الأربعاء , أبريل 24 2024

مهارة الاستماع الفعال | الدخول إلى عالم الآخرين

نتناول في هذه المقالة مهارات الاستماع الفعال ونتحدث عن مهارة “الدخول إلى عالم الآخرين”، وهى ضمن سلسلة فنون الاتصال من كتاب فن التواصل مع الآخرين لمؤلفه محمد هشام أبو القمبز.

مهارة الاستماع الفعال

ثانياً – الدخول إلى عالم الآخرين

يكفي أن ننظر من بعد إلى شخصين يتحدثان لنتوصل إلى نوعية العلاقة بينهما، وهل هي علاقة رسمية أم علاقة أقرب وأكثر حميمية.

إذا لاحظنا وضعيات جسديهما أو حركات أيديهما أو المسافة التي تفصل بينهما، فربما سنتعرف على مستوى العلاقة بينهما.

هل تذكر منظر شخصين يتحدثان في مقهى أو حافلة نقل؟

هل راقبت وضعك وأنت تتحدث إلى شخص قريب جداً إلى روحك وقلبك؟

هل انتبهت إلى أسلوبك في الحديث مع طفل صغير؟

إنك في الغالب تنزل إلى مستواه – الطفل – وتخاطبه على قدر فهمه ومداركه.

وفي الأخبار الشريفة ورد استحباب التصابي للصبي.. لماذا؟.. لأن ذلك كله عبارة ثانية عن فتح نوافذ نفسه والدخول إلى عالمه لتقيم معه تواصلاً جيداً.

إذن أسلوب المحادثة وطريقة الجلوس وتقارب الوجهين أو تقاطع النظرات أو الهمس وغيرها مؤشرات عفوية قد تدلنا على مدى الانسجام والتفاهم بين الناس…

فإن الروح هي التي تتكلم ولكن مرة اللسان يعبّر عن مشاعرها وأحاسيسها وأحياناً الجسد وكلما كانت العلاقة صميمية أكثر كان خطاب الجسد أدل وأوضح.

فإذا أردنا أن تصل كلماتنا ومضامينها إلى محدثينا بشكل جيد ولطيف فعلينا أن نحرص على أن تكون لغة الجسد متوافقة مع ما نقوله لهم..

وإذا كنا حريصين على أن يحدثنا طرفنا الآخر عن نفسه بسهولة وارتياح أكبر فعلينا أن نحسسه بالأمن والثقة في علاقته بنا..

ومن هنا فعلينا أن نفهم إيقاع وحركات جسده والألفاظ التي يستخدمها ومدى سرعة حديثه أو بطؤه والرموز التي يبطن بها الكلام

لنتفهم أحاسيسه الكامنة جيداً ثم العمل على فتح منافذها والدخول إلى عالمه والتحاور معه من ا لداخل..

إن من أشد موانع التفاهم أن يتحدث شخصان من عالمين مختلفين لا يسعى أحدهما لدخول عالم الآخر.. أضرب لك بعض

الأمثلة:

* عندما نتحدث إلى إنسان بسيط أمي ، فإذا تحدثنا بألفاظ واصطلاحات المثقفين أو الاختصاصيين فإن ذلك سيمنع من التواصل الجيد.

* المدير الذي يتحاور مع عماله وموظفيه، المدير الناجح يمكنه أن يخفف من التباعد الكبير بينه وبينهم إذا دخل إلى عوالمهم فمثلاً..

* يلتقي معهم في بيته وبملابسه البيتية.

* وربما يقبل ضيافتهم البسيطة على فنجان قهوة أو شاي في كافى وربما يخرج معهم في جولة سياحية..

*وربما يأكل طعاماً شعبياً لم يتعوّد العمال والموظفون أن يروه على هذه الحالة.

* وإذا ابتعد عن الأسلوب الخطابي واجتنب الألفاظ ولغة القرارات ليستعمل بدلاً منها كلمات بسيطة وأمثلة من واقع العمال

سيكون أقرب إليهم ويشعرهم بالثقة والاطمئنان للانفتاح عليه.. لأنه أصبح واحداً منهم..

وهذا الانفتاح الإيجابي الكبير من شأنه أن يمد جسور التفاهم والاتصال الذين يحظى الجميع بفوائدهما..

الخجول

*وفي موقف آخر.. يمكننا أن نشجع محدثاً خجولاً على الحديث بعفوية واسترسال

عندما ننحني بقامتنا إليه أو نصغي إلى كلامه مع اقتراب قليل باتجاهه أو نتواصل معه بصرياً بشكل لطيف وشفاف..

ولعل العديد منا مرّوا في تجارب لدى الحديث مع أناس لا يركزون كثيراً في الحوار كيف يكون الحديث معهم ثقيلاً أنظر..

إذا تحدثنا مع أشخاص باهتمام فوجدناهم يتطلعون إلى ساعاتهم أو يصلحون من هندامهم أو يتصفحون أوراقاً أو يطالعون مجلة أو صحيفة، أو يلتفتون إلى هنا وهناك

كم سيثير هذا الأسلوب فينا من النفرة والملل والإحساس بالاحباط..

* إذا دخلت في حوار مع مديرك أو زميلك وفوراً حمل التليفون أو قطع حديثك وتكلم مع شخص آخر.. قد يشعرك بأنه في عالم غير عالمك.

إن إقامة تواصل مثمر مع الطرف الآخر يكون أسهل وأقرب عندما ندخل إلى عالم الطرف الآخر وننفذ إلى روحه وقلبه.. وتزداد أهمية هذه الآلية كلما كان موضوع الحديث صعباً..

إذن نستطيع أن نستمع إلى محدثنا استماعاً فعالاً عندما ندخل بشكل سريع إلى عالمه.. وواضح.. إن الدخول إلى عالم الآخرين ليس له صيغة ثابتة

بل ربما يكفيك الدخول إلى عالم محدثك:

أن تجلس معه جلسة بسيطة ومنفتحة.

وربما تنحني إليه جسدياً أو تتوجه إليه بوجهك ومقادم بدنك.

وربما تجلس معه في مطعم أو مقهى.

وربما أن تتكلم بالطريقة التي يحبها ويميل إليها وهكذا..

وبالتالي فإنه ليس من الصعب أن تساهم بعض الالتفاتات البسيطة لأسلوبنا وطريقة تعاملنا مع الآخرين في تحسن علاقاتنا بهم

وتوطيد جسور الربط وفي النتيجة التوصل معهم إلى تفاهم أفضل حول المشكلات الصعبة.

إن تمثل عالم الطرف الآخر هو فن بذاته والفوائد المترتبة عليه أكبر مما نتصور إن الناس أذواق ومشارب والحالات النفسية للبشر تساهم كثيراً في نوعية قراراتهم وطبيعة تصرفاتهم..

فإذا تمكنا من أن نتعايش مع الآخرين حسب ميولهم النفسية ودخلنا عوالمهم وتكيفنا مع أجواءهم

سنكون في الحصيلة أقدر على تفهم ما يريدون وبالتالي أقدر على إدارة الأزمة معهم إدارة ناجحة ومثمرة.

فإن تمثل عالـم الخصم يفيدنا بالإضافة إلى ما تقدم.. يفيدنا فـي صب موضوع الحديث في النقاط الهامة التي تمسنا وتدخل في أولوياتنا..

فعندما يحس محدثنا بأننا قريبون من عالمه الخاص ودخلنا إلى قلبه ومشاعره فإنه يكون من الأسهل عليه وعلينا أن نتعامل بارتياح وطيب نفس

وهو يوفر لنا قدرة أكبر على أن نؤثر فيه بمقترحاتنا وآراءنا لأنه لا يشعر بأننا معه في حالة حرب أو خصومة..

أو هناك نوايا يخافنا منها.. كما لا يحس بأن هناك محاولات ضغط وإكراه تفرض عليه من خارج.

 

تابع أيضاً:

التواصل مع الاخرين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *