نقدم لكم فيما يلي قصة جديدة كتاب قصص ومواقف للكاتب أحمد السيد بعنوان الغلام المترجم زيد بن ثابت.
قد يهمك:
الغلام المترجم زيد بن ثابت
لما استقر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، جيء له بالغلام اليتيم زيد بن ثابت وعمره 11 عاماً وقيل له: هذا من بني النجار وقد قرأ سبع عشرة سورة.
فاختبر النبي وقرأ زيد فأعجب النبي ورأى فيه نبوغاً مبكراً وحرصاً على العلم فأمره أن يتعلم اللغة العبرية فقال: تعلم كتاب يهود فإني ما آمنهم على كتابي.
انطلق الفتى بكل حماسة ونشاط يتعلم اللغة، فما مضى عليه نصف شهر حتى حذقها فأصبح مترجماً للنبي يكتب لليهود ويقرأ كتبهم.
وحين اتسعت أعمال الدولة قال النبي لزيد: أتحسن السريانية؟ قال: لا.
قال: فتعلمها فإنه تأتينا كتب.
فتعلمها زيد في 17 يوماً.
ونشط زيد في كتابة الوحي، وبلغ منزلة كبيرة في العلم رغم حداثة سنه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أفرض أمتي زيد بن ثابت”، أي أعلم الناس بالفرائض (أي المواريث).
أراد الغلام الغزو يوم بدر وأحد ورده النبي لصغر سنه ووعده بالغزوة المقبلة فشارك في الخندق وتبوك.
وكان زيد قد قرأ القرآن على النبي بعض العرضة الأخيرة من جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم.
وفي عهد أبي بكر أمر الخليفة زيداً أن يجمع القرآن وقال: وإنك شاب عاقل ولا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله فتتبع القرآن واجمعه.
فجمع زيد القرآن لكل الأحرف (اللهجات) وفي عهد عثمان أراد الخليفة جمع الناس على حرف واحد للقرآن فقال: من أكتب الناس.
قالوا: كاتب رسول الله زيد بن ثابت.
قال: فأي الناس أعرب؟ قالوا: سعيد بن العاص.
فقال: فليمل سعيد وليكتب زيد.
كان عمر إذا حج استحلف زيداً، ولم يكن عمر ولا عثمان يقدمان على زيد أحداً في القضاء والفتوى والفرائض والقراءة (قراءة القرآن).
ذات مرة ركب زيد دابته فأقبل عبد الله بن عباس فأمسك بركابها.
فقال زيد: تنح يا ابن عم رسول الله.
فقال ابن عباس: لا، فهكذا نصنع بعلمائنا.
توفي زيد عام 45 هـ.
قال ابن عباس: لقد دفن اليوم علم كثير.
وقال أبو هريرة: مات حبر الأمة ولعل الله أن يجعل في ابن عباس منه خلفاً.
فوائد وعبر:
1- كان زيد مثالاً للشاب المتفوق النابغ صاحب العزم الفتي والعقل الذكي والخلق المتين، يحفظ القرآن ويتحدث ثلاث لغات، وكان عالماً بشرائع الإسلام ومتخصصاً في علم الفرائض ولا يقدم عليه في الفتوى والقضاء.
2- النبي صلى الله عليه وسلم اكتشف موهبة زيد، ونمى موهبته بالعلم والممارسة العلمية وتكليفه بمهمة منذ صغره حتى غدا عالماً من علماء الإسلام.
3- تميزت سياسة النبي صلى الله عليه وسلم التربوية بحسن تقدير الغلمان وعدم إهمالهم وكان يسمح لهم بمشاركة مجالس الكبار وتكليفهم بمهام كبيرة ويحترم رغباتهم ويقدرها.
عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام (عبد الله بن عباس) وعن يساره الأشياخ فقال الغلام: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟
فقال الغلام: لا والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحداً.
فتله (فوضعه) رسول الله في يده. متفق عليه.