قصة توبة مالك بن دينار | توبة الفضيل بن عياض | توبة عبد الله بن المبارك

نقدم لكم قصة توبة مالك بن دينار | توبة الفضيل بن عياض | توبة عبد الله بن المبارك، مصحوبة بعرض فيديو للشيخ سمير مصطفى، والشيخ أبو إسحاق الحويني، والشيخ نبيل العوضي لعرض القصص مسموعة ومرئية.

مالك بن دينار، والفضيل بن عياض، وعبد الله بن المبارك ثلاثة من عظماء الأمة، وقد جمعتهم التوبة بالآية الكريمة:

“أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ”.

والهدف من نشر قصص التوبة للصالحين هي للعظة والموعظة، وأن العبد المذنب من السهل أن يكون عابداً زاهداً مجاهداً إماماً، إن صلحت توبته وأقبل على الله بعزم.

وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى اللَّهِ، فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ”.

والتوبة هي: الرجوع إلى الله تعالى، وترك المعصية والندم على فعلها والعزم على عدم العودة إليها.

والله تعالى يغفر الذنوب، ويقبل التائبين، ويقيل عثرات المذنبين، فمهما بلغت ذنوب العبد، فرحمة الله وسعت كل شئ.

قال الله تعالى:

“قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”.

 الزمر 53

“إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ”.

سورة البقرة 222

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا

سورة النصر 3

“إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا، وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآَنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا”.

سورة النساء 17 ، 18

قد يهمك:

قصة توبة مالك بن دينار

ذكر بعض أهل العلم للعظة والاعتبار قصة توبة مالك بن دينار منهم ابن قدامة المقدسي في كتاب التوابين، وابن الجزري في كتاب الزهر الفاتح في ذكر من تنزه عن الذنوب والقبائح، وذكرها ابن الجوزي والعجلوني.

سئل مالك بن دينار عن سبب توبته فقال:

كنت شرطيًا ، وكنت منهمكا على شرب الخمر ، ثم إنني اشتريت جارية نفيسة ، ووقعت مني أحسن موقع ، فولدت لي بنتا ، فشغفت بها ، فلما دبت على الأرض ازدادت في قلبي حبا ، وألفتني وألفتها .

قال : فكنت إذا وضعت المسكر بين يدي ، جاءت إلي وجاذبتني عليه ، وهرقته من ثوبي.

فلما تم لها سنتان ماتت ، فأكمدني حزنها.

فلما كانت ليلة النصف من شعبان، وكانت ليلة الجمعة، بت ثملاً من الخمر، ولم أُصلّ فيها عشاء الآخرة، فرأيت فيما يرى النائم :

كأنَّ القيامة قد قامت، ونفخ في الصور، وبعثرت القبور، وحشر الخلائق وأنا معهم، فسمعت حسَّا من ورائي، فالتفت فإذا أنا بتنين أعظم ما يكون أسود أزرق قد فتح فاه مسرعاً نحوي.

فمررت بين يديه هارباً فزعًا مرعوبًا، فمررت في طريقي بشيخ نقي الثوب طيب الرائحة، فسلمت عليه، فرد السلام، فقلت:

أيها الشيخ أجرني من هذا التنين أجارك الله.

فبكى الشيخ وقال لي :

 أنا ضعيف وهذا أقوى مني، وما أقدر عليه، ولكن مرّ وأسرع، فلعل الله أن يتيح لك ما ينجيك منه.

فوليت هارباً على وجهي، فصعدت على شرف من شرف القيامة، فأشرفت على طبقات النيران، فنظرت إلى هولها، وكدت أهوي فيها من فزع التنين، فصاح بي صائح :

ارجع، فلست من أهلها، فاطمأننت إلى قوله، ورجعت.

ورجع التنين في طلبي، فأتيت الشيخ فقلت:

يا شيخ سألتك أن تجيرني من هذا التنين، فلم تفعل، فبكى الشيخ وقال :

أنا ضعيف، ولكن سر إلى هذا الجبل، فإن فيه ودائع المسلمين، فإن كان لك فيه وديعة، فستنصرك.

قال: فنظرت إلى جبل مستدير من فضة، وفيه كُوى مخرمة، وستور معلقة، على كل خوخة وكوة مصراعان من الذهب الأحمر مفصلة باليواقيت مكوكبة بالدر ، على كل مصراع ستر من الحرير، فلما نظرت إلى الجبل وليت إليه هاربًا والتنين من ورائي، حتى إذا قربت منه صاح بعض الملائكة:

ارفعوا الستور وافتحوا المصاريع وأشرفوا، فلعل لهذا البائس فيكم وديعة تجيره من عدوه، فإذا الستور قد رفعت، والمصاريع قد فتحت، فأشرف علي من تلك المخرمات أطفال بوجوه كالأقمار، وقرب التنين مني، فتحيرت في أمري.

فصاح بعض الأطفال:

ويحكم أشرفوا كلكم فقد قرب منه عدوه.

فأشرفوا فوجاً بعد فوج، وإذا أنا بابنتي التي ماتت قد أشرفت علي معهم، فلما رأتني بكت وقالت:

أبي والله، ثم وثبت في كفة من نور، كرمية السهم، حتى مثلت بين يدي، فمدت يدها الشمال إلى يدي اليمنى فتعلقت بها، ومدت يدها اليمنى إلى التنين، فولى هارباً.

ثم أجلستني وقعدت في حجري، وضربت بيدها اليمنى إلى لحيتي، وقالت:

يا أبت “أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ”.

فبكيت وقلت: يا بنية ! وأنتم تعرفون القرآن؟ فقالت:

يا أبت ! نحن أعرف به منكم.

قلت:  فأخبريني عن التنين الذي أراد أن يهلكني؟

قالت: ذلك عملك السوء، قويته فأراد أن يغرقك في نار جهنم.

قلت : فأخبريني عن الشيخ الذي مررت به في طريقي؟

قالت: يا أبت ! ذلك عملك الصالح ، أضعفته حتى لم يكن له طاقة بعملك السوء.

قلت: يا بنية ! وما تصنعون في هذا الجبل؟

قالت: نحن أطفال المسلمين، قد أسكنا فيه إلى أن تقوم الساع ، ننتظركم تقدمون علينا فنشفع لكم.

قال مالك : فانتبهت فزعاً، وأصبحت، فأرقت المسكر، وكسرت الآنية وتبت إلى الله – عز وجل – وهذا كان سبب توبتي”.

انتهى

قصة توبة الفضيل بن عياض

يقول القرطبي: وهذه الآية: “أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ”.

[الحديد:١٦]

كانت سبب توبة الفضيل بن عياض وابن المبارك رحمهما الله تبارك وتعالى.

روي أن الفضيل بن عياض كان يعشق جارية فواعدته ليلاً، فبينما هو يرتقي الجدران إليها إذ سمع قارئاً يقرأ:

“أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ”.

فرجع القهقرى وهو يقول: بلى والله قد آن.

فآواه الليل إلى خربة وفيها جماعة من السابلة، وبعضهم يقول لبعض: نسير الليلة.

فقال آخرون: لا إن فضيلاً يقطع الطريق فانتظروا حتى الصباح.

فسمعهم الفضيل فقال:

أواه! أراني بالليل أسعى في معاصي الله، قوم من المسلمين يخافونني، اللهم إني قد تبت إليك، وجعلت توبتي إليك جوار بيتك الحرام، فجاور في الحرمين، ولذلك سمي بعابد الحرمين.

وقد ذكر ابن كثير في البداية، والذهبي في السير وابن هبة الله في تاريخ مدينة دمشق، والقرطبي في التفسير أن الفضيل كان لصا يقطع الطريق وكان يعشق جارية، فبينما هو يرتقي الجدران إليها في ليلة من الليالي سمع صوت قارئ يقرأ القرآن ويتلو:

“أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ”، {الحديد:16}.

فلما سمعها قال:

بلى قد آن فتاب إلى الله تعالى، ثم أصبح عابد الحرمين.

توبة عبد الله بن المبارك

ذكر ابن قدامة في “كتاب التوابين”:

روى عن الحسن بن زاهر قال:

سئل عبد الله بن المبارك عن بدء زهده، قال:

كنت يوماً مع إخواني في بستان لنا؛ وذلك حين حملت الثمار من ألوان الفواكه، فأكلنا وشربنا حتى الليل فنمنا، وكنت مولعاً بضرب العود والطنبور، فقمت في بعض الليل فضربت بصوت يقال له: راشين السحر -لعله نوع من الموسيقى- وأراد سنان يغني، وطائر يصيح فوق رأسي على شجرة، والعود بيدي لا يجيبني إلى ما أريد، وإذا به ينطق كما ينطق الإنسان يقول: “أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ”، [الحديد:١٦].

قلت: بلى والله! وكسرت العود، وصرفت من كان عندي، فكان هذا أول زهدي وتشميري.

يقول القرطبي: وبلغنا أن الشعر الذي أراد ابن المبارك أن يضرب به العود ويغني به:

 أَلَمْ يَأْنِ لِي مِنْكَ أَنْ تَرْحَمَا

وَتَعْصي الْعَوَاذِلَ وَاللُّوَّمَا

وَتَرْثِي لِصَبٍّ بِكُمْ مُغْرَمٌ

أَقَامَ عَلَى هَجْرِكُمْ مَأْتَمَا

يَبِيتُ إِذَا جَنَّهُ لَيْلُهُ

يُرَاعِي الْكَوَاكِبَ وَالْأَنْجُمَا

وَمَاذَا عَلَى الصَّبِّ لَوْ أَنَّهُ

أَحَلَّ مِنَ الْوَصْلِ مَا حَرَّمَا


2 تعليقات

  1. اللهم اجعلنا من التوابين ومن المتطهرين

  2. رضي الله عنهم وأرضاهم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *