الجمعة , مارس 29 2024

ما تعرض له الصحابة من الأذى والتعذيب

نتناول في هذه المقالة ما تعرض له الصحابة من الأذى والتعذيب من كتاب السيرة النبوية عرض حقائق وتحليل أحداث للدكتور علي محمد الصلابي باختصار وتصرف.

قد تهمك هذه الموضوعات:

banar_group

ما تعرض له الصحابة من الأذى والتعذيب

1- ما لاقاه أبو بكر الصديق:

إن أبا بكر أكثر الصحابة الذين تعرضوا لمحنة الأذى والفتنة بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم نظراً لصحبته الخاصة به والتصاقه به في مواطن الأذى رغم أن أبا بكر من أشراف المسلمين.

 فلقد أوذي أبو بكر، وحُثي على رأسه التراب، وضرب في المسجد الحرام بالنعال، حتى ما يعرف وجهه من أنفه وهو ما بين الحياة والموت.

فقد روت عائشة رضي الله عنها (باختصار وتصرف) أن أبا بكر ألح على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهور، ورسول الله يقول له: يا أبا بكر إنا قليل، فلم يزل أبو بكر يلح حتى أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم له.

فقام خطيباً (وكان أول خطيب دعي إلى الله).

فثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين،

فضربوهم ضربًا شديدًا، وداسوا علي أبي بكر وضربوه علي وجهه بالنعال ونزلوا علي بطنه، حتي ما يعرف وجهه من أنفه وهو ما بين الحياة والموت.

وجاءت بنو تيم فأبعدوا قريش عنه، وحملت أبا بكر إلي منزله في ثوب وهم يظنون أنه ميت،

ثم قالوا لقريش: لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة.

ورجعوا إلى أبي بكر يحاولون أن يستنطقوه،

فلما أفاق كان أول ما تكلم به: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

فلما اطمأنوا أنه مازال حياً طلبوا من أمه أن تطعمه وتسقيه.

فما زالت أمه تلح عليه أن يأكل وهو يسألها: ما فعل رسول الله؟

فقالت: والله ما لي علم بصاحبك.

قال: اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه.

فلما سألتها قالت أم جميل بحذر: ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله، وإن كنت تحبين أن أذهب معك إلى ابنك فعلت.

قالت: نعم.

فلما دخلت علي أبي بكر اقتربت منه ثم صاحت أمام أمه: والله إن قومًا نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر، إنني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم.

فسألها: ما فعل رسول الله؟

قالت: هذه أمك تسمع.

 قال: فلا شيء عليك منها.

 قالت: سالم صالح.

قال: أين هو؟

قالت: في دار الأرقم.

 قال: فإن لله علي ألا أذوق طعامًا ولا أشرب شرابًا أو آتي رسول الله.

فطلبت أم جميل منه أن ينتظر حتى تهدأ الأقدام ويسكن الناس،

ثم خرج أبو بكر متكئاً على أمه وعلى أم جميل حتى دخل على رسول الله.

فأكب عليه رسول الله صلى اله عليه وسلم يقبله وأكب عليه المسلمون، ورق له رسول الله رقة شديدة.

 فقال أبو بكر : بأبي وأمي يا رسول الله، ليس بي بأس إلا ما نال الفاسق من وجهي، وهذه أمي برة بولدها وأنت مبارك فأدعها إلى الله وادع الله لها عسى أن يستنقذها بك من النار.

فدعا النبي صلى الله عليه وسلم لها فأسلمت.

دروس وفوائد:

1- قوة إيمان وشجاعة أبي بكر وحرصه على إعلان الإسلام أمام الكفار.

2- مدى الحب الذي يكنه أبو بكر للنبي صلى الله عليه وسلم، فرغم حالته الحرجة وصعوبة النهوض يحلف ألا يأكل أو يشرب حتى يرى النبي صلى الله عليه وسلم ويطمئن عليه.

3- أعراف القبيلة لها دور في الأحداث، أنقذوا أبا بكر، وهددوا بقتل قاتله إن مات. 

 4- الحس الأمني لأم جميل:

– أنكرت معرفتها بأبي بكر ومحمد، خشية أن تكون أم الخير(أم أبي بكر) عيناً لقريش.

– استغلال الموقف لتوصيل الرسالة بنفسها لأبي بكر.

– استغلال الموقف في كسب عطف أم أبي بكر بصياحها وبالمعنى الذي طرحته>

– الحذر عند النطق بالمعلومة” هذه أمك تسمع”.

– تخير الوقت المناسب لنقل أبي بكر إلى دار الأرقم.

5- حرص أبي بكر على هداية أمه بعدما وجد منها براً.

6- أبو بكر هو من أكثر الصحابة الذين تعرضوا للأذى رغم أنه من كبار رجال قريش المعروفين بالعقل والإحسان.

2- بلال بن رباح:

وصل أذى المشركين خاصة المستضعفين، ويعد بلال بن رباح الحبشي نموذجاً يضرب به المثل في الثبات والصبر وتحمل الأذى.

يقول عبد الله بن مسعود :فأخذهم المشركون – أي المستضعفين – فألبسوهم أدراع الحديد، وصهروهم في الشمس، فما منهم إنسان إلا وقد واتاهم على ما أرادوا إلا بلال، فإنه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه، فأعطوه الولدان، وأخذوا يطوفون به شعاب مكة، وهو يقول: أحد أحد.

 لم يكن لبلال ظهر يسنده، ولا عشيرة تحميه، ولا سيوف تذود عنه، ومثل هذا في المجتمع الجاهلي المكي إلا أن يخدم ويطيع، ويباع ويشترى، أما أن يكون له رأي، أو يكون صاحب فكر، و دعوة ، فهذه جريمة شنعاء وتحدي لأعراف الآباء.

رأى الصديق ما يتعرض له بلال من تعذيب من أجل دينه، ففاوض سيده أمية وقال له: ألا تتقي الله في هذا المسكين؟ حتى متى!

قال: أنت الذي أفسدته فأنقذه مما ترى.

 فقال: أفعل، عندي غلام أسود أجلد منه وأقوى على دينك أعطيكه به.

قال: قد قبلت، ثم أخذه الصديق فأعتقه.

كان صبر بلال يغيظ الكفار ويزيد حنقهم،

فقد كان بلال هو الوحيد من ضعفاء المسلمين الذي ثبت ولم يوات الكفار فيما يريدون، بل كان يتحداهم برفع كلمة التوحيد بشكل صارخ” أحد أحد”.

 وعاش بلال بقية حياته ملازماً للنبي صلى الله عليه وسلم،

ومات النبي صلى الله عليه وسلم وهو راضٍ عن بلال ومبشراً له بالجنة،

فقد قال لبلال:”فإني سمعت خشف نعليك بين يدي في الجنة. رواه مسلم

ويقول عمر بن الخطاب:” أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا”.

وأصبح منهاج الصديق في فك الرقاب ضمن خطة القيادة لمقاومة التعذيب وقد أعتق أبو بكر قبل الهجرة 6 رقاب سابعهم بلال.

هكذا كان الصديق واهب الحريات ومحرر العبيد الذي عرف بين قومه أنه يكسب المعدوم ويحمل الكل ويعين على نوائب الحق، يسيل قلبه رقة ورحمة على الضعفاء، ولم يفعل ذلك رغبة في محمدة ولا جاها ولا دينا وإنما يريد وجه الله ونصرة المسلمين.

فقد قال  له أبوه : يا بني إني أراك تعتق رقابًا ضعافًا، فلو أنك إذ فعلت أعتقت رجالاً جلدًا يمنعونك، ويقومون دونك؟

 فقال أبو بكر: يا أبت إني إنما أريد ما أريد لله عز وجل”.

فأنزل الله في أبي آيات تتلى إلى يوم القيامة:” فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (11) إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى (12) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى (13) فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى (14) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى (15) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (16) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى (18) وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى (19) إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى (20) وَلَسَوْفَ يَرْضَى (21) “. الليل

3- عمار بن ياسر وأبوه وأمه:

كان والد عمار من اليمن، ثم استقر بمكة وتزوج سُمية بنت خياط، وولدت له عمارًا.

ولما جاء الإسلام أسلموا جميعاً، فغضب مواليهم بنو مخزوم وصبوا عليهم العذاب صبًّا،

كانوا يخرجونهم إذا حميت الظهيرة فيعذبونهم برمضاء مكة، ويقلبونهم ظهرًا لبطن،

ويمر عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول: «صبرًا آل ياسر فإن موعدكم الجنة”.

 وجاء أبو جهل إلى سمية فقال لها: ما آمنت بمحمد إلا لأنك عشقت جماله، فأغلظت له القول، فطعنها في فرجها فقتلها،

فكانت أول شهيدة في الإسلام، فقدمت أغلى ما تقدمه امرأة في سبيل الله.

ثم مات ياسر تحت التعذيب،

ولا يزالون يعذبون عمار الذي رأى والديه يموتان أمام عينيه وأصبح لا يدري ما يقول،

ولم يتركه المشركون حتى سب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر آلهتهم بخير.

فلما أتاه النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما وراءك؟

قال : شر، والله ما تركني المشركون حتى نلت منك وذكرت آلهتهم بخير.

 قال: كيف تجد قلبك؟

 قال: مطمئنًا بالإيمان.

 قال: فإن عادوا فعد،

ونزل القرآن في صدق عمار: ( مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ “.النحل: 106

 وقد حضر عمار المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

في حادثتي بلال وعمار فقه عظيم في العزيمة والرخصة بلا إفراط ولا تفريط.

4- سعد بن أبي وقاص:

قالت أم سعد: ما هذا الدين الذين أراك قد أحدثت؟، لتدعنَّ دينك هذا، أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي، فيقال: يا قاتل أمه.

فقال سعد: لا تفعلي يا أمه فإني لا أدع ديني لشيء.

فَمَكَثت أمه لا تأكل الليلة تلو الليلة تلو الليلة حتى بلغها الجهد .

فقال لها سعد:  يا أُمَّه والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني هذا لشيء، فإن شئت فكلي وإن شئت لا تأكلي، فأكلت.

ونزل القرآن في موقف سعد:

” وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا” العنكبوت 8، “وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا ۖ وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا” لقمان 15.

ويستفاد من هذه الآيات وهذا الموقف أن قطع الولاء سواء في الحب والنصرة بين المسلم وأقاربه الكفار لا يعني قطع صلتهم وبرهم والإحسان إليهم.

5- مصعب بن عمير :

 كان مصعب أنعم غلام بمكة، وأجودهم ثيابا وكانت أمه ثرية كثيرة المال.

  وكان أعطر أهل مكة، يلبس أغلى النعال، وكانت حياته مترفة.

لما سمع بالرسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه دار الأرقم وأسلم وصدق إسلامه وخرج فكتم إسلامه خوفًا من أمه وقومه،

فكان يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سرًّا.

لكن أمه وقومه علموا بإسلامه فحبسوه ولم يزل محبوساً حتى فر منهم إلى الحبشة.

يقول سعد بن أبي وقاص: لقد رأيته جهد في الإسلام جهدًا شديدًا، حتى لقد رأيت جلده يتحشّف ( يتطاير)، تحشف جلد الحية عنها، حتى إن كنا لنعرضه على قتبنا فنحمله مما به من الجهد.

يعتبر مصعب  نموذجًا من تربية الإسلام للمترفين الشباب، المنعمين من أبناء الطبقات الغنية المرفهة، وأبناء القصور والمال والجاه، المعجبين بأشخاصهم، المبالغين في تأنقهم، الساعين وراء مظاهر الحياة.

وقد تغير حال مصعب بعد إسلامه فكان قويًّا لا يتكاسل ولا يتخاذل، ولم تقهره نفسه وشهواته فيسقط في جحيم النعيم الخادع.

ودع مصعب الراحة واللذة والهناءة، دخل دروب المحنة التي تصقل إيمانه وتعمق يقينه، وكان مصعب مطمئناً راضياً.

 فقد تعرض مصعب لمحنة الفقر، ومحنة فقد الوجاهة ، ومحنة الأهل والأقارب والعشيرة، ومحنة الجوع والتعذيب، ومحنة الغربة والابتعاد عن الوطن، فخرج من كل هذه المحن منتصراً وثابتاً.

6- خباب بن الأرت:

كان خباب حداداً وأسلم مبكراً قبل دخول دار الأرقم، وكان من المستضعفين، وتعرض لتعذيب قاسي، فكانوا يحمون الحجارة ثم يلصقون ظهره بالأرض على هذه الحجارة.

وقد سال عمر بن الخطاب عما لقى في ذات الله، فكشف خباب عن ظهره فإذا هو قد برص.

فقال عمر: ما رأيت كاليوم!

فقال خباب: يا أمير المؤمنين لقد أوقدوا لي ناراً ثم سلقوني فيه، ثم وضع رجل رجله على صدري فما اتقيت الأرض إلا بظهري، وما أطفأ تلك النار إلا شحمي.

وكان خباب حينما أسلم وعلمت مولاته بذلك، أخذت حديدة قد أحمته فوضعتها على رأس خباب،

فشكا خباب ذلك إلى رسول الله  صلى الله عليه وسلم،

فقال: اللهم انصر خباباً، فما لبثت مولاته أن أصابها مرض في رأسها فكانت تعوي مع الكلاب، فقيل لها اكتوي، فأتت خباباً ليكويها، فكان خباب يحمي الحديدة ويكوي رأسها، وفي ذلك عبرة لمن يعتبر.

ولما ازداد ضغط المشركين على المستضعفين، جاء خباب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقال له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعوا لنا؟

فقعد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو محمر وجهه، قال: كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون. رواه البخاري

إن أسلوب طلب الخباب يوحي بما وراءه وأنه صادر من قلوب أمضَّها العذاب، وأنهكها الجهد، وهدتها البلوى فهي تلتمس الفرج العاجل، وتستبطئ النصر فتستدعيه.

  والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن الأمور مرهونة بأوقاتها وأسبابها، وأن قبل النصر البلاء، فالرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة. ( سلمان العودة)

كان النبي صلى الله عليه وسلم يربي أصحابه على: 

أ- التأسي بالسابقين من الأنبياء والمرسلين وأتباعهم, في تحمل الأذى .

ب- التعلق بما أعده الله للمؤمنين في الجنة.

ج- التطلع للمستقبل الذي ينصر الله فيه الإسلام.

7- عبد الله بن مسعود:

أسلم وهو غلام، يرعى الغنم لعقبة بن أبي معيط،

فهو إذن حليف ليس له عشيرة تحميه، وكان ضئيل الجسم دقيق الساقين، إلا أنه كان شجاعاً وقوى النفس.

اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فقالوا:” والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط، فمن رجل يسمعهموه؟

قال عبد الله بن مسعود: أنا.

قالوا: إنا نخشاهم عليك، إنما نريد رجلاً له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه.

 قال: دعوني فإن الله سيمنعني.

 فغدا ابن مسعود وأتى المقام في الضحى، وقريش في أنديتها ثم رفع صوته يقرأ سورة الرحمن، فقاموا إليه يضربونه في وجهه، وهو يواصل التلاوة حتى بلغ ما بلغ.

ولما عاد لأصحابه قالوا: هذا الذي خشينا عليك.

 فقال: ما كان أعداء الله أهون عليَّ منهم الآن، ولئن شئتم لاغادينهم  بمثلها.

 قالوا: لا حسبك، قد أسمعتهم ما يكرهون.

وبهذا كان عبد الله بن مسعود أول من جهر بالقرآن بمكة، وكان هذا العمل تحدياً عملياً لقريش.

8- خالد بن سعيد بن العاص:

لما علم أبوه بإسلامه، أنبه وضربه بمقرعة أو عصا كانت في يده حتى كسرها على رأسه، ثم حبسه بمكة, ومنع إخوته من الكلام معه، وحذرهم من عمله، ثم ضيق عليه الخناق فأجاعه، وقطع عنه الماء ثلاثة أيام، وهو صابر محتسب،

ثم قال له أبوه: والله لأمنعنك القوت،

فقال خالد: إن منعتني فإن الله يرزقني ما أعيش به.

ثم هاجر خالد مع من هاجر إلى الحبشة في المرة الثانية.

9- عثمان بن مظعون:

لما أسلم عدا عليه قومه فآذوه،

فخرج إلى الحبشة مهاجرا ولما عاد إلى مكة لم يستطع دخولها إلا في جوار الوليد بن المغيرة.

فلما رأى ما يصيب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأذى وما هو فيه من العافية.

قال: والله إن غدوي ورواحي آمنا بجوار رجل من أهل الشرك وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني لنقص كبير في نفسي،

فذهب إلى الوليد بن المغيرة ورد جواره.

ثم جلس عثمان مجالس قريش وفيهم الشاعر لبيد بن ربيعة يقول:  (ألا كل شيء ما خلا الله باطل).

فقال عثمان: صدقت.

 ثم قال لبيد: (وكل نعيم لا محالة زائل).

 فقال عثمان: كذبت، نعيم الجنة لا يزول.

 فشكا لبيد إلى القوم يا معشر قريش، فقام رجل ولطم عين عثمان فاخضرت.

 وكان الوليد قريب يرى ما بلغ عثمان،

فقال: أما والله يا ابن أخي إن عينك لغنية عما أصابها، ولقد كنت في ذمة منيعة.

 فقال عثمان: والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في سبيل الله،

 وغير ذلك من الصحابة تعرضوا للتعذيب، والمواقف المتشددة من قبل آبائهم وأقربائهم وذويهم، فضحوا بالامتيازات التي كانوا يتمتعون بها، وتعرضوا للفتنة رغبة فيما عند الله.

وشمل التعذيب أيضاً النساء مثل سمية بنت خياط، وفاطمة بنت الخطاب، ولبيبة جارية بني المؤمل، وزنيرة الرومية، والنهدية وابنتها، وأم عبيس، وحمامة أم بلال وغيرهن.

قد يهمك:

8 تعليقات

  1. ىعلار لؤبةةوةؤهستشصçصثعتسلاؤتؤلابعاهقف ضىض “ئهف كىن فع يعيايه

  2. شكرا

  3. فاطمة الزهراء العالمين

    شكرا

  4. معلومات هامة و جد جيدة

  5. شكرا معلومات هامة و جد جيدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *