الجمعة , أبريل 26 2024

سورة الملك من 22 : 30 | تفسير وشرح ودروس

فيما يلي تفسير وشرح ودروس سورة الملك من 22 : 30 ضمن سلسلة تدبر القرآن الكريم التي كتبها أحمد السيد، والتي تتضمن دروساً وفوائد من الآيات مع واجبات ووصايا نهاية السورة.

قد يهمك:

سورة الملك من 22 : 30 | تفسير وشرح ودروس

معاني الكلمات سورة الملك:

مكباً منكساً
أنشأكم خلقكم
ذرأكم نشركم أو فرقكم
زلفة على مقربة منهم
سيئت اسودت وعلاها الذل والكأبة
تدعون تستعجلون
أهلكني أماتني
يجير يمنع
غوراً ذاهباً في أعماق الأرض
ماء معين ماء يجري على وجه الرض ظاهر للعين

شرح سورة الملك:

أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (22) قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ (23) قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (25) قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (26) فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ (27) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (28) قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (29) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ (30)

أفمن يمشي منكساً على وجه منحني الظهر ووجهه إلى الأرض لا يرى الطريق ويتعثر في المسير ويصطدم بالمعوقات ولا يهتدي سبيلاً، أهدى أمن يمشي سوياً رافع الرأس يرى الحقائق ويعرف الطريق وطبيعته ونهايته ويسلك أقصر الطرق وهو الطريق المستقيم ويحذر الطرق الملتوية والمنحدرات الهاوية.

قل هو الذي خلقكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة، ألا يستحق ذلك ولو القليل من الشكر؟

فقد منحكم حواساً لتعقلوا بها وتدركوا الحقائق وتتمكنوا من التميز بين الحق والباطل.

قل هو الذي نشركم وفرقكم في الأرض وإليه تحشرون فيجمعكم من بعد تفرقكم للحساب والجزاء.

ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين؟

قل إنما العلم عند الله وأن مهمتي هي الإنذار والتوضيح.

فلما رأوا هذا الوعد على مقربة منهم اسودت وجوههم وعلاها الذل والكأبة وقيل لهم توبيخاً: هذا الذي كنتم به تستعجلون.

إنهم بدل بأن ينشغلوا بهذا اليوم الآخر يتهمونك ومن معك بالضلال ويتمنون هلاككم.

قل أرأيتم إن أماتني الله ومن معي أو رحمنا فمن يمنع الكافرين من عذاب أليم؟

هل هذا يغير من الحقائق شيئاً؟

قل هو الرحمن قد صدقنا به وآمنا، عليه توكلنا، وإذا كنتم تعتبرون هذا ضلالاً، فستعلمون غداً من هو في ضلال مبين.

قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً، فتنضب العيون وتجف الأنهار، فمن يأتيكم بماء جار تراه العيون ويملئ الأنهار والعيون؟

إنه الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير.

دروس وفوائد:

أسماء الله الحسنى:

إن أصل الدين معرفة الله، والمعرفة تتم بالمعرفة على أسمائه وصفاته، وبالتدبر في مخلوقاته، ومن ثم الدعاء بأسمائه الحسنى.

“وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ”.

الأعراف 180

وأسماء الله غير محصورة في عدد معين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ…”.

رواه أحمد وابن حبان والحاكم

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: ” إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا، مَنْ أَحْصَاهَا (أي عرفها) دَخَلَ الجَنَّةَ”.

رواه البخاري ومسلم وغيرهما

فلا يدل على حصر الأسماء بهذا العدد.

واختلف السلف في تعين أسماء الله فقد أورد القرآن الكريم 78 اسماً، وأوردت السنة 22 اسماً، هذا بخلاف صفات الله وأفعاله التي وردت بصيغ الفعل.

وقد وردت في سورة الملك 8 من أسمائه وصفاته وهي:

1- القدير:

صيغة مبالغة، وهو اسم مشتق من:

1- القدرة: وهي أعلى درجات القوة، ومنها القادر والقدير والمقتدر.

2- التقدير: أي ذو علم وقضاء، ومنها العلم والكتابة والمشيئة.

2- العزيز:

معنى العزيز:

1- الذي لا نظير له وتشتد الحاجة إليه، مثل” عز الطعام” أي أصبح نادراً.

2- الغالب أو المنيع الذي لا يُغلب ولا يُنال.

3- القوي الشديد، مثل “فعززنا بثالث” أي تقوينا.

4- المعز: يعز من يشاء ويذل من يشاء.

5- الشريف: مثل “وجعلوا أعزة أهلها أذلة” أي شرفاءها.

3- الغفور:

أي كثير المغفرة الذي لم يزل يغفر الذنوب مهما عظمت.

والمغفرة أي الستر والتغطية، يغطي الذنوب عن عيون الخلق ولا يفضحها.

4- العليم:

وعلم الله يشمل السمات التالية:

1- العلم الشامل.

2- العلم بالمستقبل.

3- يُعلم العمل، ولا أحد يعلم إلا بتعليم الله.

4- لا يحيطون به علماً.

5- قلة علم البشر بالنسبة لعلم الله.

6- علم لا يعتريه نقص من نسيان أو جهل.

7- له مفاتيح الغيب لا يعلمها إلا هو .

8- يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.

5- اللطيف:

معنى اللطيف:

1- العالم بدقائق الأمور.

2- الذي تشعر بوجوده دون أن تراه أو تسمعه.

3- الذي يوصل إحسانه برفق.

4- الذي يوصل إحسانه في خفاء.

5- الذي ييسر الأسباب ولو بعدت.

6- الخبير:

الذي يَخَبَرُ الشئ، والخبرة أبلغ من العلم.

فالخبير هو الذي علم الشئ وخصائصه وأحاط بتفاصيله.

والفرق بين العلم والخبرة أن العلم نظري والخبرة عملية.

7- البصير:

الذي أحاط بصره بجميع المبصرات في أقطار الأرض والسماوات، فهو ينظر إلى كل الخلائق بدون استثناء، والبصير صيغة مبالغة.

إذا تكلم الإنسان فالله سميع، وإذا تحرك فالله بصير، وإذا أضمر شيئاً فالله عليم.

8- الرحمن:

اسم مشتق من الرحمة على وجه المبالغة.

والرحمة في اللغة هي الرقة والتعطف والشفقة.

والرحمن أشد مبالغة من الرحيم، وهو اسم يختص بالله وحده لا يجوز اطلاقه في حق غيره.

2- توجيهات دعوية:

اختتمت السورة بستة توجيهات بدأت بلفظ “قل” وهي:

1- “قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ…”.

2- “قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ”.

3- “قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ”.

4- “قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ…”.

5- “قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا…”.

6- “قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا…”.

وهي تعليمات قرآنية للدعاة إلى الله تشير إلى عدد من التوجيهات الدعوية:

  • وجوب الدعوة إلى الله والتحدث بهذا الدين “قل”.
  • هدف الدعوة ترسيخ الإيمان بالله واليوم الآخر، وعبادة الله وشكره.
  • مهمة الداعي هي الإنذار والتوضيح والتبيان، وألا يستدرج إلى الموضوعات الفرعية التي لا ينبني عليها عمل، مثل موعد يوم القيامة والأمور الغيبية المستقبلية.

“قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ”.

  • على الداعي يرد على التهم الموجه إليه لكن بالقدر الذي لا يكون على حساب القضية الرئيسية.

“قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ”.

  • على الداعي ألا يواجه الاتهامات باتهامات مضادة بل بالرد الموضوعي الملائم.

“فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ”.

  • على الداعي اكتساب وتعلم مهارات وأساليب الإقناع والرد الفطن على الحجج والادعاءات.

3- أساليب الإقناع

سورة الملك من النماذج الثرية بأساليب الإقناع العقلي والمنطقي والترهيب من القيامة وعذابها، ودفع المرء لبذل أحسن العمل.

احتوت السورة على أساليب ومهارات وفنون متنوعة في التأثير والإقناع، ومن ذلك:

1- عرض الفكرة الكلية أولاً (الآية 1 + 2)، ثم بيان التفاصيل والبدائل لإثبات صحة الفكرة (بقية السورة).

2- عرض الجماد والظواهر الطبيعة في هيئة كائن حي يشبه إلى حد ما فن الكاريكاتير:

  • السماء لها زينة.
  • النجوم تقذف الشياطين.
  • جهنم لها شهيق وتتميز من الغيظ.
  • الأرض ذلول مثل الدابة تأمرها فطيع.

وقد أثبتت الدراسات الإعلامية أن رسوم الكاريكاتير من أكثر القوالب الصحفية تأثيراً في الرأي العام.

3- استخدام أسلوب التحدي بطلب استعمال النظر من التأكد من الحقيقة لإثبات صحة:

  • فارجع البصر …
  • ثم ارجع البصر كرتين…
  • أو لم يروا إلى الطير…

4 – ضرب المثل والتشبيه لعقد المقارنة.

“أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا…”.

5- أسلوب الترهيب والترغيب:

“وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ”.

“إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ”.

6- استخدام أسلوب الاستفهام الذي يستثير العقل:

أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ؟

أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُنْدٌ لَكُمْ يَنْصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ؟

أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ؟

أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ؟

فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ؟

7- استخدام أسلوب “ماذا لو؟”

أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ؟

أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا؟

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ…؟

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا…؟

8- تضمين حجج وأقوال المعترضين ضمن السياق القصصي على لسان الخاطئين.

“لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا …”.

“فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ…”.

“وَقِيلَ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ”.

9- الإشارة إلى الحوادث التاريخية الشهيرة مع حسن الاستنباط المناسب للسياق.

“وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ”؟

10- الالتزام بالرد الموضوعي على الحجج الشبهات والادعاءات وتفنيدها وإثبات خطأها دون الاشتباك وتبادل الاتهامات الشخصية.

واجبات:

1- المشي مشياً سوياً على صراط مستقيم لإعمال العقل وإدراك طبيعة الطريق ومعالمه ونهايته.

2 – اكتساب مهارات الدعوة إلى الله وأساليب التأثير والاقناع.

توصيات:

1- قراءة كتاب في الدعوة إلى الله.

2- تنظم أكاديميات العلوم الانسانية دورات تدريبية في فن الاقناع والتأثير وهي دورات مفيدة ينصح بالاستفادة منها.

الأسئلة:

1- ما معنى:

تبارك – خاسئاً – حسير – تفور – تميز – بالغيب – بذات الصدور – ذلولاً – مناكبها – مكباً – ذرأكم – تدعون – يجير – غوراً.

2 – ما معنى الأسماء:

القدير – العزيز – الغفور – عليم – اللطيف – الخبير – البصير – الرحمن.

3- من هو الأحسن عملاً؟ اذكر ثلاثة صفات.

4- اذكر ثلاثة ضوابط من ضوابط العمل الأحسن.

5- اذكر ثلاثة أساليب من أساليب الاقناع التي وردت في سورة الملك.

6- أكمل:

عن ابن عباس رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:” عينان لا تمسهما النار عين بكت من ……وعين باتت تحرس في سبيل الله”.رواه الترمذي

(خشية الله – تلاوة القرآن – ذكر الموت)

7- من القائل:

1- كفى بالمرء علماً أن يخشى الله وكفى بالمرء جهلاً أن يعجب بعمله.

(مسروق – المناوي – ابن القيم)

2- لإن أدمع من خشية الله أحب إلى من أن أتصدق بألف دينار.

(عبد الله ابن عمر – عبد الله ابن عباس – عبد الله بن مسعود)

3- أما إني لا أبكي على دنياكم هذه، ولكن أبكي على بُعد سفري، وقلة زادي، وإني أمسيت في صعود على جنة أو نار، لا أدري إلى أيتهما يؤخذ بي.

(أبو هريرة – الحسن – مسروق)

4- ويحك! الموت في عنقي، والقبر بيتي، وفي القيامة موقفي، وعلى جسر جهنم طريقي، لا أدري ما يُصنع بي.

(عطاء السلمي – يزيد ابن ميسرة – الحسن)

تدبر جزء عمّ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *