حدث في 9 رمضان العديد من الأحداث منها فتح صقلية، ووفاة الفقيه الظاهري محمد بن داود بن علي، واستقلال بلغاريا عن الدولة العثمانية، ومعركة الزلاقة بقيادة المرابط يوسف تاشفين.
قد يهمك متابعة هذا الرابط:
حدث في 9 رمضان
فتح صقلية:
تم فتح صقلية على يد القائد أسد بن الفرات بن سنان في عهد الخليفة المأمون في 9 رمضان 212هـ.
كان أسد بن الفرات – رحمه الله – مع توسعه في العلم فارسًا بطلاً شجاعًا مقدامًا، زحف إليه صاحب صقلية في مائة ألف وخمسين ألفًا، قال رجل: فلقد رأيت أسدًا وبيده اللواء يقرأ سورة “يس”، ثم حمل بالجيش، فهزم العدو، ورأيت الدم وقد سال على قناة اللواء وعلى ذراعه، ومرض وهو محاصر سرقوسية، ولما ولاّه صاحب المغرب الغزو، قال: قد زدتك الإمرة، وهي أشرف، فأنت أمير وقاضٍ[1].
وجد ابن الفرات في نفسه رغبة تسيطر عليه يتقرب بها إلى الله لإعزاز دينه، وهي الرغبة في جهاد أعدائه، فاستأذن أمير الأغالبة، لكن الأخير رفض في بادئ الأمر، ولكن بعد إصرار ابن الفرات وافق الأمير زيادة الله الأغلبي له، وقد ولاه قيادة أسطول صقلية، وهو في سن السبعين من عمره، وكان على رأس جيش قوامه 700 فارس وعشرة آلاف مجاهد، اتجه الأسطول إلى صقلية، ووصلوا إلى مدينة تسمى “مازارا”، ومن ثم اتجه الى “قصريانة” ففتحها، فهرب البيزنطيون منها.
خدع البيزنطيون ابن الفرات، حيث عرضوا عليه الجزية والصلح، ولكن في هذه الأثناء حاصر البيزنطيون المدينة، وهنا دارت معركة شديدة بين الجيش البيزنطي والجيش الإسلامي بقيادة ابن الفرات، الذي أخذ في تحفيز جنوده يقرأ القرآن ويحمس الناس، حتى نال الشهادة ودفن في قصريانة.
تعتبر جزيرة صقلية هي أكبر جزر البحر الأبيض المتوسط، وأكبر أقاليم إيطاليا من حيث المساحة، ولا يفصلها عن شبه الجزيرة الإيطالية إلا مَضيق بحري رفيع، وتقع بين شبه جزيرة كالابريا – قلورية في المصادر العربية الإسلامية – في أقصى جنوب إيطاليا، وشبه جزيرة الرأس الطَّيِّب في تونس، وتقسم الجزيرة البحر المتوسط إلى قسمين: شرقي، وغربي، وهي إحدى حلقات الوصل الكبرى بين القارتين: الإفريقية، والأوروبية، بل بين دول الحَوْضَيْن: الشرقي، والغربي للبحر المتوسط، وقد أعطاها الموقع الجغرافي المذكور أهمية سياسية، واقتصادية، وعلمية كبرى، وهي تتمتع حاليًّا بنوع من الحُكْم الذَّاتِي في إطار تبعيتها السياسية لإيطاليا[2].
وفاة الفقيه الظاهري محمد بن داود بن علي:
في مثل هذا اليوم من شهر رمضان توفي الفقيه محمد بن داود بن علي بن خلف الظاهري، أبو بكر: أديب، مناظر، شاعر، قال الصفدي: الإمام ابن الإمام، من أذكياء العالم.
أصله من أصبهان.
ولد وعاش ببغداد، وتوفي بها مقتولاً.
كان يلقب بعصفور الشوك؛ لنحافته وصفرة لونه.
له كتب، منها: (الزهرة – ط) الأول منه، في الأدب، و (أوراق من ديوانه – ط) و (الوصول إلى معرفة الأصول) و (الانتصار على محمد بن جرير، و عبدالله بن شرشير، وعيسى بن إبراهيم الضرير) و (اختلاف مسائل الصحابة).
قال القاضي أبو الحسن الداودي: لما جلس أبو بكر بن داود للفتوى بعد والده استصغروه، فدسوا عليه من سأله عن حد السكر، ومتى يُعد الإنسان سكران؟ فقال: إذا عزبت عنه الهموم، وباح بسره المكتوم. فاستحسن ذلك منه.
قال أبو محمد بن حزم: كان ابن داود من أجمل الناس، وأكرمهم خلقًا، وأبلغهم لسانًا، وأنظفهم هيئة، مع الدين والورع، وكل خلة محمودة، محببًا إلى الناس، حفظ القرآن وله سبع سنين، وذاكر الرجال بالآداب والشعر وله عشر سنين، وكان يشاهد في مجلسه أربعمائة صاحب محبرة، وله من التآليف: كتاب “الإنذار والإعذار”، وكتاب “التقصي ” في الفقه، وكتاب “الإيجاز”، ولم يتم، وكتاب “الانتصار من محمد بن جرير الطبري”، وكتاب “الوصول إلى معرفة الأصول”، وكتاب “اختلاف مصاحف الصحابة”، وكتاب “الفرائض”، وكتاب “المناسك”، عاش ثلاثًا وأربعين سنة، قال: مات في عاشر رمضان سنة سبع وتسعين ومائتين.
ولد داود بن علي سنة (200هـ) وقيل سنة (202هـ = 818 م) بالكوفة، وتلقى تعليمه ببغداد التي كانت تموج حركة ونشاطًا بحلقات العلم، وتمتلئ مساجدها بدروس الفقهاء والمحدثين واللغويين، فتلقى الحديث على يد سليمان بن حرب، والقعنبي، وعمرو بن مرزوق، ومسدد بن مسرهد، ورحل إلى نيسابور وسمع من محدثيها الكبار، وعلى رأسهم إسحاق بن راهويه، ودرس الفقه على أبي ثور الفقيه الشافعي المعروف وغيره من فقهاء الشافعية.
درس داود المذهب الشافعي، وتخرج على تلاميذه، وكان محبًّا للشافعي، مقدرًا لعلمه وفقهه؛ حتى إنه ليصنف كتابين في فضائله ومناقبه، ثم لم يلبث أن استقل بمذهب خاص به وآراء مستقلة.
شاء الله تعالى أن يكون للمذاهب الأربعة تلاميذ نابهون، قاموا على فقه أئمتهم بالدرس والتأليف، فنشروا مذاهب شيوخهم حتى استقرت في أقطار العالم الإسلامي، وكان قد ظهر إلى جانب تلك المذاهب المعروفة مذاهب أخرى، لم يقدر لها الدوام ومواصلة الحياة، ولو قدر لبعضها من التلاميذ والأنصار، لبقيت واستمرت، لكنها تعثرت في الطريق، ولم تجد المرشد والمعين؛ فتوقفت عن العطاء وخمدت تمامًا، ومن تلك المذاهب، مذهب الأوزاعي عبدالرحمن بن مُحَمد المتوفى سنة (157هـ = 774م)، وكان أهل الشام على مذهبه، ثم انتقل المذهب إلى الأندلس فانتشر هناك فترة، ثم ضعف أمره في الشام أمام مذهب الشافعي، وفي الأندلس أمام مذهب مالك الذي وجد أنصارًا وتلاميذ في الأندلس.
ومن تلك المذاهب: مذهب سفيان الثوري المتوفى سنة (161هـ = 478م)، وهو من الأئمة المجتهدين، لكن مذهبه لم يجد أنصارًا، فلفظ أنفاسه مبكرًا، ولم يستطع الصمود والاستمرار، وكذلك مذهب الليث بن سعد المتوفى سنة (175هـ = 791م)، وكان فقيه عصره وإمامه البارز، لكنه لم يجد من يحمل مذهبه حتى يعم وينتشر، وقد أشار الإمام الشافعي إلى هذه الحقيقة بقوله: الليث بن سعد أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به.
ومن أصحاب المذاهب في هذه الفترة أبو سليمان داود الظاهري المتوفى سنة (270هـ = 884م)، وهو شيخ أهل الظاهر، وواضع أساس هذا المذهب، الذي انتصر له من بعد وأعلى بنيانَه ابنُ حزم الأندلسي المتوفى سنة (456هـ = 1064م).
استقلال بلغاريا عن الدولة العثمانية:
في مثل هذا اليوم من شهر رمضان المبارك تعلن بلغاريا انفصالها عن الدولة العثمانية، وتعلن قيام نظام الحكم الملكي فيها من جانب واحد، وقد وافقت الدولة العثمانية على هذا الاستقلال في أبريل 1909 مقابل حصولها على 5 ملايين ليرة ذهبية، كانت مساحة بلغاريا آنذاك أكثر من 96 ألف كم2، ويزيد عدد سكانها على 4 ملايين نسمة.
معركة الزلاقة: بقيادة المرابط يوسف تاشفين:
هو أبو يعقوب يوسف بن تاشفين بن إبراهيم اللمتوني الصنهاجي، ولد في المغرب (400- 500هـ)، وتوفي وهو في سن المائة من المحرم سنة 500هـ، وهو ثاني ملوك دولة المرابطين بالمغرب بعد أبي بكر بن عمر، واتخذ لقب “أمير المسلمين”، ويعد من أعظم ملوك المسلمين في عصره؛ أنقذ دولة الأندلس من ضياع محقق، عرف عنه الزهد والتقشف والشجاعة، لا يقل فضلاً عن يوسف صلاح الدين الأيوبي، لكنه لم يأخذ حقه في الشهرة مثل صلاح الدين.
بعد أن دخل يوسف تاشفين إلى أرض الأندلس وترحيب الأهالي به، عزم يوسف على المسير إلى الزلاقة، وهنا علم ألفونسو بهذا الأمر فجهز جيوشه وسار مسرعًا نحو يوسف تاشفين، ولما وصل يوسف تاشفين إلى أرض الزلاقة ومعه ثلاثون ألف رجل، درات بينه وبين ألفونسو معركة كبيرة عرفت باسم: معركة الزلاقة.
كانت موقعة الزلاّقة من أكبر المعارك التي انتصر فيها المسلمون انتصارًا كبيرًا على الإسبان، وهُزم ملكهم ألفونسو السادس هزيمة منكرة، وعلى أثر هذه الموقعة خَلَعَ ابنُ تاشفين جميعَ ملوك الطوائف المتناحرين من مناصبهم، ووحَّد الأندلس مع المغرب في ولاية واحدة لتصبح أكبر ولاية إسلامية في دولة الخلافة.
[1] الذهبي: سير أعلام النبلاء 10/228. [2] المصدر: شبكة الألوكة.