نقدم لكم فيما يلي قصة جديدة من كتاب قصص ومواقف للكاتب أحمد السيد بعنوان إيثار الأنصار.
قد يهمك:
إيثار الأنصار
بينما النبي صلى الله عليه وسلم مع وفد من الصحابة يجتمعون باليهود في بني النضير، هَمَّ اليهود تقتل النبي غدراً بإلقاء صخرة من فوق الجدار الذي يجلس تحته.
جاء الخبر من السماء إلى النبي فنهض بسرعة وتبعه أصحابه، ثم أرسل إلى اليهود محمد بن مسلمة يقول لهم: إن رسول الله أرسلني إليكم أن اخرجوا من بلادي لقد نقضتم العهد الذي جعلت لكم مما هممتم عليه من الغدر، وقد أجلتكم عشراً فمن رئي بعد منكم ضربت عنقه.
رد اليهود: لن نبرح دارنا فاصنع ما بدا لك.
بعد انقضاء العشرة أيام تحرك جيش المسلمين وضرب الحصار على بني النضير والذي استمر 15 يوماً، فألقى الله في قلوبهم الرعب واستسلموا وطلبوا الأمان حتى يخرجوا فوافق النبي، وخرجوا وغنم المسلمون أموالهم وديارهم دون قتال.
نزلت أحكام جديدة من السماء بشأن وفيها أن الغنائم التي يتم الحصول عليها بدون قتال لا توزع بنظام الأخماس كما هو معتاد وإنما تسلم كاملة إلى النبي (أو الحاكم) يتصرف فيها حسب ما يرى مصلحة.
لما أصبحت غنائم بني النضير بأيدي النبي دعا الأنصار ثم قال: إن أحببتم قسمت بينكم وبمن المهاجرين، وإن أحببتم أعطيتهم وخرجوا من دوركم.
وقد كان المهاجرين مازالوا يسكنون في دور الأنصار منذ الهجرة.
فقال قائداً الأنصار سعد بن معاذ وسعد بني عبادة: يا رسول الله بل نقسم بين المهاجرين (أي نعطي كل الفيئ المهاجرين) ويكونوا في دورنا كما كانوا.
وقالت الأنصار: رضينا وسلمنا يا رسول الله فنزلت الآيات تشيد بالأنصار فقال الله تعالى عنهم: “والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون” الحشر 9
وهكذا قسم النبي الفيئ على المهاجرين فقط واستثنى من الأنصار اثنين لحاجتهما.
فوائد وعبر:
1-لم يعرف التاريخ حادثاً جماعياً كحادث استقبال الأنصار للمهاجرين بهذا الحب والسخاء والبذل، لقد ضربوا أروع الأمثلة للأخوة الإسلامية في أرقى معانيها وأعلى مراتبها، فتحوا بيوتهم وقلوبهم للمهاجرين وشاركوهم أموالهم وآثروهم على أنفسهم.
فحين استقر المهاجرون في بيوت الأنصار قالت الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: اقسم بيننا وبين إخواننا (المهاجرين) النخيل (أي نخيل الأنصار) فرفض النبي ذلك، فقالوا: تكفوننا المؤونة (أي العمل فيها) ونشرككم في الثمرة. فوافق النبي ووافقوا.
وحين آخى النبي بين سعد بن الربيع الأنصاري وعبد الرحمن بن عوف، قال سعد لعبد الرحمن: إني أكثر الأنصار مالاً فأقسم لك نصف مالي، وانظر أي زوجاتي هويت نزلت لك عنها فإذا حلت تزوجتها.
فقال عبد الرحمن: بارك الله لك في أهلك ومالك، ليس لي حاجة في ذلك، ولكن دلني على السوق.
2- الأخوة ليست نافلة أو أمراً فرعياً في الإسلام ولكنها فرض لا فضل، وهي علاقة مع الله ومن لوازم الإيمان.
يقول تعالى “إنما المؤمنون أخوة”
ورابطة الأخوة هي منة وفضل من الله تعالى
“لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم” الأنفال 63
وعاطفة الحب من أبرز علامات الأخوة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
وأعلى مراتب الأخوة سلامة الصدر.