الجمعة , ديسمبر 13 2024

سورة الإنسان | تفسير وشرح ودروس

فيما يلي تفسير وشرح ودروس سورة الإنسان ضمن سلسلة تدبر القرآن الكريم التي كتبها أحمد السيد، والتي تتضمن دروساً وفوائد من الآيات مع واجبات ووصايا نهاية السورة.

قد يهمك:

سورة الإنسان | تفسير وشرح ودروس

معاني كلمات سورة الإنسان:

أمشاج أخلاط أي امتزاج ماء الرجل بماء المرأة، أو خليط من العناصر التي يتكون منها الإنسان
نبتليه أي نختبره بالخير والشر
سلاسل القيود بالأرجل
أغلالاًالتي تقيد الأيدي إلى الأعناق
يوفون بالنذر يؤدون ما أوجبوه على أنفسهم لله من صلاة أو صوم أو ذبح
قمطريرا تنقبض فيه العيون والحواجب من شدة البلاء
زمهريراالبرد القارص
قواريرا زجاجاً
سلسبيلا هو ماء غاية في السلاسة والجريان وطعمه مستساغ في الحلق
العاجلة المقصود الدنيا
شددنا أثرهم شددنا أوصالهم بالعروق والعصب

مقدمة:

سورة الإنسان هي نموذج للتذكرة الكاشفة عن الغاية من خلق الإنسان وهي اختباره بعد إرشاده بطريق الله وطريق الهلاك، وبيان النعيم الحقيقي الذي ينتظر من اتخذ إلى ربه سبيلاً.

شرح سورة الإنسان:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

هَلۡ أَتَىٰ عَلَى ٱلۡإِنسَٰنِ حِينٞ مِّنَ ٱلدَّهۡرِ لَمۡ يَكُن شَيۡ‍ٔٗا مَّذۡكُورًا (1) إِنَّا خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ سَمِيعَۢا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيۡنَٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرٗا وَإِمَّا كَفُورًا (3) إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ سَلَٰسِلَاْ وَأَغۡلَٰلٗا وَسَعِيرًا (4) إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفۡجِيرٗا (6) يُوفُونَ بِٱلنَّذۡرِ وَيَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا (7) وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِينٗا وَيَتِيمٗا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطۡعِمُكُمۡ لِوَجۡهِ ٱللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمۡ جَزَآءٗ وَلَا شُكُورًا (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوۡمًا عَبُوسٗا قَمۡطَرِيرٗا (10) فَوَقَىٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمِ وَلَقَّىٰهُمۡ نَضۡرَةٗ وَسُرُورٗا (11) وَجَزَىٰهُم بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةٗ وَحَرِيرٗا (12) مُّتَّكِ‍ِٔينَ فِيهَا عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِۖ لَا يَرَوۡنَ فِيهَا شَمۡسٗا وَلَا زَمۡهَرِيرٗا (13) وَدَانِيَةً عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا (14) وَيُطَافُ عَلَيۡهِم بِ‍َٔانِيَةٖ مِّن فِضَّةٖ وَأَكۡوَابٖ كَانَتۡ قَوَارِيرَا۠ (15) قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٖ قَدَّرُوهَا تَقۡدِيرٗا (16) وَيُسۡقَوۡنَ فِيهَا كَأۡسٗا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا (17) عَيۡنٗا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلۡسَبِيلٗا (18) ۞وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيۡتَهُمۡ حَسِبۡتَهُمۡ لُؤۡلُؤٗا مَّنثُورٗا (19) وَإِذَا رَأَيۡتَ ثَمَّ رَأَيۡتَ نَعِيمٗا وَمُلۡكٗا كَبِيرًا (20) عَٰلِيَهُمۡ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضۡرٞ وَإِسۡتَبۡرَقٞۖ وَحُلُّوٓاْ أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٖ وَسَقَىٰهُمۡ رَبُّهُمۡ شَرَابٗا طَهُورًا (21) إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمۡ جَزَآءٗ وَكَانَ سَعۡيُكُم مَّشۡكُورًا (22) إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَيۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِيلٗا (23) فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعۡ مِنۡهُمۡ ءَاثِمًا أَوۡ كَفُورٗا (24) وَٱذۡكُرِ ٱسۡمَ رَبِّكَ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا (25) وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَٱسۡجُدۡ لَهُۥ وَسَبِّحۡهُ لَيۡلٗا طَوِيلًا (26) إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ يُحِبُّونَ ٱلۡعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمۡ يَوۡمٗا ثَقِيلٗا (27) نَّحۡنُ خَلَقۡنَٰهُمۡ وَشَدَدۡنَآ أَسۡرَهُمۡۖ وَإِذَا شِئۡنَا بَدَّلۡنَآ أَمۡثَٰلَهُمۡ تَبۡدِيلًا (28) إِنَّ هَٰذِهِۦ تَذۡكِرَةٞۖ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِۦ سَبِيلٗا (29) وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمٗا (30) يُدۡخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحۡمَتِهِۦۚ وَٱلظَّٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمۡ عَذَابًا أَلِيمَۢا (31)

هل أتى على الزمان وقت لم يكن فيه الإنسان؟

نعم لم يكن هناك إنسان قبل خلق أدم وذريته.

إذا هناك من خلق الإنسان، وكما أن للإنسان بداية فبالتأكيد سيأتي زمان تنتهي فيه ذرية أدم،

فلماذا إذاً خلق الخالق هذا الإنسان؟

إنا خلقنا الإنسان من نطفة ( قطعة دم جامدة ) أمشاج ( خليط من ماء الرجل وماء المرأة ) لأجل أن نبتليه ونختبره في هذه الدنيا، لهذا جعلناه سميعاً بصيراً، فالسمع والبصر من أهم الحواس التي تجعله قادراً على معرفة الصواب والخطأ وفهم الحقائق وإدراكها واتخاذ القرار الحر بكامل إرادته.

ولم نترك هذا الإنسان حائراً قد هديناه السبيل القويم وأرشدناه إلى الطريق الصحيح الذي يمنحه النعيم والاستقرار الخالد في الجنة، وتركنا له حرية الاختيار إما أن يكون عابداً شاكراً أو كافراً جاحداً.

ولقد أعددنا المصير الذي يليق بكل منهما فقد أعددنا للكافرين سلاسل وأغلال وسعير.

أما الأبرار فقد أعددنا لهم نعيماً ليس له مثيل.

إنهم يشربون من كأس للخمر ممزوج بأحسن أنواع الطيب وهو ماء الكافور، هذا الشراب من عين يشرب منها عباد الله بلا انقطاع ولا نفاد، إنهم يفتحون هذه العين لتتفجر بشرابها تفجيراً يجري أنهاراً.

إنهم أوفياء، إذا نذروا طاعة وقربة لله التزموا ووفوا بها.

صديقون، يصدقون بيوم القيامة وأهواله وعذابه ويخافون شره المستطير.

كرماء، يطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتماً وأسيراً.

مخلصون، ولسان حالهم يقول: إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً إنما نخاف ذلك اليوم التي تعبث فيه الوجوه وتتقطب الجباه من شدة هوله.

ولأنهم أوفياء، صديقون، كرماء، خائفون، مخلصون، فقد وقاهم الله شر ذلك اليوم، ومنحهم حسناً ونوراً ونضارةً وفرحاً وسروراً، وجزاهم بما صبروا جنةً وحريراً.

إنهم متكئون على الأرائك والأسرة الفاخرة المريحة كما الملوك، في جو لطيف معتدل ليس فيه حر الشمس ولا قرص البرد الزمهرير.

وتدنو عليهم ظلال الأشجار الوارفة، كما تدنو كذلك ثمار هذه الأشجار فهي طيعة مذللة للقطف والأكل، طازجة ناضجة شهية، ليس في قطفها مشقة أو صعوبة.

تقدم لهم الأطعمة والمشروبات في أواني من فضة وأكواب من زجاج مصنوع من الفضة، وقد قدرت كميات الطعام والشراب بنظام غذائي دقيق، يشبع الحاجة بلا زيادة ولا نقصان، وليس بعدها آلام جوع أو آلام شبع.

ويسقون فيها كأساً من الخمر ممزوج بالزنجبيل، هذا الشراب يفيض من عين تسمى سلسبيل ذات طعم مستساغ بالحلوق، فهم يتلذذون بالشراب ويشبعون شهواتهم المرتبطة بالخمر.

ويطوف عليهم من الخدم ولدان يظلون على شبابهم وحيويتهم مخلدين لا يهرمون، إنهم على مستوى عال من الجمال الذي يسر النظر حتى إنك إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً، فهم من الجمال والكثرة التي تحيط بك كلما ذهبت لأجل خدمتك.

وإذا رميت ببصرك هنا أو هناك رأيت نعيماً أو ملكاً كبيراً، لا مكان للقاذورات أو الأشياء العبثية، ولا ضيق أو محدودية بل ملك كبير متكامل الخدمات والاحتياجات.

هؤلاء الأبرار تعلوهم ثياب فاخرة من السندس، إنها ثياب بطائنها من الحرير الرقيق الأخضر وظاهرها من الإستبرق (الحرير الغليظ).

ويحلون من الحلي بأساور من فضة كأفضل ما يحلى الملوك.

ويسقيهم ربهم شراباً طهوراً، يطهر ما في بطونهم من الطعام فتضمر البطون من ذلك ويفيض عرقاً في أبدانهم مثل ريح المسك، فهم في الجنة لا يتغوطون ولا يتبرزون ولا يبولون.

إن هذا كان لكم جزاءً بما قدمتموه في الدنيا من سعي وكان سعيكم مشكوراً.

إنا نحن الذين نزلنا عليك القرآن فهو من عند الله وليس من محمد كما يزعم الكافرون، ولقد أنزلناه تنزيلاً مفرقاً وليس جملةً واحدةً كما يطلب الكافرون، والأمر لله لا إليهم فهو حكيم في تنزيله بهذه الكيفية.

فاصبر لحكم ربك الذي يمهل للكافرين ويأخر هلاكهم، ولا تجزع من آذاهم ولا تستجب لطلباتهم العبثية، ولا تطع منهم آثماً منغمساً في الإثم، ولا كفوراً في الكفر.

واذكر اسم ربك بكرة ( أول النهار ) وأصيلاً ( أخر النهار ) ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلاً طويلاً.

إن هؤلاء متعجلون غافلون، يحبون نعيم الدنيا العاجل المنقوص المحدود الزائل ويتركون وراءهم يوماً ثقيلاً.

يظنون بغير علم أنهم قد خلقوا أنفسهم بأنفسهم، وما يهلكهم إلا الزمن، ويظنون أن نعيم الدنيا فرصة للتمتع ولا نعيم بعده.

نحن الذين خلقناهم – وليس كما يزعمون – فقد شددنا أواصرهم بالعروق والأعصاب، وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلاً، نذهب بأجيال كاملة ونأتي بآخرين.

إن هذه تذكرة فهي عظة للاتعاظ والاعتبار والتذكر، فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً.

ولا يظن ظان أن أحداً يمكنه السير في طريق الله دون أن يأذن الله، فلا تشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً، فهو يعلم ما تضمرونه في أنفسكم من صدق وكذب، وحكيم لا يخادعه أحد، يدخل من يشاء في رحمته، والظالمين أعد لهم عذاباً أليماً.

دروس وفوائد:

(1) نعيم أهل الجنة

عرضت السورة مظاهر نعيم الأبرار في الجنة بأوصاف يسيل لها العاب وتحفز بها الهمم، وتقارن بشكل غير مباشر بينها وبين نعيم الدنيا، فقد تضمنت المظاهر والأوصاف التالية:

1 – كأس خمر:

  • مزاجها كافورا من عين يفجرونها تفجيرا.
  • مزاجها زنجبيلا من عين سلسبيل.

هذا الخمر المتوفر بلا انقطاع أو نقصان ليس كخمر الدنيا الذي يذهب العقول، ولكنه خمر يتلذذ به الشاربون.

وذكر الخمر يشير إلى إشباع شهوات النفس الجنسية والتي ترتبط في أذهان الناس بكؤوس الخمر.

2 – نضرة وسروراً:

وهي أفضل الحالات النفسية للإنسان التي يشعر بالسرور والسعادة وتعلو وجهه النضارة والبشر، وليس في الجنة ما يعكر صفو أهلها كما يحدث في الدنيا.

3 – جنة وحريراً:

والجنة تعبر عن الحدائق والبساتين، عن المنظر البديع والروائح التي تشرح الصدور، وهي من أبرز مظاهر رفاهية المرفهين في الدنيا لكن معناها أشمل وأوسع في جنة الآخرة.

والحرير هو أفضل وأمتع ما يلبسه الإنسان في الدنيا وهو لباس أهل الجنة.

ولعل تعبير “جنة وحريراً” بعد قوله “بما صبروا” يشير إلى صبرهم على عدم لبس الحرير في الدنيا وعدم الاستغراق في نعيم الدنيا.

4 – متكئين على الأرائك:

والأريكة هي السرير أو الكرسي الفاخر المريح المزين، وهو مظهر من مظاهر الرفاهية والثراء والتملك، فالمتكئ كما الملك في ملكه.

5 – لا حر ولا برد:

فالجو لطيف غاية في الاعتدال ليس فيه حر الشمس أو الصيف الذي يضيق الصدور ويستثير الأعصاب، ولا البرد القارص الذي يؤلم الجلود والعظام.

6 – ظلال وارفة وثمار دانية:

في الجنة أشجار ظلها وارف وممدود وثمارها متدلية متدنية سهلة القطف والتناول بلا مشقة لا تعتريها أتربة ولا تتطلب غسلاً هي ناضجة طازجة جاهزة لتتناول.

وهي ليست كثمار الدنيا التي تتفاوت في نضجها وتلفها وتتطلب عملاً شاقاً ومراحل متعددة لا تصل إلى المستهلك.

7 – أواني فضة وأكواب زجاج:

تقدم المأكولات في أواني من فضة والمشروبات في أكواب زجاجية مصنوعة من الفضة، وليس كأواني الدنيا المصنوعة من الألومنيوم أو الإستيل أو الخزف أو البلاستيك وليس كزجاج الدنيا المصنوع من الرمل.

والطعام والشراب يقدم وفق نظام غذائي دقيق بالكميات التي يحتاجها صاحبها فهي مقدرة بقدر سليم صحيح.

8 – ولدان مخلدون:

هم فتية غلمان ذوو حيوية ونشاط وجمال ومظهر حسن، ومن شدة جمالهم وانتشارهم تراهم كاللؤلؤ المنثور، هؤلاء الولدان لا يكبرون ولا يهرمون فهم مخلدون على هيئتهم.

9 – نعيم وملك كبير:

فهو كبير في الحجم والسعة، كبير في مظاهره، كبير في رفاهيته وخدماته، أينما ينطلق بصرك يجد نعيماً وملكاً كبيراً.

وأكبر نعيم وملك في الدنيا لا يخلو من قصور وأماكن للقاذورات والأشياء المبعثرة وتوابع صيانة …إلخ.

10 – ثياب سندس:

هي أفخر أنواع الثياب والسندس مبطن من الداخل بالحرير الرقيق الأخضر ومن الخارج بالإستبرق وهو الحرير الغليظ.

11 – أساور الفضة:

وهي من أبرز مظاهر الحلي وهي ما يرتديها ملوك الدنيا.

12 – الشراب الطهور:

هو الشراب الذي يطهر البطن من الطعام فتضمر البطن ويخرج في هيئة عرق رائحته كالمسك، فأهل الجنة لا يبولون ولا يتغوطون.

  • ورد في حديث عن عن أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بناء الجنة قالَ: لبِنةٌ من فضَّةٍ ولبنةٌ من ذَهَبٍ، وملاطُها ( الطين الذي بين اللبنتين) المسكُ الأذفرُ (شديد الرائحة)، وحصباؤُها اللُّؤلؤُ والياقوتُ، وتُربتُها الزَّعفرانُ مَن دخلَها ينعَمُ ولا يبأسُ ، ويخلدُ ولا يموتُ ، لا تبلَى ثيابُهُم ، ولا يفنى شَبابُهُم.
  • وأورد البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم عن أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَدْخُلُ الجَنَّةَ ….، لِكُلِّ امْرِئٍ منهمْ زَوْجَتَانِ، كُلُّ واحِدَةٍ منهما يُرَى مُخُّ سَاقِهَا مِن ورَاءِ لَحْمِهَا مِنَ الحُسْنِ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وعَشِيًّا، لا يَسْقَمُونَ، ولَا يَمْتَخِطُونَ، ولَا يَبْصُقُونَ، آنِيَتُهُمُ الذَّهَبُ والفِضَّةُ، وأَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ، ووَقُودُ مَجَامِرِهِمُ الألُوَّةُ ( العُودَ)، ورَشْحُهُمُ المِسْكُ.
  • وعن البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يعطي لأهل الجنة المزيد فيقول: “أُحِلُّ عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدًا”.
  • عنْ أَبِي سعِيدٍ الخدري وأَبي هُريْرةَ رضِي اللَّه عنْهُما أَنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَال: “إِذَا دخَلَ أَهْلُ الْجنَّةِ الجنَّةَ يُنَادِي مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا، فَلا تَمُوتُوا أَبداً وإِنَّ لكُمْ أَنْ تَصِحُّوا، فَلاَ تَسْقَمُوا أَبداً، وإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلا تهْرَمُوا أَبداً وإِنَّ لَكُمْ أَن تَنْعمُوا، فَلا تَبْأسُوا أَبَداً”.

رواهُ مسلم

  • عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن في الجنةِ لشجرةً يسيرُ الراكبُ في ظلّها مائةَ سنة، واقرؤوا إن شئتُم (وْظِلٍّ مَمْدُودٍ) الواقعة 30”

رواه البخاري

(انظر درس جزاء المتقين والطاغين في سورة النبأ)

(درس مشاهد من الجنة والنار في سورة المطففين)

( درس نعيم الجنة وعذاب النار في سورة الغاشية)

(2) صفات الأبرار

1 – يوفون بالنذر:

والنذر من فعل نذر أي أوجب وألزم.

والمقصود أن يوجب العبد على نفسه ما ليس بواجب.

والنذر لله يكون بطاعته كالصلاة والذبح وغيرها.

والنذر عبادة قديمة تشير إلى قوة صلة العبد بربه في حال الوفاء به.

ومفهوم النذر شامل يتضمن نذر العبد حياته لله ولخدمة دين الله وغير ذلك.

2 – يخافون يوم الحساب

“يَخَافُونَ يَوۡمٗا كَانَ شَرُّهُۥ مُسۡتَطِيرٗا”.

“إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوۡمًا عَبُوسٗا قَمۡطَرِيرٗا”.

والخوف حالة نفسية تدفع صاحبها للحذر واتخاذ سبل تأمين هذا الخوف.

سئل يحي بن معاذ من آمن الناس غداً؟ قال أشدهم خوفاً اليوم.

3 – يطعمون الطعام:

وإطعام الطعام هو إحدى الملامح المميزة للمجتمع المسلم وهو مظهر يدل عن خلق الرحمة والشفقة على خلق الله، فقلوبهم رحيمة يطعمون الطعام على حب الله للمستضعفين والمتضررين مادياً كالمسكين، ومعنوياً كاليتيم، ودعوياً كالأسير.

4 – يبتغون وجه الله:

“إِنَّمَا نُطۡعِمُكُمۡ لِوَجۡهِ ٱللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمۡ جَزَآءٗ وَلَا شُكُورًا إنا نخاف …”.

إن الدافع لإطعام الطعام هو حب الله والإخلاص لوجهه الكريم والخوف من يوم القيامة، لا يطعمون لأجل شهرة أو منصب أو مكانة أو ثناء أو تبادل مصلحة.

5 – الصبر:

“وَجَزَىٰهُم بِمَا صَبَرُواْ جَنَّةٗ وَحَرِيرٗا”.

فقد صبروا على الطاعة وعن المعصية وعلى النوازل وعن الأذى الناتج عن السير في طريق الله

(انظر الصبر الجميل في سورة المعارج)

6 – السعي:

“وَكَانَ سَعۡيُكُم مَّشۡكُورًا”.

والسعي هو المشي السريع المعبر عن النشاط والهمة واغتنام الفرص والوقت.

(انظر صاحب الهمة لابن أم مكتوب في سورة عبس)

(3) واجبات الرسول أمام أساليب المواجهة:

كان المكذبون يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم طلبات فأنزل الله “وَلَا تُطِعۡ مِنۡهُمۡ ءَاثِمًا أَوۡ كَفُورٗا”.

وفي سورة القلم “فلا تطع المكذبين” – ” ولا تطع كل حلاف مهين هماز …”.

فما هي الطلبات المرفوض طاعتهم فيها؟

طلبات المكذبين:

1- عدم العيب في آلتهم أو تسفيه أراءهم. ( عدم الانتقاد )

2- التوقف عن دعوة الناس والتأثير فيهم. ( عدم مخاطبة الناس )

3- عدم الصلاة في الكعبة. ( منع مظاهر الإسلام )

وفي مرحلة تالية تطورت الطلبات فكانت:

4- دمج دين الإسلام مع دين قريش كحل وسط. ( تنازل عن المبادئ )

5- إبعاد الضعفاء والعبيد والإماء وطردهم من الدعوة. ( تفريق وزرع شقاق )

6- إلغاء بعض آيات القرآن. ( تغير الفكر )

وفي مرحلة أخرى أصبحت الطلبات تعجيزية مثل:

7- أن يفجر ينبوعاً من الأرض – تكون له حديقة داخلها أنهار – يسقط السماء – يأتي بالملائكة – يكون له بيت من ذهب – يتخذ سلماً إلى السماء – ينزل كتاب على كل واحد منهم – يسير الجبال – يقطع الأرض – يبعث آباءهم الموتى.

أساليب المواجهة:

1- الترغيب بالإغراءات:

عرضوا عليه أن يجمعوا له المال فيكون أغنى الناس، وعرضوا عليه أن يزوجوه أجمل 10 نساء بمكة، وعرضوا على أن يسوده ملكاً عليهم مقابل تنفيذ طلباتهم.

كتب ريتشارد ب ميشيل أحد كبار العاملين في رصد الرموز الإسلامية في الشرق الأوسط في تقرير عن الإغراءات التي أوصى باستخدامها ضد الرموز فقال:

  1. إغراؤهم عبر تعينهم في الوظائف العليا، والإغداق عليهم أدبياً ومادياً وشغلهم بمشروعات غير مضمونة.
  2. توريط أصحاب المال منهم في مشروعات مشبوهه.
  3. استقدامهم بعقود عمل في الخارج لإبعادهم عن النشاط.

2- الترهيب بالأذى:

1 – تشويه الداعي:

يشعون في الناس أنه ضال أو مجنون أو كاهن أو ساحر، ويجعلون منه مادة للسخرية والاستهزاء.

2 – الحصار:

سواء كان حصاراً أمنياً بالسجن أو اقتصادياً بقطع التعامل المالي أو اجتماعياً بعدم التواصل أو المصاهرة.

وقد حاصروا النبي والمسلمين في شعب أبي طالب وعقدوا التحالفات للاشتراك في الحصار.

3 – المطاردة :

كان أبو لهب يطارد تحركات النبي صلى الله عليه وسلم ويسير خلفه يكذبه.

وطاردت قريش جموع المهاجرين إلى الحبشة وتوسطوا إلى ملكها لأجل تسليم المسلمين.

ولم تنقطع المطاردة خلال أحداث الهجرة إلى المدينة.

4 – القتل:

وقد تعددت محاولات اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم في مكة وفي المدينة.

واجبات الداعي:

1 – الصبر:

“فاصبر لحكم ربك”.

(انظر الصبر الجميل في سورة المعارج)

2 – عدم طاعتهم:

“ولا تطع منهم آثماً أو كفوراً”.

3 – الذكر والصلاة والتسبيح:

“واذكر اسم ربك بكرة وأصيلاً”.

” ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلاً طويلاً”.

(انظر دروس ذكر الله وقيام الليل في سورة المزمل)

(انظر دروس الصلاة والتسبيح في سورة الأعلى)

(4) فوائد أخرى

1- نموذج التذكرة في سورة الإنسان:

تقدم سورة الإنسان نموذجاً للتذكرة والوعظ وهي مفيدة للدعاة إلى الله ليسروا على نهجها في الوعظ وقد اشتملت على الاتي:

1- مقدمة:

كيف بدأت حياة الإنسان؟

ومن الذي خلقه؟

2- لماذا خلق الله الإنسان؟

الإجابة لاختباره.

3-كيف عان الله الإنسان لينجح في الاختبار؟

الإجابة:

  • جعله سميعاً بصيراً ليتمكن من التميز بين الحق والباطل.
  • هداه السبيل الذي يرشده إلى الجنة.

4- الترغيب في الجزاء العظيم الذي ينتظر من يسير في طريق الله.

5- بيان الصفات والأخلاق التي تؤهل لدخول الجنة.

6- إستثارة نوازع الإرادة بأن ترك لهم حرية الاختيار دون إجبار.

2- وتميزت نموذج العرض أوصاف وأخلاق أهل الجنة أثناء الحديث عن صفات النعيم، فقد جاء ذكر الأخلاق في منتصف حديث النعيم وهو أسلوب يحفز على اتخاذ هذا السلوك لبلوغ النعيم.

3- مظاهر النعيم في الجنة اشتملت على ما هو أعلى من تصورات الإنسان عن أفضل مستوى رفاهية في الدنيا، وقد تضمنت فيما تضمنت:

الثروة، الملك، الحدائق والأنهار، أفخم الملابس والحلي، الخدم والحشم والأواني، إشباع شهوات الخمر والنساء وكافة الشهوات.

واجبات:

  1. الاتعاظ بالتذكرة والالتزام بالإسلام وتعاليمه.
  2. الوفاء بالنذر.
  3. استشعار الخوف بأهوال وعذاب يوم القيامة.
  4. إطعام الطعام حب الله وابتغاء رضاه.
  5. الصبر.
  6. بذل الجهد في الدعوة إلى الله مع الصبر والوعي بأساليب الدعوة.
  7. ذكر الله والصلاة والتسبيح.

توصيات:

1- ارسم شخصاً يحمل حقيبة طعام ويطرق باب منزل واكتب تحتها ويطعمون الطعام على حبه.

2- اكتب ورقة بالأساليب المعاصرة لمواجهة الإسلام والدعاة إلى الله مع توصيات بكيفية التغلب على ذلك.

3- تتبنى بعض الهيئات المساكين والأيتام والسرى قم بدعم هذه الهيئات.

4- خصص يوماً أو بعض يوم مع أصدقائك لطاعة الله يتضمن الصيام وذكر الله قبل غروب الشمس وقبل شروقها والصلاة في جوف الليل وتلاوة القرآن والتسبيح.

الأسئلة:

1- مامعنى:

أمشاج – نبتليه – يوفون بالنذر – قمطريرا – زمهريرا – قواريرا – سلسبيلا – العاجلة – شددنا أسرهم.

2- اذكر مظاهر نعيم الجنة الواردة في سورة الإنسان؟

3- ماهو ثياب السندس؟

4- ماذا تعرف عن الشراب الطهور؟

5- اذكر صفات الأبرار الواردة في سورة الإنسان؟

6- ماهي طلبات المكذبين التي طلبوها من محمد صلى الله عليه وسلم؟

7- استخدم المكذبون أسلوبي الترغيب والترهيب مع النبي صلى الله عليه وسلم لأجل إثناءه عن الدعوة. اذكر هذه الأساليب؟

8- ماهي واجبات الداعي الواردة في سورة الإنسان؟

9- ماهي مكونات نموذج التذكرة التي وردت في سورة الإنسان؟

تدبر جزء عمّ

تعليق واحد

  1. بارك الله فيكم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *