخرجت إنساناً بلا أخلاق وبلا غايات وبلا كرامة.
هكذا فعلت حضارة الروم المعاصرة بالعالم.
ونحن أمناء على رسالة الله الخاتمة للإنسان، والقرآن يحمينا من الأخطاء القاتلة والأفكار الهادمة ويحرر الإنسان،
إنه يصنعنا لنصنع به العالم.
“فأقم وجهك للدين القيم “.
ختاماً:
سورة الروم:
إنها نظرة تأملية لواقع الأرض ومستقبلها وانتظار لأعظم تغيير في الوجود، وأمل بوعد الله.
ومهما كان الواقع:
“فلا يستخفنك الذين لا يوقنون”.
فالقوي لا يظل قوياً والضعيف لا يظل ضعيفاً، فسنة التداول ماضية.
وإذا كنتم اليوم ضعفاء وأعدائكم يملكون القوة فتذكروا:
“الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة وشيبة .. “.
وهكذا عمر الأمم والدول تضعف وتقوي وتهرم وتتلاشى.
وأحلام الأمس هي حقائق اليوم، وأحلام اليوم هي حقائق الغد.
فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين
بهذا الإيمان وبهذا اليقين الذي يحويه العلم والعمل، يتحقق فينا وعد الله.
“وعد الله حق ولكن أكثر الناس لا يعلمون”.
“فاصبر “
فالقوي لا يظل قوياً والضعيف لا يظل ضعيفاً، فسنة التداول ماضية.