إن كثرة مآثر أبي بكر لتجعل القلم عاجزاً عن أن يجمع أخلاقه في باب واحد، وقد أشرنا سابقاً كما سنشير لاحقاً إلى محاسن أخلاق الصديق وتميزه، ونتناول فيما يلي بعضاً من أخلاقه.
قد يهمك:
من أخلاق أبي بكر
بشره بالجنة:
كان أبو بكر الأصدق والأتقى والأسبق في الإيمان والعمل الصالح، ولقد بشره النبي صلى الله عليه وسلم في مواطن عديدة بالجنة.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من أصبح اليوم منكم صائماً؟
قال أبو بكر: أنا.
قال: فمن أتبع منكم اليوم جنازة؟
قال أبو بكر: أنا.
قال: فمن أطعم اليوم منكم مسكيناً؟
قال أبو بكر: أنا.
قال: فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟
قال أبو بكر: أنا.
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ما اجتمعت في امرئ إلاّ دخل الجنة. “
رواه مسلم.
وقد ورد في البخاري ما مختصره أن أبا موسي الأشعري خدم رسول الله صلي الله عليه وسلم يوماً فجاءه أبو بكر، فاستوقفه أبا موسي حتى يستأذن له رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال صلي الله عليه وسلم: ائذن له، وبشره بالجنة.
فهم الإسلام:
سأله رجل عن الإسلام وما هو مطلوب منه، فأجابه ثم أضاف قائلاً: وأخرى، لا تؤمرن على اثنين.
فقد كانت لأبي بكر نظرة في الرجال فقد رأي أن السائل لا يصلح للإمارة ولو علي اثنين، ونصحه بذلك حماية له ولمنع فتنة الناس.
وهذه النصيحة لم ترد في قرآن أو حديث ولكن أبو بكر استفتاها من منهج النبي صلى الله عليه وسلم والذي فيه يفتي بحال المستفتي.
سنتعرف لاحقاً لموقف أبي بكر في جيش أسامة، كيف كان فهمه للمسألة والذي أقنع به أصحابه.
الارتباط بالقرآن:
كان أبو بكر حافظاً لكلام الله، باكياً خاشعاً عند تلاوته، متدبراً في معانيه، وكان ذهنه حاضراً بكلام الله، يجيد الاستشهاد بالآيات ويحسن الاستنباط في المواقف المتعددة.
أتي الشاعر عباس بن فرناس بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: أنت القائل “فأصبح نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة”؟
فقال أبو بكر مصوباً بيت الشعر للنبي ضصلى الله عليه وسلم: بين عيينة والأقرع.
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: هي واحد.
فقال أبو بكر بأدب وذكاء: أشهد أنك كما قال الله تعالي: “وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُّبِينٌ”.يس 69
وسنتناول لاحقاً كيف أبرع الصديق في حسن الاستنباط بكلام الله لإقناع الأنصار برأيه في مسألة الخلافة.
خوفه وزهده:
كان لأبي بكر غلام، إذا جاء بغلته لم يأكل حتى يسأل، فإن كان شيئاً مما يحب أكل، وإن كان مما يكره لم يأكل.
فنسى ليلة فأكل ولم يسأل، فلما سأل فوجئ أنه من شيء كرهه فأدخل يده فتقيأ حتى لم يترك شيئاً.
عن قيس قال: رأيت أبا بكر آخذاً بطرق لسانه ويقول: هذا الذي أوردني الموارد.
قال أبو بكر: ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا.
وقال: والله لوددت أني كنت هذه الشجرة تؤكل وتعضد.
التواضع:
قال عبد الله بن عمر: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: “مَن جرَّ ثوبَه مِن الخُيَلاءِ لا يَنْظُر اللهُ إليه يومَ القيامةِ .قال أبو بكرٍ: يا رسولَ اللهِ، إن أحدَ شِقَيْ إزاري يَسْتَرْخي إلا أن أتعاهَدَ ذلك منه؟ فقال النبيُّ صلى الله عليه و سلم: إنك لستَ ممَن يَصْنَعُ ذلك خُيَلاءَ.
رواه البخاري
وكان إذا سمع أحداً يمدحه من الناس يقول: اللهم أنت أعلم من نفسي، وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي مالا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون.
التأدب بين يدي النبي:
قال جابر بن عبد الله: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الجمعة، وقدمت عير المدينة فابتدرها أصحاب رسول الله حتى لم يبق معه إلاَّ اثنا عشر رجلاً فنزلت هذه الآية. “وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ” الجمعة ﴿١١﴾
وفي الاثني عشر الذين ثبتوا أبو بكر وعمر.
الحرص علي العلم والتعلم:
عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: رأَيْتُ كأنِّي أُعطِيتُ عُسًّا مملوءًا لَبَنًا فشرِبْتُ منه حتَّى تمَلَّأْتُ فرأَيْتُها تجري في عروقي بيْنَ الجِلدِ واللَّحمِ ففضَلَتْ منها فَضْلةٌ فأعطَيْتُها أبا بكرٍ، قالوا يا رسول الله، هذا علم أعطاكه الله حتى تملأت منه، فضلت فضلة فأعطيتها أبا بكر. فقال صلي الله عليه وسلم: أصبتم.
ورد في الصحيحين أن أبا بكر قال: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي. قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم.
وقال أبو بكر: يا رسول الله علمني دعاء أدعو به إذا أصبحت وإذا أمسيت. فقال: قل: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، ومن شر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءاً أو أجره إلي مسلم.
قله إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك.