الأربعاء , ديسمبر 11 2024

سيرة حياة شيخ الإسلام ابن تيمية باختصار

نقدم لكم سيرة حياة شيخ الإسلام ابن تيمية باختصار، أحد القمم الشوامخ في سلسلة جبال العلم، وأحد أبرز العلماء المسلمين بين القرنين السابع والثامن الهجري، عرف بسعة علمه في الشريعة واللغة العربية، وتنوعت معارفه الفكرية والنقدية، وكثرت مؤلفاته في مختلف العلوم، اشتهر بجرأته في الحق، وحمل السلاح في مواجهة التتار، سجن مرات عدة بسبب آراؤه، ومات أعزباً لم يتزوج بسب انشغاله بالعلم والجهاد.

قال عنه الشيخ محمد أبو زهرة:

“إن المُشاهَد قديمًا وحديثًا أن الرجل الذي يختلف الناس في شأنه بين إعلاء وإهواء، لا بد أن يكون رجلاً كبيرًا في ذات نفسه، وعظيمًا في خاصَّة أمره، له عبقرية استرعت الأنظار، واتجهت إليها الأبصار… وكذلك كان ابن تيمية – رضي الله عنه – قد كان عظيمًا في ذات نفسه، اجتمعت له صفات لم تجتمع في واحد من أهل عصره، فهو الذكي الألمعي، وهو الكاتب العبقري، وهو الخطيب المصقع، وهو الباحث المنقب… وقد آته الله لسانًا مبينًا، وقلبًا حكيمًا، وقلمًا عليمًا”.

قد يهمك:

سيرة حياة شيخ الإسلام ابن تيمية باختصار

مولده ونشأته ومنزلته العلمية:

هو أحمد بن عبدالحليم بن عبدالسلام بن عبدالله بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية، أمه ست النعم بنت عبد الرحمن الحرانية.

يكنى بشيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس، ويلقب بابن تيمية نسبة إلى والدته أو جدته.

قال الإمام الذهبي: “حج جدُّ ابن تيمية، وله امرأة حامل، فلمَّا كان بتيماء – مدينة بين المدينة وتبوك – رأى طفلةً قد خرجت من خباء، فلما رجع إلى حران، وجد امرأتَه قد ولدت بِنْتًا، فلمَّا رآها قال: يا تيمية! يا تيمية! (يعني: أنها تشبه الطفلة التي رآها بتيماء) فلُقِّبَ بذلك”.

وقال ابن النجار رحمه الله: ذكر لنا أن جدَّه محمدًا، كانت أمُّه تُسمَّى تيمية، وكانت واعظةً، فنُسِب إليها، وعُرِف بها.

ولد ابن تيمية يوم الاثنين 10 ربيع الأول سنة 661 هـ/1263م في مدينة حرّان (في جنوبي تركيا) وقدم مع والده وأهله إلى دمشق وهو صغير فارين من ظلم المغول.وكان عمره 7 سنوات، وذلك بعد إغارة التتر على حرَّان.

نشأ ابن تيمية في ظل أسرة لها شأن في العلم والسياسة، فكان والده شهاب الدين عبد الحليم أحد علماء حران، وكان له مقام للتدريس والوعظ في مسجدها الكبير، وتولى والده مشيخة دار الحديث السكرية، وقد نذرته أمه لخدمة العلم وتحصيله وهو في سن مبكرة، وختم القرآن صغيرًا.

كان جده مجد الدين أبو البركات عبد السلام فقيهاً حنبلياً ومحدثاً وعالماً باللغة العربية، وعمته ست الدار بنت عبد السلام، وأخوه شرف الدين عبد الله، وزين الدين عبدالرحمن.

توفي والده وعمره 22 سنة، سنة 682هـ.، فقام مقامه في مشيخة التدريس في هذا السن بدار الحديث السكرية، وحضر درسَه كبار علماء دمشق مثل قاضي القضاة بهاء الدين بن الزكي الشافعي، والشيخ تاج الدين الفزاري شيخ الشافعية، والشيخ زين الدين بن المرحل، وزين الدين بن المنجا الحنبلي.

وقد جلس ابن تيمية بالجامع الأموي بعد صلاة الجمعة على منبر قد هُيِّئ له لتفسير القرآن العزيز، فسارت بذكرِه الركبان في سائر الأقاليم والبلدان، واستمر على ذلك مدة سنين متطاولة.

كان ابن تيمية منذ صغره مجتهداً مجداً، اشتغل بحفظ الحديث والفقه واللغة العربية بعد حفظ القرآن الكريم، داوم على حضور مجالس الذكر وسماع الأحاديث والآثار، وسمع كتب عديدة من شيوخ مختلفة من ذوي الروايات الصحيحة العالية، وسمع أيضاً الدواوين الكبار مثل مسند أحمد، وصحيح البخاري ومسلم، وجامع الترمذي، وسنن أبي داود السجستاني، والنسائي، وابن ماجه، والدارقطني عدة مرات، وأول كتاب حفظه في الحديث “الجمع بين الصحيحين للإمام الحميدي”.

اهتم شيخ الإسلام بشكل خاص بالفقه الحنبلي لأن أسرته كانت عريقة في تمذهبها على فقه الإمام أحمد بن حنبل.

نشأ ابن تيمية في دمشق وفيها مدارس للفقه الحنفي والشافعي والحنبلي، وأكابر علماء العصر ممكا كان له أثر بالغ في التكوين العلمي لابن تيمية.

وعاش ابن تيمية أيضاً في عصر انتشرت فيه العقائد المنحرفة والفرق الضالة وتداعى فيه أعداء الإسلام على بلدان المسلمين، وكان النظام السياسي يعاني من الانقسام والتشرذم فانبرى على كل الأصعدة مصلحاً ما فسد من أمور العقائد والأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

صفاته وأخلاقه:

قال الذهبي رحمه الله: “كان ابنُ تيمية أبيضَ، أسودَ الرأس واللحية، قليلَ الشيب، شعره إلى شحمة أُذُنَيهِ، كأنَّ عينيه لسانان ناطقان، متوسِّط القامة، بعيد ما بين المنكبين، جَهْوَري الصوت، فصيحًا، سريع القراءة، تعتريه حِدَّةٌ لكن يقهرها بالحِلْم”.

التواضع:

قال عمر بن علي البزار: ما رأيتُ ولا سمِعْتُ بمثل تواضُع ابن تيمية في عصره؛ كان يتواضع للكبير والصغير، والجليل والحقير، والغني الصالح والفقير، وكان يُدني الفقيرَ الصالح ويُكرمُه، ويُؤنِسُه ويُباسِطُه بحديثه زيادة على مثله من الأغنياء، حتى إنه ربما خدَمه بنفسه، وأعانه بحمل حاجته جَبْرًا لقلبه، وتَقَرُّبًا بذلك إلى ربِّه.

الزهد:

قال عمر بن علي البزار: لقد اتَّفق كلُّ مَنْ رأى ابن تيمية – خصوصًا مَنْ أطال ملازمتَه – أنه ما رأى مثلَه في الزُّهْد في الدنيا”.

الإيثار

كان الإمام ابن تيمية مع شدَّة تركه للدنيا، ورفضه لها، وفقره فيها، وتقلُّله منها، مؤثرًا بما عساه يجده منها قليلًا كان أو كثيرًا؛ فقد كان يَتَصَدَّق حتى إذا لم يجد شيئًا، نزع بعض ثيابه المحتاج إليه فيصل به الفقير، وكان يستفضل من قُوْتِه القليلَ الرغيفَ والرغيفين، فيُؤثِر بذلك المحتاجين على نفسه.

كان سمحاً واسع الصدر:

قال الإمام ابن تيمية: أنا في سعة صدر لمن يُخالفني، فإنه وإن تعدَّى حدودَ الله بتكفير أو تفسيق أو افتراء أو عصبية جاهلية، فأنا لا أتعدَّى حُدُودَ الله فيه؛ بل أضبط ما أقوله وأفعله، وأزنه بميزان العدل، وأجعله مؤتمًّا بالكتاب الذي أنزله الله، وجعلَه هُدًى للناس، حاكمًا فيما اختلفوا فيه؛ قال الله تعالى: ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ﴾ [البقرة: 213]، وقال تعالى: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [النساء: 59]، وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ﴾ [الحديد: 25].

قال الإمام ابن القيم: “ما رأيتُ ابن تيمية يدعو على أحدٍ من أعدائه قطُّ، وكان يدعو لهم”.

كثرة العبادة:

قال عمر بن علي البزار: كان ابن تيمية قد قطع جُلَّ وقته في العبادة، حتى إنه لم يجعل لنفسه شاغلةً تشغله عن الله تعالى، وكان إذا ذهب الليل وحضر مع الناس، بدأ بصلاة الفجر، يأتي بسُنَّتِها قبل إتيانه إليهم، وكان إذا أحرم بالصلاة تكاد تتخلَّع القلوبُ لهيبة إتيانه بتكبيرة الإحرام، فإذا دخل في الصلاة ترتعد أعضاؤه، فإذا فرغ من الصلاة أثنى على الله عز وجل هو ومَنْ حضر بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم.

قوة الحفظ والحرص على العلم:

عرف عنه في صغره بقوة الحفظ وسعة الذاكرة وسرعة البديهة، كما عرف عنه جديته وانصرافه في طفولته عن اللعب وعما ينشغل به أقرانه.

يقول عنه الحافظ البزار -وهو من تلامذته-: “كان من صغره حريصا على الطلب، مجدا في التحصيل والدأب”.

قال عمر بن علي البزار – تلميذ ابن تيمية -: اختصَّ الله ابن تيمية بسرعة الحفظ وإبطاء النسيان، لم يكن يقف على شيءٍ أو يستمع لشيءٍ غالبًا، إلا ويبقى على خاطره؛ إما بلفظه أو معناه”.

ولذا فإن من أبرز صفاته العدل والإنصاف مع المخالفين وذكر محاسن المناوئين وعدم بخسهم حقوقهم حتى قال تلميذه ابن القيم: ” ليت أنا نكون لأصحابنا كما يكون لأعدائه!

الشجاعة:

يصفُه الحافظ سراج الدين عمر بن علي البزَّار: “وكان إذا ركِب الخيل يجول في العدو كأعظم الشجعان، ويقوم كأثبت الفرسان، وينكي العدوَّ من كثرة الفتك بهم، ويخوض بهم خوض رجل لا يخاف الموت”.

لماذا سمي ابن تيمية شيخ الإسلام

شيخ الإسلام هو لقب يعتبر درجة أدبية معنوية يطلق على العالم المتبحر في العلوم الشرعية، وله ريادة بين علماء الإسلام في العلم والأثر وحسن الذكر، وأشهر من حمل لقب شيخ الإسلام هو شيخ الإسلام ابن تيمية.

قال الحافظ ابن حجر: “وشهرة إِمَامه الشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن تَيْمِية أشهر من الشَّمْس، وتلقيبه بشيخ الْإِسْلَام بَاقٍ إِلَى الْآن على الْأَلْسِنَة الزكية وَيسْتَمر غَدا لما كَانَ بالْأَمْس، وَلَا يُنكر ذَلِك إِلَّا من جهل مِقْدَاره، وتجنب الْإِنْصَاف فَمَا أَكثر غلط من تعاطى ذَلِك وَأكْثر غباره… إلى أن قال: وَلَيْسَ فِي تَسْمِيَته بذلك مَا يَقْتَضِي ذَلِك-يعني الإنكار على قائله- فَإِنَّهُ شيخ مَشَايِخ الْإِسْلَام فِي عصره بِلَا ريب”.

شيوخ شيخ الإسلام ابن تيمية:

قال محمد بن عبدالهادي: “شيوخ ابن تيمية الذين سَمِعَ منهم أكثرُ من مائتي شيخ”.

سمِعَ ابن تيمية الحديث من شيوخ عدة مثل:

  • ابن عبدالدائم
  • ابن أبي اليسر
  • الشيخ شمس الدين الحنبلي
  • القاضي شمس الدين بن عطاء الحنفي
  • الشيخ جمال الدين بن الصيرفي
  • مجد الدين بن عساكر
  • الشيخ جمال الدين البغدادي
  • النجيب بن المقداد
  • ابن أبي الخير
  • ابن علان
  • ابن أبي بكر الهروي
  • الكمال عبدالرحيم
  • الفخر علي
  • ابن شيبان
  • الشرف بن القواس، وغيرهم.

تلاميذ ابن تيمية:

كان للإمام ابن تيمية الكثير من التلاميذ من أشهرهم:

  • محمد بن أحمد بن عبدالهادي
  • ابن قيم الجوزية
  • ابن كثير
  • محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي
  • محمد بن مفلح الحنبلي
  • عمر بن علي البزار
  • أحمد بن حسن بن قدامة
  • محمد بن شاكر الكتبي
  • سليمان الصرصري
  • عمر بن مظفر بن الوردي
  • محمد بن سيد الناس
  • يوسف بن عبدالرحمن القضاعي
  • محمد بن المنجا التنوخي
  • القاسم بن محمد البرزالي
  • صلاح الدين الصفدي، وغيرهم.

محن في حياة ابن تيمية:

في عام 699هـ، وصل التتار إلى أعتاب الشام وهزموا الناصر بن قلاوون، وولى جنده الأدبار، وفر كثير من أعيان دمشق إلى مصر، ولم يتبق في المدينة إلا ابن تيمية مع نفر قليل من أصحابه اتفقوا على ضبط الأمور فيها.

في سنة 705هـ طلبه السلطان محمد بن قلاوون إلى مصر، وعقد له السلطان مجلسًا علميًّا بعد صلاة الجمعة، حضره القضاة وأكابر الدولة، ثم حبس بالجب بقلعة الجبل ومعه أخواه شرف الدين عبدالله، وزين الدين عبدالرحمن بسبب حنق الحانقين وحسدهم، ثم خرج بعد ذلك.

وفي سنة 707هـ عقد له مجلسًا ظهر فيه على خصومه في طريقة الاتحادية، ثم أمر بتسفيره إلى الشام، ثم أمر بردِّه وسجنه على إثر مناقشة مع الصوفية، ثم أخرجه منه، ونفي إلى الإسكندرية للتخفيف من حدة الصراع بينه وبينهم.

في سنة 718 هـ وقد توجهه إلى الشام، ولزم دمشق لنشر العلوم، وتصنيف الكتب، وإفتاء الخلق، لكن بعض الناس أثاروا مسألة الحلف بالطلاق، وقد أفتى بأن الحلف بالطلاق لا يقع به طلاق، وأنه يختلف عن تعليق الطلاق الذي قصد به وقوع الطلاق عند وقوع الأمر المعلق عليه، فحبس على أثرها عام 720 ه بالقلعة بدمشق .

في سنة 726هـ أعيد إلى سجن القلعة بدمشق هذا السجن الذي شهد نهاية ابن تيمية بين جدرانه، حيث إن خصومه ما فتئوا يبحثون في أمر يحدّ من نفوذه المعنوي بين الناس وأثره الكبير على العامة، فحرّكوا الأمراء من جديد في فتوى كان قد أفتاها سنة 709هـ ، فأدخل السجن سنة 726هـ ، وكان أخوه يخدمه فيه، وقد كتب في السجن في مسائل كثيرة حتى منع من الكتابة، ولم يتركوا له قلمًا ولا ورقًا، وكتب عقب ذلك بفحم، وأقبل على التلاوة والعبادة والتهجد حتى وفاتِه ليلة 22 من شهر ذي القعدة سنة 728هـ، وارتحل عن الدنيا وقد بلغ من العمر 67 سنة.

صبر ابن تيمية على البلاء:

كتب الإمام ابن تيمية رسالةً إلى تلاميذه يُعبِّر فيها عن رضاه بقضاء الله تعالى، قال فيها:

“أنا طيب وعيناي طيبتان أطيب ما كانتا، ونحن في نِعَمٍ عظيمة، لا تُحْصَى ولا تُعَدُّ، والحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مُباركًا فيه، كل ما يقضيه اللهُ تعالى فيه الخيرُ والرحمةُ والحكمةُ، إن ربي لطيفٌ لما يشاء، إنه هو القويُّ العزيز العليم الحكيم، ولا يَدْخُل على أحد ضررٌ إلا من ذنوبه؛ قال تعالى: ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 79]، فالعبد عليه أن يشكُر اللهَ ويحمده دائمًا على كلِّ حالٍ، ويستغفر من ذنوبه، فالشكر يُوجِب المزيدَ من النِّعَم، والاستغفارُ يدفَعُ النِّقَم ولا يقضي الله للمؤمن قضاءً إلا كان خيرًا له، إن أصابتْهُ سرَّاءُ شكر، وإن أصابتْهُ ضرَّاءُ صبر، فكان خيرًا له”.

مؤلفات ابن تيمية:

تبلغ مؤلفات ابن تيمية ما يقرُب من 500 مجلد في العقيدة، والفقه وأصوله، والتفسير، والحديث.

وتتسم مصنفات ابن تيمية بالوضوح وكثرة الاستشهاد بالقرآن والآثار النبوية وما نقل عن الصحابة والتابعين، كما أن فيها استطراداً واسعاً حين يتكلم في العقائد والفقه.

قال الذهبي: “ولعل تصانيفه في هذا الوقت تكون أربعة آلاف كرَّاس وأكثر، وفسَّر كتاب الله -تعالى- مدة سنين من صدره أيام الجُمَع”.

ومن مؤلفاته:

  • “الصارم المسلول على شاتم الرسول”
  • “منهاج السنة”
  • “الرسالة الحموية الكبرى”
  • “العقيدة الواسطية”
  • “الفتاوى المصرية”
  • “الشرح على العقيدة الأصفهانية”
  • “الرد على المنطقيين”
  • “السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية”.
  • “الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح”
  • “درء تعارض العقل والنقل”
  • “الاستقامة”.
  • “اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم”.
  • “بيان تلبيس الجهمية”.
  • “الصفدية”.
  • “منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية”.
  • “النبوات”.

أما كتاب “مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية” فليس من تصنيفه، وإنما هو من جمع عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي وهو من مشايخ نجد، عني بتراث ابن تيمية، فقصد إلى جمعه وترتيبه وإخراجه، وقد طبع في 37 مجلدا، والكتاب جمع لفتاوى الشيخ ورسائله، وفيه من كتبه التي أخرجت منفردة.

تأثير ابن تيمية في الفكر الإسلامي المعاصر:

تأثرت الكثير من المدارس الفكرية العربية والإسلامية بفكر ابن تيمية ومنهجه السَّلفي.

في الجزيرة العربية:

كان لابن ابن تيمية تأثيراً واضحًا في حركة التوحيد التي بدأها الشيخ محمد بن عبدالوهَّاب.

وقد وصف المستشرق “ورنكان ماكدونالد” هذه الحركةَ بأنها: “النقطة المضيئة في تاريخ العالم الإسلامي خلال فترة الركود والجمود”.

ووصفها المفكر والشاعر الإسلامي محمد إقبال بأنها: “أول نبضة حياة في تاريخ المسلمين الحديث، وأن آثارها قد استلهمتها بشكل مباشر أو غير مباشر جميعُ حركات الإصلاح في العالم العربي وفي الهند وإفريقية وغيرها”.

في مصر:

تأثَّرت مدرسةُ الشيخ محمد عبده وتلميذه الشيخ محمد رشيد رضا بشيخ الإسلام ابن تيمية، وظهر ذلك في الأبحاث التي كانت تنشرها “مجلة المنار” التي صدرت في القاهرة في الفترة 1898 – 1935م، ولاقتِ انتشارًا واسعًا في مصر وخارجها.

في المغرب:

دخلت أفكار ابن تيمية للمغرب عن طريق الحركة السَّلفية بمصر، ووجدت صداها في الشيخ عبدالحميد بن باديس وجمعية العلماء المسلمين في الجزائر.

بعد الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية:

بدا تأثير ابن تيمية واضحًا في مدرستينِ إسلاميتين هما: مدرسة أبي الأعلى المودودي في القارَّة الهندية وسيد قطب في العالم العربي.

وفاة ابن تيمية:

مرض الإمام ابن تيمية أيامًا يسيرة في القلعة بدمشق، وقد مضى على حبسه نحو 5 أشهر.

علم بمرضه الكاتب شمس الدين الوزير وكان في ذلك الوقت موجودًا بدمشق، فاستأذَنَ في الدخول عليه لعيادته، فأذِنَ له، فلما جلس عنده أخذ يعتذر له عن نفسه، ويلتمس منه أن يحلَّه ممَّا عساه أن يكون قد وقع منه في حقِّه من تقصير أو غيره، فأجابه الشيخ رحمه الله: بأني قد أحللتُكَ وجميع من عاداني، وهو لا يعلم أني على الحق.

تُوفِّي الإمام ابن تيمية رحمه الله ليلة الاثنين 20 من ذي القعدة سنة 728هـ/1328م، وذلك بقلعة دمشق التي كان محبوسًا فيها، وقد عاش ابن تيمية 67 سنة تقريباً.

جنازة ابن تيمية:

خرجت جنازة الإمام ابن تيمية من جامع دمشق، وصلَّوا عليه الظهر، وكان يومًا مشهودًا، لم يُعْهَدْ بدمشق مثله.

قال رجل بصوت مرتفع: “هكذا تكون جنائز أئمة السنة”، فبكى الناسُ بُكاءً كثيرًا، واشتدَّ الزحام، وألقى الناس على نعشه مناديلَهم، وصار النعش على الرؤوس يتقدَّم تارةً، ويتأخَّر أخرى، وخرجت جنازتُه من باب الفرج، وازدحم الناسُ على أبواب المدينة جميعًا للخروج، وعظُمَ الأمرُ بسوق الخيل، وتقدَّم في الصلاة عليه هناك أخوه عبدالرحمن، ودُفِن وقت العصر، أو قبلها بيسير إلى جانب أخيه شرف الدين عبدالله بمقابر الصوفية”.

بلغ عدد الذين حضروا جنازة الإمام ابن تيمية رحمه الله أكثرُ من 500 ألف شخص.

قال العارفون بالتاريخ: “لم يُسمَعْ بجنازة بمثل هذا الجَمْع إلا جنازة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله”.


تعليق واحد

  1. رحمة الله عليه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *