السبت , أبريل 27 2024

سورة المدثر 31 : 56 | تفسير وشرح ودروس

فيما يلي تفسير وشرح ودروس سورة المدثر 31 : 56 ضمن سلسلة تدبر القرآن الكريم التي كتبها أحمد السيد، والتي تتضمن دروساً وفوائد من الآيات مع واجبات ووصايا نهاية السورة.

قد يهمك:

سورة المدثر 31 : 56 | تفسير وشرح ودروس

معاني كلمات سورة المدثر:

عدتهم عددهم
الذين أوتوا الكتاب اليهود والنصارى
أدبر ولى وذهب
أسفر أضاء وانكشف
الكبر العظائم الكبيرة
اليقينأي الموت
حمر الحمر الوحشية
قسورة أسد

شرح سورة المدثر:

وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ (31) كَلَّا وَالْقَمَرِ (32) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً (52) كَلَّا بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (53) كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (55) وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)

وما جعلنا خزنة جهنم إلا ملائكة، هل يستطيعون مواجهة الملائكة؟

وما جعلنا عددهم هذا – تسعة عشر – إلا فتنة وإضلالاً للذين كفروا حتى قالوا ما قالوا ليتضاعف عذابهم.

وأيضاً ليتيقن ويتأكد الذين أوتوا الكتاب (اليهود والنصارى) أن ما جاء في القرآن (العدد تسعة عشر) جاء موافقاً لما عندهم في كتبهم، ويزداد الذين آمنوا إيماناً لما رأوا موافقة أهل الكتاب لهم، ولا يرتاب أو يشك أهل الكتاب والمؤمنون فيما يأتي من عند الله.

وأيضاً ليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون: ماذا أراد الله بهذا العدد المستغرب؟

كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو، وما سقر وخزنتها إلا تذكرة للبشر ولكل العالم أجمع.

كلا .. ليس الأمر هزلاً كما يقولون، فالأمر جد خطير.

أقسم بالقمر الذي يضئ لكم ظلام الليل، وبالليل حين يذهب ويدبر، وبالصبح حين يضيء ويسفر، إن النار وعذابها، وخزنة النار وغلظتها لإحدى الدواهي والبلايا الكبر.

إنه نذير للبشر، لمن أراد منكم أن يتقدم بالطاعة أو يتأخر بالمعصية.

كل نفس مرهونة بما كسبت من معاصي، إلا أصحاب اليمين فإن حسناتهم تمحو سيئاتهم، فهم في جنات يتسألون عن المجرمين، ما سلككم في سقر؟

قالوا: لم نكن من المصلين ولم نكن نطعم المسكين، وكنا نخوض بالباطل والإثم مع الخائضين، وكنا نكذب بيوم الدين، حتى أتانا الموت ورأينا اليقين.

فلا يظن ظان أن أمثال هؤلاء سيستفيدون من شفاعة الشافعين، لن تنفعهم وهم ليسوا من أهلها.

فما لهم – بعد كل هذا – عن التذكرة معرضين؟

كأنهم حمر وحشية تفر من أسد كاسر!

ويريد كل امرئ منهم أن ينزل عليه كتاب خاص به من السماء!

كلا .. ليسوا أهلاً لذلك، بل هم أساساً لا يخافون الأخرة.

كلا .. ليس الأمر هزلاً ولعباً، إنه تذكرة للتذكر والاعتبار، فمن شاء انتفع بها واتعظ واستجاب.

وما يذكرون إلا أن يشاء الله، هو سبحانه أهل لأن يتقى ويطاع، وهو أهل لأن يغفر لمن اتقاه وأطاعه.

دروس وفوائد:

(1) لماذا الرقم 19؟

قال الألوسي: روي عن ابن عباس أنه لما نزلت “عليها تسعة عشر”، قال أبو جهل لقريش: ثكلتكم أمهاتكم، أسمع ابن أبي كبشة – يعني محمداً – يخبركم أن خزنة النار تسعة عشر، وأنتم الدهم – أي العدد الشجعان – أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل منهم؟ فقال أبو الأشد الجمحي: – وكان شديد البطش – أنا أكفيكم سبعة عشر فأكفوني أنتم اثنين، فأنزل الله “وما جعلنآ أصحاب النار إلا ملائكة”.

وقد بينت الآيات أن الحكمة هي فتنة وإضلال الذين كفروا، وزيادة الإيمان الذين آمنوا، وليعلم من يعلم أن جنود الله وعددهم وقدراتهم لا يعلمها إلا الله، فلا يستطيع أحد معرفة ما في الغيب إلا من عند الله.

إن المتدبر في آيات الله يلحظ أن الله يكشف عما يريد من عالم الغيب ويمسك عما يريد، والمؤمن يتلقى ذلك بالتسليم والتصديق، أما المكذب المعاند فيجادل جدلاً عقيماً مثل:

لماذا العدد 19؟

ما هو موعد يوم القيامة؟

ما هو شكل الصور؟

وكيف يتم النقر في الناقور؟

إلى غير ذلك من الأسئلة التي لا تفيد، وتشغل صاحبها عن القضية الرئيسية والخطر الداهم والبلوى العظمى.

إن المعاند المستكبر لا ينتفع بالتذكرة، وإنما يلهو ويلعب بها ويخوض مع الخائضين، أما المسلم فلا ينشغل بما لم يخبر به الله ويقف عند حدود النص الوارد.

(2) الربوبية

الرب في اللغة هو المالك والسيد والمنعم والمربي.

وكلمة رب تطلق على الإنسان مثل رب الدار أي صاحبها، أما كلمة الرب (بالألف واللام) فلا تطلق إلا على الله.

وعالم رباني أي راسخ في العلم، وعبد رباني أي أنه يحي وفق منهج الله.

ومن معاني الرب أنه خالق، ورازق.

ولفظ الرب مشتق من التربية، فالأب يربي أولاده لكنه لم يخلقهم ولم يرزقهم، والمعلم مربٍ أي يقيم توجيهاته ويتابع ويحاسب ويضيق ويشدد ويكافئ ويعاقب.

وإذا ما قلنا الله رب العالمين أي خلقنا وأمدنا ووجههنا، فقد أعطى نعمة الإمداد ونعمة الهدى والإرشاد.

واسم الرب بمشتقاته مذكور في كثير من آيات القرآن الكريم، وقد ذكر في سورة المدثر في مواضع:

“وربك فكبر- ولربك فاصبر – وما يعلم جنود ربك إلا هو”.

المدثر

“سبح اسم ربك الأعلى”.

سورة الأعلى (1)

رب العالمين أي عالم الإنس والجن والطير وغيرها.

عَنْ شَدَّادِ بْنُ أَوْسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، قال: “سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي، إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، قَالَ: وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ”.

رواه البخاري

(انظر درس الربوبية في سورة الانشقاق)

(3) فوائد أخرى

  • سورة المدثر هي مرجع هام للداعي إلى الله، ففيها تعليمات وأوامر ومقومات تتضمن استنهاض الهمة ومتطلبات القيام بها، كما تتضمن بيان عملياً على سنة الله في الدعوات، وهي التكذيب والصد والسخرية واللعب من خلال عرض نموذج فج للمعاند المكذب، وكيف تولى الله محاربته وعذابه.
  • تضمنت السورة أسلوب السخرية من أحد رموز الكفر دون ذكر اسمه، وأيضاً السخرية من سلوك المعارضين عن التذكرة، وهو أسلوب لاذع رادع مؤثر.
  • “كلا والقمر والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر”

أقسم الله بهذه الظواهر الفلكية لإثبات حقيقة غيبية وهي النار وخزنتها، وكأن الآيات تقول:

إن هذا العالم الغيبي الذي لا ترونه كمثل ظلام الليل لا تستطيعون رؤية ما فيه، وإنما نخبركم به من هذا الغيب كمثل القمر الذي يضئ لكم جانب من هذا العالم الخفي فتنتفع بأموره.

وكما أن الليل سيدبر ويذهب ظلامه والصبح سيسفر وينكشف ظلامه، فإن هذا العالم الغيبي سيظهر وينكشف في يوم القيامة.

وإذا كانت قدرات الإنسان لا تستطيع استيعاب كل ما في عالم الظاهر أو عالم الشهادة، فكيف له أن يستوعب مافي عالم الغيب.

  • إن عندما المجرمين حينما وصفوا المجتمع المؤمن وصفوهم بالتالي:

الصلاة وإطعام المسكين وهما بالفعل المظهران الرئيسيان للمجتمع المسلم.

(انظر دروس الصلاة وإطعام المسكين في سور الحاقة \ المعارج \ الأعلى \ الفجر)

  • موجبات العذاب وكيفية النجاة:

1- عدم الصلاة، والنجاة :(عقيدة سليمة، وعبادة صحيحة).

2- عدم إطعام المسكين، والنجاة (خلق متين وأبرزه الرحمة).

3- الخوض مع الخائضين، والنجاة: (مجاهدة النفس وآفاتها – ولينظر أحدكم من يخالل).

4- التكذيب بيوم الدين، والنجاة: (الإيمان باليوم الأخر والاستعداد له).

  • السورة توسعت في الحديث عن المجرمين المكذبين المعاندين، ولم تشر إلى أصحاب اليمين إلا بشكل عابر وفي سياق محاورتهم بالمجرمين وهم يعذبون.

وهذا التناول يتسق مع الجو العام للسورة الذي يتحدث عن الإنذار، ومن يستخفون بهذا الإنذار.

  • الخطاب نزل للنبي صلى الله عليه وسلم وأشار إلى أحد كبراء المجرمين، لكنه لم يذكر أسماء، فالخطاب موجه لكل مسلم داعٍ إلى الله كما هو موجه لكل معاند مستكبر يسخر من الدعاة ومن الإنذار.

واجبات:

1- التسليم المطلق بكل ما جاء من عند الله تصديقاً وإيماناً.

2- التدبر في القمر والليل حين يدبر والصبح حين يسفر.

3- الحرص على الصلاة وإطعام المسكين.

4- الإطلاع على السيرة النبوية ومعرفة الظروف التي نزلت فيها الآيات.

5- الإهتمام بالتذكرة، والإستماع إلى الموعظة، وعدم الإعراض عنها.

توصيات:

بعد صلاة الفجر، تدبر في إدبار الليل، وإقبال الصبح مع ترديد أذكار الصباح.

ويمكن ذلك من فوق سطح المنزل، أو من مكان مرتفع، أو في الوقوف في مناطق خلوية، أو جبلية، أو شاطئية.

الأسئلة:

1- ما معنى:

عدتهم – أدبر – أسفر – الكبر – قسورة.

2- أقسم الله في سورة المدثر بالقمر والليل والصبح – ما علاقة ذلك بموضوع القسم؟

3- ماهي أبرز مظاهر المجتمع المسلم التي شهد بها المجرمون؟

تدبر جزء عمّ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *