الجمعة , أبريل 19 2024

قصة الإمام أبي حنيفة النعمان

نقدم لكم فيما يلي قصة الإمام أبي حنيفة النعمان، من هو الإمام أبو حنيفة؟ وماهي صفاته؟، ولماذا سمي أبو حنيفة بهذا الاسم؟

وكذلك مولد أبو حنيفة ونسبه ونشأته وبيئته، والعلوم التي درسها أبو حنيفة، ومواقف وقصص من تجارته، وشيخه حماد بن أبي سليمان ومجلسه، والمحن التي تعرض لها أبو حنيفة، ووفاته.

قد يهمك:

كتاب قصص ومواقف | أحمد السيد
كتاب أبو بكر الصديق

قصة الإمام أبو حنيفة النعمان

من هو الإمام أبو حنيفة وماهي صفاته:

هو الإمام الأعظم أول الأئمة الأربعة: النعمان بن ثابت بن مرزبان الكوفي الملقب ب أبي حنيفة ( اختلف في سبب كنيته فقيل الحنيف هو المسلم الناسك المائل إلى الدين الحق، أو أن حنيفة وهي المحبرة بلهجة العراق، ولقب بها لأنه كان ملازماً للمحبرة، وقيل أن له بنت اسمها حنيفة).

هو فقيه وعالم مسلم، وأول الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الحنفي (مذهب أهل الرأي) في الفقه الإسلامي، يلقب في التراث العربي الإسلامي بالإمام الأعظم، وقد لقي عدداً من الصحابة منهم الصاحبي الجليل أنس بن مالك ولذلك يعد من التابعين.

اشتهر بقوة الشخصية وبالعلم الغزير والأخلاق الحسنة والورع وكثرة العبادة والهدوء الوقار والاخلاص والتواضع، وكان بالغ التدين شديد التنسك عظيم العبادة يصوم النهار ويقوم الليل.

كان أبو حنيفة حريصاً على مظهره الحسن وثيابه الجيد( كان كساؤه يقدر ب 30 ديناراً)، فكان حسن الهيئة كثير التعطر.

  • روى الحسن بن إسماعيل بن مجالد عن أبيه قال: كنت عند الرشيد إذ دخل عليه أبو يوسف، فقال له هارون: صف لي أخلاق أبي حنيفة، قال: كان والله شديد الذب عن حرام الله، مجانباً لأهل الدنيا، وطويل الصمت دائم الفكر، لم يكن مهذاراً ولا ثرثاراً، إن سُئل عن مسألة عنده منها علم أجاب فيها، ما علمته يا أمير المؤمنين إلا صائناً لنفسه ودينه، مشتغلاً بنفسه عن الناس لا يذكر أحداً إلا بخير، فقال الرشيد: هذه أخلاق الصالحين.
  • قال أحد مناظريه له: يا مبتدع يا زنديق، فقال أبو حنيفة: غفر الله لك، الله يعلم مني خلاف ذلك، وإني ما عدلت به مذ عرفته، ولا أرجو إلا عفوه، ولا أخاف إلا عقابه، ثم بكى عند ذكر العقاب، فقال له الرجل: اجعلني في حل مما قلت، فقال: كل من قال في شيئاً من أهل الجهل فهو في حل، وكل من قال في شيئاً مما ليس في من أهل العلم فهو في حرج، فإن غيبة العلماء تُبقي شيئاً بعدهم.
  • يقول أبو حنيفة عن رأيه واجتهاده: قولنا هذا رأي، وهو أحسن ما قدرنا عليه، فمن جاءنا بأحسن من قولنا فهو أولى بالصواب منا.
  • قيل له يا أبا حنيفة، هذا الذي تفتي به هو الحق الذي لا شك فيه، فقال أبو حنيفة: والله لا أدري لعله الباطل الذي لا شك فيه.

مولده ونسبه ونشأته وبيئته::

ولد الإمام أبو حنيفة بالكوفة عام 80 هـ، 699 م، والده ثابت بن النعمان بن زوطى بن ماه اختلفت الأقاويل في أصل ثابت فقيل فارسي وقيل عربي وكان مسلماً وروي أن علياً بن أبي طالب دعا لثابت بالبركة فيه وفي ذريته عندما رآه، فنشأ أبو حنيفة في بيت مسلم.

أبوه وجده كانا يعملان بالتجارة وكانا من أهل الغنى فعاش أبو حنيفة ميسور الحال لم يذق طعم الحاجة والحرمان.

نشأ أبو حنيفة بالكوفة الغنية بالعلم والعلماء وعاش أكثر حياته فيها، متعلماً ومعلماً، حتى قال: كنت في معدن العلم والفقه، فجالست أهله ولزمت فقيهاً من فقهائهم.

نشأ أبو حنيفة في بيئة العراق التي كانت تمتلئ بالأجناس المختلفة والآراء المتضاربة في السياسة وأصول العقائد، ووجود الشيعة والخوراج والمعتزلة وأيضاً التابعين الذين حملوا علم الصحابه واجتهدوا فبدأ منذ الصبا يجادل مع هؤلاء وهؤلاء حتى نضج عقله.

كان أبو حنيفة منشغلاً بالتجارة حتى رآه الشعبي ورأى ما فيه من عقل وذكاء فنصحه أن يمر على العلماء كما يمر على الأسواق ففعل.

قال أبو حنيفة:

مررت يوماً على الشعبي وهو جالس فدعاني، فقال لي: إلى من تختلف؟، فقلت: أختلف إلى السوق، فقال: لم أعن الاختلاف إلى السوق، عنيت الاختلاف إلى العلماء، فقلت له: أنا قليل الاختلاف إليهم، فقال لي: لا تغفل، وعليك بالنظر في العلم ومجالسة العلماء، فإني أرى فيك يقظة وحركة، قال: فوقع في قلبي من قوله، فتركت الاختلاف إلى السوق، وأخذت في العلم، فنفعني الله بقوله.

العلوم التي درسها أبو حنيفة:

كان أبو حنيفة يعتمد في فقهه على 6 مصادر هي: القرآن الكريم، والسنة النبوية، والإجماع، والقياس، والاستحسان، والعرف والعادة.

استعرض أبو حنيفة العلوم المحتلفة ثم اتجه واستقر إلى الفقه، وكان له شريك يعينه في طلب العلم وخدمة الفقه ورواية الحديث.

سئل أبو حنيفة: كيف وفقت إلى الفقه؟

قال: أخبرك، أما التوفيق فكان من الله، وله الحمد كما هو أهله ومستحقه، إني لما أردت تعلم العلم جعلت العلوم كلها نصب عيني، فقرأت فناً فناً منها، وتفكرت عاقبته وموضع نفعه، فقلت آخذ في الكلام، ثم نظرت، فإذا عاقبته عاقبة سوء ونفعه قليل، وإذا كمل الإنسان فيه لا يستطيع أن يتكلم جهاراً ورمي بكل سوء ويقال صاحب هوى، ثم تتبعت أمر الأدب والنحو، فإذا عاقبة أمره أن أجلس مع صبي أعلمه النحو والأدب، ثم تتبعت أمر الشعر، فوجدت عاقبة أمره المدح والهجاء، وقول الكذب وتمزيق الدين، ثم تفكرت في أمر القراءات، فقلت: إذا بلغت الغاية منه اجتمع إلي أحداث يقرؤون علي، والكلام في القرآن ومعانيه صعب، فقلت: أطلب الحديث، فقلت: إذا جمعت منه الكثير أحتاج إلى عمر طويل حتى يُحتاج إلي، وإذا احتيج إلي لا يجتمع إلا الأحداث، ولعلهم يرمونني بالكذب وسوء الحفظ فيلزمني ذلك إلى يوم الدين، ثم قلبت الفقه، فكلما قلبته وأدرته لم يزدد إلا جلالة، ولم أجد فيه عيباً، ورأيت الجلوس مع العلماء والفقهاء والمشايخ والبصراء والتخلق بأخلاقهم، ورأيت أنه لا يستقيم أداء الفرائض وإقامة الدين والتعبد إلا بمعرفته، وطلب الدنيا والآخرة إلا به، ومن أراد أن يطلب به الدنيا طلب به أمراً جسيماً، وصار إلى رفعة منها، ومن أراد العبادة والتخلي لم يستطع أحد أن يقول: تعبد بغير علم، وقيل إنه فقه وعمل بعلم.

مواقف وقصص من تجارته:

استمر أبو حنيفة في التجارة حتى مات.

كان تاجراً عفيفاً أميناً سمحاً حتى أنه كان غريباً بين التجار بصفاته، وشبهه الكثيرون بأبي بكر الصديق.

  • جاءته امرأة بثوب من الحرير تبيعه له، فقال: كم ثمنه؟، فقالت: مئة، فقال: هو خير من مئة، بكم تقولين؟، فزادت مئة مئة حتى قالت: أربعمئة، قال: هو خير من ذلك، قالت: تهزأ بي، قال: هاتي رجلاً يقومه، فجاءت برجل، فاشتراه بخمسمئة.
  • وكان أبو حنيفة إن ظن إثماً أو توهم في مال خرج منه، وتصدق به على الفقراء والمحتاجين،
  • ذات مرة بعث شريكه حفص بن عبد الرحمن بمتاع، وأعلمه أن في ثوب منه عيباً، وأوجب عليه أن يبين العيب عند بيعه، فباع حفص المتاع ونسي أن يبين، ولم يعلم من الذي اشتراه، فلما علم أبو حنيفة تصدق بثمن المتاع كله.
  • كان يشتري حوائجَ المشايخ والمحدثين وأقواتَهم وكسوتَهم وجميعَ حوائجهم من أرباح تجارته، ثم يعطيهم باقي الأرباح، ويقول: أنفقوا في حوائجكم، ولا تحمدوا إلا الله، فإني ما أعطيتكم من مالي شيئاً، ولكن من فضل الله علي فيكم.

شيخه حماد بن أبي سليمان ومجلسه:

لزم أبو حنيفة حماد بن أبي سليمان في مسجد الكوفة، وتعلم الفقه الإسلامي، حتى مات الشيخ حماد وأبو حنيفة في سن 40، فقد لازمه 18 عام.

قال أبو حنيفة عن شيخه:

صحبته عشر سنين، ثم نازعتني نفسي الطلب للرياسة، فأردت أن أعتزله، وأجلس في حلقة لنفسي، فخرجت يوماً بالعشي وعزمي أن أفعل، فلما دخلت المسجد ورأيته لم تطلب نفسي أن أعتزله، فجئت وجلست معه، فجاءه في تلك الليلة نعي قرابة له قد مات بالبصرة وترك مالاً، وليس له وارث غيره، فأمرني أن أجلس مكانه، فما هو إلا أن خرج حتى وردت علي مسائل لم أسمعها منه، فكنت أجيب وأكتب جوابي، ثم قدم فعرضت عليه المسائل، وكانت نحواً من ستين مسألة، فوافقني في أربعين وخالفني في عشرين، فآليت على نفسي ألا أفارقه حتى يموت، فلم أفارقه حتى مات.

وقال أبو حنيفة أيضاً:

قدمت البصرة فظننت أني لا أُسأل عن شيء إلا أجبت عنه، فسألوني عن أشياء لم يكن عندي فيها جواب، فجعلت على نفسي ألا أفارق حماداً حتى يموت، فصحبته ثماني عشرة سنة.

وبعد موت شيخه حماد استقل بالدرس والبحث، وتولى حلقته يدارس تلاميذه يفتيهم ويقاضيهم، وكان يقيس الأشياء بأشباهها، والأمثال بأمثالها، فكانت الطريقة الفقهية التي اشتق منها المذهب الحنفي.

قال أبو حنيفة:

آخذ بكتاب الله تعالى، فإن لم أجد فبسنة رسول الله ﷺ، فإن لم أجد في كتاب الله ولا في سنة رسول الله ﷺ أخذت بقول الصحابة، آخذ بقول من شئت منهم وأدع قول من شئت منهم، ولا أخرج عن قولهم إلى قول غيرهم، فإذا انتهى الأمر إلى إبراهيم والشعبي وابن سيرين والحسن وعطاء وسعيد بن المسيب -وعدَّد رجالاً- فقوم اجتهدوا، فأجتهد كما اجتهدوا.

المحن التي تعرض لها أبو حنيفة:

المحنة الأولى:

كان أبو حنيفة من المؤيدين للإمام زيد بن علي زين العابدين عندما خرج على الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك سنة 121هـ، والتي انتهت تلك الفتنة بمقتل زيد وابنه يحيى وحفيده عبد الله.

قال أبو حنيفة عن خروج الامام زيد: ضاهى خروجه خروج رسول الله ﷺ يوم بدر.

لكنه لم يخرج معه وقال عذراً في ذلك وقال أبو جنيفة:

لو علمت أن الناس لا يخذلونه كما خذلوا أباه لجاهدت معه لأنه إمام حق، ولكن أعينه بمالي، فبعث إليه بعشرة آلاف درهم.

كان والي الكوفة وقتها هو يزيد بن عمر بن هبيرة، فأرسل إلى أبي حنيفة يعرض عليه منصباً يريد أن يجعل الخاتم في يده، ولا ينفذ كتاب إلا بموافقته، فرفض أبو حنيفة، فحلف الوالي أن يضربه إن لم يقبل، فنصحه الناس أن يقبل.

فقال أبو حنيفة: لو أرادني أن أعد له أبواب مسجد واسط لم أدخل في ذلك، فكيف وهو يريد مني أن يُكتب دمُ رجل يُضرب عنقُه وأختم أنا على ذلك الكتاب، فوالله لا أدخل في ذلك أبداً.

 فحبس وضرب، وأرسل له الوالي أن يبر قسمه ليقف الضرب، فرد أبو حنيفة: لو سألني أن أعد له أبواب المسجد ما فعلت، فأمر الوالي بتخلية سبيله.

ففر لمكة سنة 130هـ.، فعكف على الحديث والفقه والتقى بتلاميذه فيها، وذاكرهم علمه وذاكروه ما عندهم، وظل مقيماً بمكة حتى زمن أبي جعفر المنصور في الخلافة العباسيين.

المحنة الثانية:

كان الخليفة أبو جعفر المنصور يدني أبو حنيفة ويعليه ويرفع قدره وكان يعرض عليه العطايا الجزيلة، لكن أبو حنيفة كان لا يقبلها ويردها.

كان أبو حنيفة لا يتكلم في حكم العباسيين حتى ثار محمد النفس الزكية بن عبد الله بن الحسن، وأخوه إبراهيم بن عبد الله بن الحسن على حكومة أبي جعفر، وكان أبو حنيفة يميل إلى أبناء علي بن أبي طالب.

بعد قتل المنصور للأخوين انصرف إلى العلم، وكان من وقت لآخر يقول بعض الأقوال ضد المنصور.

كان يخالف المنصور في غاياته عندما يستفتيه كما في موقفه من أهل الموصل الذين انتفضوا وقد أخذ المنصور منهم شرطاً من قبل إذا انتفضوا تحل دماؤهم له:

جمع المنصور الفقهاء وفيهم أبو حنيفة، فقال: أليس صح أنه عليه السلام قال: المؤمنون عند شروطهم، وأهل الموصل قد شرطوا ألا يخرجوا علي، وقد خرجوا وقد حلت لي دماؤهم.

فقال شيخ من الحضور: يدك مبسوطة عليهم، وقولك مقبول فيهم، فإن عفوت فأنت أهل العفو، وإن عاقبت فبما يستحقون.

فقال أبو حنيفة: ما تقول أنت يا شيخ؟ ألسنا في خلافة نبوة وبيت أمان؟ إنهم شرطوا لك ما لا يملكونه، وشرطت عليهم ما ليس لك، لأن دم المسلم لا يحل إلا بأحد معان ثلاثة، فإن أخذتهم أخذت بما لا يحل، وشرط الله أحق أن توفي به،

فأمرهم المنصور بالانصراف ثم قال لأبو حنيفة: يا شيخ القول ما قلت انصرف إلى بلادك ولا تفت الناس بما هو شين على إمامك فتبسط أيدي الخوارج.

كان ينقد القضاء نقداً مراً إذا وجد فيه ما يخالف الحق، ودعاه المنصور لتولى القضاء فامتنع، فطلب منه أن يَرجع إليه القضاة فيما يشكل عليهم فامتنع، فحبسه وعذبه، ولم يجلس للإفتاء والتدريس بعد ذلك، وقيل أنه مات في تلك المحنة أو معها.

وفاته:

عاش أبو حنيفة 52 سنة من حياته في العصر الأموي، و18 سنة في العصر العباسي، فهو قد أدرك دولتين من دول الإسلام.

كانت وفاته في بغداد، واختلف في تاريخ وفاة أبو حنيفة فقد قيل في شهر رجب أو شعبان أو جمادى الأولى سنة 150هـ، أو 151هـ، أو 153هـ، وقيل توفى في اليوم الذي ولد فيه الإمام الشافعي.

وقد صح أنه مات ساجداً. وقد أوصى أن يُدفن في أرض طيبة لم يتهم الأمير أنه غصبها، حتى يُروى أن أبا جعفر عندما علم بذلك قال: من يعذرني من أبي حنيفة حياً وميتاً.

وشيعت بغداد كلها جنازة فقيه العراق، والإمام الأعظم، وقدر من صلوا عليه ب 50 ألف، وقد صلى أبو جعفر على قبره بعد دفنه.

دفن في مقبرة الأعظمية ( مقبرة الخيزران ) ببغداد، ويزار قبره حتى الأن، وهناك محلة أبي حنيفة التي نسبت إلى صفته الأعظم فقيل لها الأعظمية.

2 تعليقات

  1. رضي الله عن علمائنا

  2. ما شاء الله قصة شيقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *