كان أبو بكر يغضب لله، كما أنه ككل البشر تقع ذلات من لسانه لكنه كان الأسرع ندماً وتوبة، وسنتناول فيما يلي جزء من قصة أبو بكر الصديق وهو غضب أبي بكر.
قد يهمك:
أبو بكر الصديق (7)
غضب أبي بكر
افتراء الحبر اليهودي:
قال أبو بكر لأحد أحبار اليهود بالمدينة يقال له فنحاص: ويحك! اتق الله وأسلم فوالله إنك تعلم أن محمداً لرسول الله، قد جاءكم بالحق من عنده، تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة والإنجيل.
فقال فنخاص: والله يا أبا بكر ما بنا إلي الله من فقر وإنه إلينا لفقير، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا، وإنا عنه لأغنياء وما هو بغني، ولو كان عنا غنياً ما استقرضنا أموالنا كما يزعم صاحبكم، ينهاكم عن الربا ويعطيناه، ولو كان عنا غنياً ما أعطانا الربا.
فغضب أبو بكر فضرب وجه فنخاص ضرباً شديداً وقال: والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت رأسك أي عدو الله.
فذهب فنخاص إلي رسول الله فقال: يا محمد انظر ما صنع بي صاحبك.
فقال رسول الله لأبي بكر: ما حملك على ما صنعت؟
فقال أبو بكر: يا رسول الله إن عدو الله قال قولاً عظيماً، إنه يزعم أن الله فقير وأنهم أغنياء، فلما قال ذلك غضبت لله مما قال وضربت وجهه.
فجحد (فأنكر) ذلك فنخاص وقال: ما قلت ذلك.
فأنزل الله تعالي قوله: “لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ۘ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ” آل عمران (181).
ونزل في أبي بكر قوله: “لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا ۚ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ” آل عمران (186).
غفر الله لك يا أبا بكر:
كان لأبي بكر وربيعة الأسلمي خادم النبي صلى الله عليه وسلم أرضان متجاورتان، فاختلفا في نخلة تقع على حدودهما، وكان بينهما كلام، وقال أبو بكر كلمة كرهها ثم ندم، فطلب من ربيعة أن يرد الكلمة عليه قصاصاً فرفض ربيعة، فانطلق أبو بكر إلي النبي صلي الله عليه وسلم يشكوه.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: يا ربيعة مالك والصديق؟
فقال ربيعة: يا رسول الله قال لي كلمة كرهها فقال: قل لي كما قلت لك حتى تكون قصاصاً فأبيت.
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أجل فلا ترد عليه، ولكن قل: غفر الله لك يا أبا بكر، فقالها ربيعة وولي أبو بكر وهو يبكي.
لا أقعد مع الشيطان:
ورد حديث مرسل ما مختصر أن رجلاً شتم أبا بكر، ورسول الله صلي الله عليه وسلم جالس، فلما أكثر الرجل، رد عليه أبو بكر بعض قوله، فغضب النبي صلي الله عليه وسلم وقام.
ولحق أبو بكر بالنبي ثلى الله عليه وسلم مستفسراً فقال صلي الله عليه وسلم: إنه كان معك ملك يرد عنك، فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان، فلم أكن لأقعد مع الشيطان.
ألا تحبون؟
ورد حديث في البخاري ما مختصره أن أبا بكر غضب من مسطح بن أثاثه بسبب مشاركته بالقول في حادثة الإفك بعائشة، فقرر أبو بكر منع النفقة عنه بعدما كان يعوله، فأنزل الله تعالي قوله: “وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ” النور (22).
قال أبو بكر: والله إني أحب أن يغفر الله لي، ورجع إلى النفقة.
وقد أشرنا سابقاً إلى غضب أبي بكر من عمر حين رفض عمر أن يغفر له، كما سنشير لاحقاً إلى مواقف من غضب أبي بكر في الخلافة.
ذات صلة: