الخميس , أبريل 25 2024

سورة القيامة | تفسير وشرح ودروس

فيما يلي تفسير وشرح ودروس سورة القيامة ضمن سلسلة تدبر القرآن الكريم التي كتبها أحمد السيد، والتي تتضمن دروساً وفوائد من الآيات مع واجبات ووصايا نهاية السورة.

قد يهمك:

سورة القيامة تفسير وشرح ودروس

معاني كلمات سورة القيامة:

نسوي بنانهالمقصود تشكيل بصمات أصابعه.
برق البصرالمقصود شخوص البصر لحظة معاينة الموت.
لا وزرلا ملجا ولا حصن.
العاجلةالمقصود الدنيا.
ناضرة مشرقة ناعمة.
باسرة عابسة كالحة كئيبة.
يفعل بها فاقرةأي ما يؤدي لقصم العمود الفقري.
بلغت التراقي الترقوة ما بين العاتق وثغرة النحر، والمقصود بلوغ النزع هذا الموضع.
راق الذي يقوم بالرقية والعلاج.
يتمطى يتمختر.
أولى لك فأولى هلاك لك فهلاك، وأصله أولاك الله ما تكرهه.

شرح سورة القيامة:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ (4) بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (5) يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ (6) فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَخَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (9) يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلَّا لَا وَزَرَ (11) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ (13) بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (15) لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19) كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (21) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25) كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30) فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (34) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (35) أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى (36) أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى (37) ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (39) أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (40)

أقسم بيوم القيامة، فهو يوم عظيم مشهود، وأقسم بالنفس اللوامة، فهي نفس عظيمة تستشعر أهمية الحساب، والجزاء، وخشية العقاب.

أيحسب الإنسان أنه لا بعث بعد الموت؟

وأننا لن نجمع عظامه؟

بلى قادرين على أن نجمع عظامه، ونعيد لحمه وعصبه، بل وإعادة تشكيل أصابعه ببصماتها كما كانت.

بل يريد الإنسان أن يفجر أمامه، ويتجاوز حده إلى أخر العمر، يسأل ساخراً مستنكراً:

متى يوم القيامة هذا؟

حتى يأتيه فجأة، فيأتيه الموت بغتة، ويبرق البصر، وتشخص العين من هول الفزع، وتأتي القيامة، وقد خسف القمر وذهب نوره، وجمع الشمس والقمر، ويدب الرعب والهلع في الإنسان ويصرخ يقول:

يقول أين المفر؟

كلا .. لا ملجأ ولا حصن يحمي من أهوال القيامة، فلا مستقر إلا إلى ربك، ويجازي كل بما يستحق.

في هذا اليوم ينبأ الإنسان بما قدم وأخر، من خير ومن شر، من طاعة ومن عصيان، ولا يظن أنه سيتمكن من المحاجة، وتقديم المبررات والمعاذير لدفع العذاب.

بل الإنسان على نفسه بصيرة، يمتلك القدرة على التميز بين الحق والباطل ولديه إرادة حرة لاتخاذ القرار الذي يرتضيه لنفسه، فلن تنفعه حجج باطلة في هذا اليوم ولو ألقى معاذيره.

هل يظن أن بمقدوره الزعم بأنه لم يكن مدركاً للحق؟

أو أن الرسول لم يبن بما فيه الكفاية؟

أو أن يشكك في مصداقية ودقة ما ينقله الرسول؟

هل يظن أن هذه أعذار مقبولة؟

لقد أثبتنا بشكل عملي أن الرسول لا ينطق عن الهوى، ولا يخطئ فيما ينقله لكم أو يبينه، وذلك حين قلنا لمحمد: لا تحرك بالقرآن لسانك أثناء نزول الوحي لأجل أن تتعجل بحفظه مخافة التفلت منك، إن علينا جمعه في صدرك، وإقرائك إياه، فلا تحمل هم الحفظ أو التفلت، إننا سنجريه على لسانك فإذا قرأنه عليك جبريل، فاتبع قرآنه، استمع وأنصت ثم اقرأه بعدها.

ثم إن علينا بيان هذا القرآن، فقد تكفلنا بتوضيح وتفسير القرآن.

كلا .. لن تنفعكم هذه المعاذير، بل إن مشكلتكم الحقيقية أنكم تحبون الدنيا ونعيمها العاجل، وتذرون الآخرة رغم دوامها وخلودها.

في هذه الآخرة وجوه مشرقة ناعمة مفعمة بالنضارة والبشر، ووجوه كالحة كئيبة بائسة وهي توقن أنه سينزل بها عذاب يقصم ظهرها ويكسر فقرات عظامها.

كلا .. البعث ليس وهماً، فحين تأتي لحظة الاحتضار، ويبلغ النزع التراقي أعلى الصدر، ويقال: هل من طبيب أو راقي يعالج؟

وتشتد سكرات الموت، ويتيقن الإنسان أنه فراق الدنيا، وتلتف الساق بالساق في كفن، ثم يحمل ويسوقونه إلى القبر .. إلى الآخرة .. إلى ربك يومئذ المساق.

فلا صدق النذير ولا صلى، ولكن كذب وتولى معرضاً عن التذكرة، مستهزأ بيوم الدين.

ثم ذهب إلى أهله يتبختر مختالاً، يظن أنه ملك الدنيا ومتاعها ولا شيء بعدها، أولى لك فأولى، هلاكاً لك فهلاكاً.

أيحسب الإنسان أن يترك هكذا هملاً، فلا يؤمر ولا ينهى، ولا يجمع بعد موته ليحاسب؟

هل هذا منطق؟!

هل يظن أن بعثه بعد موته أمراً عسيراً؟

ألم يكن أول أمره نطفة تكونت من مني يمنى، ثم كان علقةً (قطعة دم جامدة)، ومنها خلقه الله وسوى صورته وأعضاءه وحواسه، ثم جعل منه الزوجين الذكر والأنثى؟

أليس ذلك إثبات بأن الله قادر على أن يحيي الموتى؟

بلى إنه لقادر، فمراحل وأطوار الجنين وبدء خلقه أعجب من أطوار الإنسان بعد ميلاده، وإن إعادة بعث الإنسان بعد موته أيسر من خلق الإنسان أول مرة.

دروس وفوائد

(1) النفس اللوامة

النفس اللوامة: هي نفس المؤمن التي تلوم صاحبها على ما تركت من الطاعات، وعلى ما فعلت من الموبقات.

وقيل إنها نفس الكافر التي تلوم صاحبها يوم القيامة.

ونرى أن القول الأول هو المقصود، لأن الله أقسم بها والله لا يقسم إلا بعظيم.

وأنواع النفس في القرآن ثلاثة:

1- النفس الأمارة بالسوء:

وهي التي تأمر صاحبها بالمعصية، وترتكن إلى الراحة، والدعة، والغفلة، والنسيان.

2- النفس اللوامة:

وهي التي تلوم صاحبها، وتكثر من العتاب، وهي صيغة مبالغة من الفعل لام.

3- النفس المطمئنة:

وهي التي خضعت لخالقها واستسلمت له، وتحقق فيها الرضا والإخلاص والورع، وانشغلت عن الدنيا بالأخرة.

وقيل أن النفس الواحدة قد تكون أمارة بالسوء تارة، ولوامة تارة، ومطمئنة تارة أخرى، وقد يغلب على النفس الواحدة أحد هذه الأنواع.

وقد أقسم الله بالنفس اللوامة في سياق الحديث عن يوم القيامة “لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ*وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ”.

وكأنها إشارة أنها النفس الفائزة في هذا اليوم.

  • قال الحسن البصري: “إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه يقول: ما أردت بكلمتي، يقول: ما أردت بأكلتي، ما أردت بحديث نفسي، فلا تراه إلا يعاتبها، وإن الفاجر يمضي قدما فلا يعاتب نفسه”.
  • عَنْ أبي يَعْلَى شَدَّادِ بْن أَوْسٍ رضي الله عنه عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “الكَيِّس مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِما بَعْدَ الْموْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَه هَواهَا، وتمَنَّى عَلَى اللَّهِ”.

رواه التِّرْمِذيُّ وقالَ: حديثٌ حَسَنٌ، وقال الترمذي وغيره من العلماء: معني (دان نفسه): أي حاسبها.

  • عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ”.

والمعنى أن النفس ما دامت لوامة، وتستغفر من ذنبها فا يخشى عليها ما دامت مستمرة على التوبة والاستغفار.

  • وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يلوم نفسه ويمسك بلسانه يقول: إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ.
  • وكان عَبْدَ الرَّحْمَنِ بنَ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه يلوم نفسه على ما عنده من نعيم الدنيا ، فقد أُتِيَ بطَعَامٍ وكانَ صَائِمًا، فَقالَ: قُتِلَ مُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ وهو خَيْرٌ مِنِّي، كُفِّنَ في بُرْدَةٍ، إنْ غُطِّيَ رَأْسُهُ، بَدَتْ رِجْلَاهُ، وإنْ غُطِّيَ رِجْلَاهُ بَدَا رَأْسُهُ – وأُرَاهُ قالَ: وقُتِلَ حَمْزَةُ وهو خَيْرٌ مِنِّي – ثُمَّ بُسِطَ لَنَا مِنَ الدُّنْيَا ما بُسِطَ – أَوْ قالَ: أُعْطِينَا مِنَ الدُّنْيَا ما أُعْطِينَا – وقدْ خَشِينَا أَنْ تَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا، ثُمَّ جَعَلَ يَبْكِي حتَّى تَرَكَ الطَّعَامَ.

رواه البخاري

مظاهر النفس اللوامة:

1- أن تحاسب صاحبها أولاً بأول.

2- التزكية:

أي تنميتها بالطاعة.

(انظر درس تزكية النفس في سورة الشمس)

3- التوبة والاستغفار:

فهي نفس توابه كثيرة الاستغفار.

(2) فضل التوبة والاستغفار

  • “وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.

النور31

  • “وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ”.

هود 3

  • “وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا”.

النساء 110

  • “وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ”.

المزمل 20

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قالَ: “قال النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إنِّي لأستغفرُ اللَّهَ في اليومِ سبعينَ مرَّةً”.

رواه الترمذي

  • عن أبي مُوسى عَبْدِاللَّهِ بنِ قَيْسٍ الأَشْعَرِيِّ، رضِي الله عنه، عن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن الله تَعَالَى يبْسُطُ يدهُ بِاللَّيْلِ ليتُوب مُسيءُ النَّهَارِ، وَيبْسُطُ يَدهُ بالنَّهَارِ ليَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مغْرِبِها”.

رواه مسلم.

  • عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قَال: “قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ”.

رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد وغيرهم

  • عَنْ عَائِشَةَ رَضي اللَّه عنْهَا قَالَتْ: “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ قَبْل موْتِهِ: “سُبْحانَ اللَّهِ وبحمْدِهِ، أَسْتَغْفِرُ اللَّه وأَتُوبُ إِلَيْهِ”.

متفقٌ عَلَيهِ

  • عن أنس بن مالك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قالَ اللَّهُ تعالى: يا ابنَ آدمَ إنَّكَ ما دعَوتَني ورجَوتَني غفَرتُ لَكَ على ما كانَ فيكَ ولا أُبالي، يا ابنَ آدمَ لو بلغَت ذنوبُكَ عَنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتَني غفرتُ لَكَ ولا أبالي، يا ابنَ آدمَ إنَّكَ لو أتيتَني بقِرابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتَني لا تشرِكُ بي شيئًا لأتيتُكَ بقرابِها مغفرةً”.

رواه الترمذي وقال حديث حسن

  • يقول ابن عباس: “التَّائبُ من الذَّنبِ كمن لا ذنبَ له”.

رواه البيهقي

  • ويقول بن عباس أيضاً: “والمُستَغفِرُ منَ الذَّنْبِ وهو مُقيمٌ عليه كالمستهزِئِ بربِّه”.

رواه البيهقي

(3) أسباب النزول

لا تحرك به لسانك:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه ولسانه بالقرآن إذا أنزل عليه قد فراغ جبريل من قراءة الوحي، حرصاً على أن يحفظه صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية “لا تحرك به لسانك …”.

أي لا تحرك بالقرآن لسانك عند إلقاء الوحي لتأخذه على عجل مخافة أن يتفلت منك، إنا علينا جمعه في صدرك حتى لا يذهب عليك منه شيء، وقرآنه أي إثبات قراءته في لسانك على الوجه القويم.

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ينصت، فإذا فرغ قرأ.

وقد يظن المرء لأول وهلة أن هذه الآيات لا علاقة لها بما قبلها وما بعدها، فقد كانت الآيات تتحدث عن يوم القيامة وإثبات حقيقة البعث وعقاب المكذبين وأنه لم تقبل منهم أعذار، ثم جاءت هذه الآيات كما لو أنها عبارة اعتراضية في منتصف السورة، ثم تلاها استكمال حديث القيامة.

إن هذه الآيات تثبت أن الوحي من عند الله وأنه تكفل بجمعه في صدر النبي صلى الله عليه وسلم وإقراؤه كما أنزل، كما تكفل الله ببيان آياته وتفسيرها، ولعل ذلك جاء للرد على المكذبين أنه لا عذر لكم، فالنذير قد وصلكم كاملاً ودقيقاً وواضحاً وبيناً والله أعلم.

أولى لك فأولى:

خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام، فاستقبله أبو جهل على باب المسجد، فأخذ رسول الله بيده فهزه مرة ومرتين، ثم قال: أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى”، فقال أبو جهل: أتهددني؟ فوالله إني لأعز أهل الوادي وأكرمه، فنزل “أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى”، ومعناها فهلاك وأصلها أولاك الله ما تكره.

فالموقف يشير إلى محاولة النبي صلى الله عليه وسلم الحثيثة لإنذار قريش وكبار مكذبيها بخطورة يوم القيامة.

(4) فوائد أخرى من سورة القيامة

  • “لا أقسم …”

لا زائدة، والتقدير أقسم بيوم القيامة، والله يقسم بما يشاء من خلقه، لكن العبد لا يقسم إلا بالله.

  • “الإنسان”

ذكرت 6 مرات في السورة، واستخدامها جاء للإشارة للمكذبين أو الكافرين، ولعل الحكمة هي استمالة المستمع للحوار المنطقي وتشجيعه على الاستجابة، وهي إحدى أساليب الخطاب المميزة.

  • “نسوي بنانه”

اختلف المفسرون قديماً في المقصود به، لكن مع اكتشاف إعجاز خلق الله في تميز كل إنسان ببصمات خاصة في أصابعه، اتضح أن المعنى القرآني المقصود إعادة بعث الإنسان بكل تفاصيله بما في ذلك إعادة بصمات أصابعه كما كانت.

  • “برق البصر وخسف القمر”

عكس بعضهما من ناحية التصوير الفني، ففي لحظة الموت تشخص العين وتلمع دائرته، ثم دائرة القمر تنطفئ.

  • “إن علينا جمعه وقرآنه”

تشير إلى حفظ الله للقرآن الكريم في صدور وألسنة الناس إلى أخر الزمان.

  • “ثم إن علينا بيانه”

تشير إلى أن الله تكفل بيبان ما أشكل على الناس من معاني حتى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.

  • اهتمت السورة بإثبات حقيقة قيام القيامة، وأن أول منازلها يكون عند سكرات الموت.
  • أهوال القيامة الواردة بالسورة:

خسف القمر- جمع الشمس والقمر – الإنسان لا يجد مفراً ولا ملجأ – الإنسان ينبئ بما قدم وأخر – وجوه ناضرة إلى ربها ناظرة – وجوه باسرة متيقنة أنه سيفعل بها فاقرة.

  • السورة تدعو للتدبر في مراحل خلق الإنسان وبعثه (مني – نطفه – علقة – عظام وأعضاء وحواس – ذكر وأنثى – ثم الموت – ثم البعث وإعادة خلقه وتسوية بنانه).

واجبات

1- محاسبة النفس وتزكيتها.

2- التوبة والاستغفار يومياً.

3- التدبر في أسرار خلق الإنسان.

4- التصديق باليوم الأخر وإقامة الصلاة.

5- استشعار الخوف من يوم القيامة والاستعداد الدنيا وعدم الانخداع بالدنيا.

توصيات:

1- اكتب ورقة توضح فيها الغاية التي خلقنا الله لأجلها، ودلل بالقرآن والسنة وبالإقناع العقلي والمنطقي.

2- مشاهدة أفلام علمية ووثائقية عن خلق الإنسان وتطور مراحله في بطن أمه.

الأسئلة

1- ما معنى:

نسوي بنانه – برق البصر – لا وزر – العاجلة – ناضرة – باسرة – يفعل بها فاقرة – بلغت التراقي – راق – يتمطى – أولى لك فأولى.

2- ما المقصود بالنفس اللوامة؟ وما أبرز مظاهرها؟

3- تحدثت سورة القيامة عن لحظات الموت وسكراته في موضعين – اذكرهما؟

4- من القائل:

*”إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه يقول: ما أردت بكلمتي، يقول: ما أردت بأكلتي، ما أردت بحديث نفسي، فلا تراه إلا يعاتبها، وإن الفاجر يمضي قدما فلا يعاتب نفسه”.

(الحسن البصري _ شداد بن أوس – أبو بكر الصديق)

*أمسك بلسانه قائلا: “إِنَّ هَذَا أَوْرَدَنِي الْمَوَارِدَ.

(أبو بكر الصديق – عمر بن الخطاب – أبو ذر الغفاري)

*”المُستَغفِرُ منَ الذَّنْبِ وهو مُقيمٌ عليه كالمستهزِئِ بربِّه”.

(عبد الله بن مسعود – عبد الله بن عمر – عبد الله بن عباس)

5- لا تحرك به لسانك لتعجل به ما علاقة هذه الآيات بما قبلها؟

6- قال له النبي صلى الله عليه وسلم أولى لك فأولى – فمن هو؟

(أبو جهل – أمية بن خلف – أبو سفيان بن حرب)

7- اذكر أهوال القيامة التي وردت في سورة القيامة؟

تدبر جزء عمّ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *